IMLebanon

الإنتخابات، وامتداداتها إلى بلدان الإغتراب

 

 

كثر التداول في هذه الأيام حول المستجدات المقلقة بما تعلّق بدعوة المغتربين اللبنانيين للمشاركة الواسعة في الإنتخابات النيابية المقررة في شهر آذار المقبل، وسط اعتراض على موعدها المذكور سعياً من رئاسة الجمهورية (وبالتالي… من رئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل) إلى إيجاد معالجة ما لوضعية التيار وما تكابده في ظروف هذه الأيام الحافلة بالتطورات والمجابهات والمعالجات، خاصة ما تعلق منها بالمواقف الخليجية التي طاولت الوضع اللبناني بجملة من المواقف القاسية والصارمة، فانصبّت على لبنان واللبنانيين دفعة واحدة، حيث أسهمت في مزيد من طوفان الأحداث السلبية التي زادت في إغراق وطننا المنكوب في أعماق جهنم، وبئس المصير التي سبق أن بُشرنا بها، وتحققت مع الأسف، نبوءاتها الرئاسية التي أطبقت على أحوال اللبنانيين، جوعاً وبؤساً ومعاناة طاولت غالبيتهم الكاسحة في كل الحقول والميادين.

 

وتطفو على الساحة العامة جملة من الإهتمامات الموجهة إلى تأجيج استقطاب الجموع اللبنانية المنتشرة في بلاد المهجر لتكثيف المشاركة في الإنتخابات النيابية المقبلة والتي أُقفل باب المشاركة الإغترابية بها في نهاية الأسبوع المنصرم، وكانت نتيجتها أن أعرب قرابة المايتين وخمسين ألف مغترب لبناني عن رغبتهم في التصويت، كلٌ في سفارة البلد الذي هاجر إليه، وبعد انقضاء هذه المهلة، على تلك الحصيلة التي اعتبرها البعض، قد «فاقت كل التوقعات» الإيجابية بالمقارنة مع احتسابات السنوات الأخيرة التي كانت أكثر ضمورا وتواضعا، خاصة بعد كل تلك الإهتمامات الحزبية والدعايات الإعلامية التي واكبتها من قبل بعض الفئات الحزبية التي بكّر ممثلوها في السفر إلى بلدان الإغتراب المختلفة وتنظيم الحملات الدعائية وإجراء الإتصالات الهاتفية بما تيسّر لها من هواتف المواطنين المغتربين، وقد سادت الأجواء العامة مواقف تذهب إلى أن أرقام تلك الهواتف قد سُرّبت إلى من طاولتهم بواسطة «وزارية» محلية، (وزارة الخارجية) وفقا لمزاجها السياسي وطموحات مراجعها لتعزيز نتائجها الإنتخابية المقبلة، التي يتوقعها ويرجوها كلّ فريق لحزبه وطموحاته.

 

وعليه، فقد عممت ملاحظات لبعض الجهات المسؤولة بأن، المشاركة في تسجيل أسماء الراغبين قد فاقت بكثير، نتائج سنوات سابقة، مع الإشارة إلى أن الجمهور اللبناني المغترب، يفوق بأضعاف كثيرة أعداد اللبنانيين المقيمين، وأنّ عدد الذين أرسلوا أسمائهم إلى السفارات اللبنانية في بلدان الإغتراب، لا يتناسب إطلاقا مع حجم اللبنانيين في كل من تلك البلدان، آخذا بالعلم بأن مجمل الذين تحمّسوا للتسجيل، ليس هناك ما يدفع إلى الإعتقاد بأنهم سيشاركون جميعا في العملية الإنتخابية في سفارة بلادهم، خاصة وأن ظروف كل منهم بما فيها المسافات الشاسعة التي قد تفصلهم عن موقع وجودها، ربما سيشكل عائقا أساسيا قد يحول دون وصولهم إليها بسهولة، وإلى إتمام عملية التصويت على خير وشمولية وسلامة.

 

وضع الخارج الإنتخابي إذاً، في واقعه العملاني، لا يختلف كثيرا عن الوضع الداخلي، خاصة بعد أن تسرّب منه إلى الخارج آلاف مؤلفة من اللبنانيين الذين دفعتهم الظروف القاسية وأوضاع التدهور الحياتي العامة، إلى الهجرة حيثما مكنتهم أحوالهم والظروف. من الوصول إليه ومحاولة الإستقرار فيه، وخاصة إذا ما أخذنا بعين الإعتبار واقع الممتنعين عن المشاركة في العملية الإنتخابية لأكثر من دافع وأكثر من سبب، علما بأن همّة المندفعين إلى تغيير الأوضاع بالوسيلة الإنتخابية، قد خفّ بعضُ بريقها نظرا لما طاول شريحةً هامة من «الثوار» الذين شاركوا في أحداث الرابع من تشرين من العام الفائت من إحباط، وبقدر ما ازداد حماس بعضهم للإنطلاق مجددا من المناسبة الإنتخابية، فإن بعضا آخر، قد راوده التردد، وربما التراجع إلى المواقع السلبية.

 

نذكر كل ذلك، لنستنتج خاصة أن الوضع الإنتخابي الإغترابي ما زال يشكو من الكثير من السلبيات التي يمكن أن تحقق كثيرا من الآمال المعقودة على التطورات الإغترابية الحاصلة قولا وفعلا لاختراق ما أمكن من الساحات الإنتخابية المحلية، مع الإشارة في مطلق الأحوال إلى أن التحولات المحلية تذهب الإحصاءات التي أجريت حديثا، إلى أنها في أرجح الأوضاع، وبالرغم من بعض التقدم الذي أحزرته الجهات «الثورية»، فإن معظم الأحزاب القائمة، ستبقى قريبة من سابق أوضاعها ومواقفها، خاصة تلك المنتمية إلى حزب الله وحركة أمل، حيث تتحكم بها ثوابت مذهبية ومناطقية مستمرة، بينما تؤكد بعض الإستفتاءات الإستعلامية على تراجع ملحوظ في الأعداد والمواقع والطموحات التي طاولتها جملة من النكسات، وفي طليعة الذين طاولهم التراجع، التيار الوطني الحر، وما أدلى به فخامة الرئيس في خطابه الإستقلالي كما وفي تصريحاته الإعلامية الأخيرة، بما يؤكد على اضطراب مستجد في تحقيق طموحاته المستمرة إلى تجديد رئاسته، دون أن يعني ذلك تراجعه عن استمرار مراقبته لتطور الأحداث، خاصة منها ما تعلق بمصير الآمال التي كانت معقودة على ترئيس النائب جبران باسيل كخليفة منتظر، والتي تزداد قناعة الكثيرين بأنها قد باتت موصدة الأبواب في كل المسالك التي قد تؤدي إليها، خاصة مع استمرار المواقف الحادة التي تعمد حركة أمل إلى إطلاقها في موجة من الممانة لهذا التعميم الرئاسي، دون أن نغفل شراسة المقاومة لهذا التوجه والتي تبديها بعض الجهات المسيحية، خاصة منها تلك التي تستند إلى طموحات رئاسية مقابلة، نابعة من صلب المكونات المسيحية الرئيسية وخلافاتها الحادة.