IMLebanon

«شوبرة» بلا نتيجة

 

 

إشتعل الخلاف في موضوع معمل كهرباء دير عمار بين فريقين سياسيين، وتطور الى درجة المطالبة بمحاكمة، لتبيان الحقيقة في موضوع الاتهامات المتبادلة.

 

وكل فريق بدأ بالشوبرة وسرد الحقائق كما يراها، وما النتيجة التي تحققت؟ أتباع كل فريق لن يغيّروا قناعاتهم وسيصدّقون أقوال فريقهم السياسي، اما الآخرون وهم الاكثرية، يتفرجون غير قادرين على تحديد الحقائق، لأنّهم لا يملكون المعلومات والتفاصيل.

 

الملفت في موضوع الخلاف، انّ الكتلتين السياسيتين تحدّتا بعضهما لبعض في التوجّه الى المحاكمة، وفي إظهار كل ما يملكه كل فريق من معطيات.

 

والسؤال البديهي الذي نسأله هنا: «هل كانت الامور ستصل الى هذه المرحلة من الإهانات المتبادلة لو توافرت الشفافية المطلقة، ولو كانت كل وثائق القضية، من العقود الى القرارات، متوافرة على المواقع الالكترونية ليطّلع عليها الشعب؟».

 

فلنقم اليوم بتمرين بسيط في هذا السياق، ونطبّق نظرياً الشفافية على هذا الخلاف. فبدل التوجّه الى المحاكمة والقضاء، فليكن الشعب هو القاضي، لتبدأ كل وزارة معنية من وزارتي الطاقة والمال وغيرهما كما ديوان المحاسبة، بنشر كل الوثائق الرسمية والمراسلات والتقارير المتعلقة بهذا الملف. ونعني بذلك تطبيق الشفافية منذ اول لحظة في البدء في التفكير بالمشروع:

– أول مراسلة رسمية لطلب تشغيل معمل دير عمار.

– كيف تمّ التواصل مع الشركة التي فازت بالعقد، وكيف تمّت المناقصة والدفاتر الفنية التي تمّ إعدادها؟

– كافة التقارير والعقود وقرارات مجلس الخدمة والردود المتبادلة الرسمية.

– القرارات المتعلقة بالضريبة على القيمة المضافة وتواريخها.

 

أي كل مراسلة من اليوم الاول وصولًا الى آخر مستند من القضية، بتفاصيلها التامة، علماً انّه يتمّ تسريب قرار من هنا او مراسلة من هناك، يستعملها كل طرف سياسي لإثبات وجهة نظر معينة، الّا انّ هذا غير كافٍ ومجتزأ. على الملف بكافة تفاصيله ان يكون متوافراً من دون نواقص لنفهم التسلسل الزمني.

 

سيثبت هذا التمرين الصغير للجميع انّ الشفافية هي حل اساسي لوقف النزاعات وتبيان الحقائق وتحديد المسؤوليات. وضع الحقائق أمام الناس سيبيّن من المسؤول عن هدر مال الدولة، وخصوصاً انّ هناك دعاوى قضائية بحق الدولة ومطالبة بتعويضات بسبب التأخير او الانسحاب من العقد، الخ … ستظهر الوثائق كيف تمّ التواصل مع الشركة، بطريقة رسمية والشروط الموضوعة، وإذا كانت هناك اي شركات اخرى تقدّمت؟ وكيف تمّت تسوية موضوع التحكيم الدولي بعدما تمّ تحويل العقد إلى عقد شراء طاقة طويل الأمد – يسمّى PPA – لمصلحة شركة لبنانية؟

 

نخشى ان تتمّ مصالحات تحت الطاولة وتضيع الحقائق مجدداً. يجب ان يكون الشعب هو القاضي، لأنّ ما يتمّ التداول به ليست قضايا شخصية عالقة بين طرفين، هي تتعلق بالمال العام وبحياة الناس، وخصوصاً انّه يُحكى عن هدر بقيمة 12 مليار دولار جراء الفوضى في الملف.