IMLebanon

“كلّنا إرادة” و”نحو الوطن”… و”معارك” التحالفات والدولارات والفتن

 

يعيش الشعب اللبناني اختناقاً لا مثيل له بفعل الأزمات المتلاحقة التي لا ترحم، وسط جوّ تشاؤمي بسبب أداء الحكومة الجديدة.

 

ضاق اللبناني ذرعاً بكل ما يحصل، وذاق الذلّ المرّ وكفر بكل السلطة الحاكمة، فمع كل إشراقة شمس هناك مصيبة جديدة. فمن أزمة إحتجاز وسرقة أموال الناس في المصارف إلى فقدان الدواء وطوابير الذلّ أمام المحطات وصولاً بالأمس إلى إنقطاع الكهرباء التام، كلها عوامل جعلت المواطن يترقّب لحظة الإنتخاب لكي يحاسب.

 

لكن الحقيقة أن المواطن الذي يُفكّر بالإقتراع خارج منظومة السلطة يجد نفسه أمام إحتمالين لا ثالث لهما، إما الجلوس في المنزل وعدم التصويت أو الذهاب إلى “الصندوقة” والإقتراع بورقة بيضاء، والسبب الأساسي أن الإنتفاضة التي راهن عليها الشعب لم تفرز حتى الساعة قيادة موحّدة وهادفة. فعلى سبيل المثال، لم تتّحد قوى المعارضة على إختلاف تلاوينها، وتطرح خطة عمل تنطلق من إسترجاع هيبة الدولة ودعم الشرعية عبر جمع كل السلاح غير الشرعي، وصولاً إلى طرح مشاريع إصلاحية تُعيد لبنان إلى السكّة الصحيحة.

 

والشرط الأساسي لتوحيد المعارضة هو خطّة العمل وخوضها الإنتخابات بـ128 مرشحاً في كل الدوائر وعندها تتّضح الصورة، فإما يكون الشعب فعلاً مع التغيير ويصوّت لبرنامج معارض واضح وإما على الدنيا السلام.

 

لكن ما هو مؤسف حسب ناشطين من المجتمع المدني يكمن في تشرذم قوى الإنتفاضة، وتنافس مجموعاتها على الحصص وعلى مقاعد غير مضمونة، وسط غياب الأسماء اللامعة التي يمكن من خلالها مواجهة أهل السلطة، وبالتالي فإن الأمور لا تزال تدور في حلقة مفرغة ما يعطي دفعاً وقوةً لتلك الأحزاب المتحكمة بالأغلبية البرلمانية وبرئاسة الجمهورية والحكومة وبقية مؤسسات الدولة.

 

وتعتبر منصّة “نحو الوطن” ومجموعة “كلّنا إرادة” من أهمّ منصّات الثورة التي تنشط على الأرض وخصوصاً في الدوائر المسيحية، لكن لكل منصّة شروطها وهنا وقع الإختلاف الفعلي.

 

وفي التفاصيل، فإن مجموعة “كلّنا إرادة” تريد التحالف مع حزب “الكتائب” والنواب الذين إستقالوا من المجلس النيابي بعد إنفجار المرفأ، في حين أن منصة “نحو الوطن” ترفض هذا الأمر بالمطلق وتعتبر أن المعركة هي مع كل القوى السياسية بمن فيهم حزب “الكتائب” والنواب المستقيلون وتبحث عن دم جديد.

 

وإذا كانت مجموعة “كلّنا إرادة” قد حسمت تحالفاتها بنسبة كبيرة مع رئيس حركة “الإستقلال” ميشال معوّض و”الكتائب” في دائرة الشمال الثالثة، ومع النائب المستقيل نعمة افرام في كسروان و”الكتائب” في المتن، إلاّ أن منصّة “نحو الوطن” لا تزال عند موقفها الرافض لمثل هكذا تحالفات وهي تفتقد الديناميكية المطلوبة في أقضية جبل لبنان الشمالي، وتركّز معظم نشاطها حالياً على دائرة الشمال المسيحي.

 

وإذا كانت التحالفات أحد أهم أسباب التباين، فإن الصدام الأقوى وقع بين “نحو الوطن” و”كلّنا إرادة” على جذب المتموّلين، وتشير المعلومات إلى أنّ “نحو الوطن” كانت تسعى إلى الحصول على تمويل لخوض غمار الإستحقاق النيابي في كل لبنان، إلا أن “كلّنا إرادة” إستطاعت “تشليحها” القسم الأكبر من هذا التمويل وحاولت إبتزاز “نحو الوطن” لفرض تحالفها مع “الكتائب”، ووقع الصدام الكبير.

 

ليست القضية في تسليط الضوء على تمويل المجموعات سواء من الداخل أو الخارج، لأن القسم الأكبر من القوى السياسية معروف من أين يأتيه التمويل والمال السياسي، بل إن القضية هي في طريقة التعامل بين المجموعات والتي لا تفرق عن أداء السلطة، فهذه المجموعات التي تقول إنها تريد التغيير لا تستطيع الإتفاق قبل الإنتخابات فكيف ستواجه السلطة؟ وفي حال نجحت كيف سيكون سلوكها، وأي خيارات تنتظر الناخب اللبناني الذي بات ينظر إلى السلطة والمعارضة بنفس الطريقة، لأن الجميع يلهث وراء الكرسي ولا يريد أحد إنقاذ البلد من آلامه وأزماته ونار الفتن “النائمة”؟