IMLebanon

«الكهرباء» و«المياه» تـلاحق الفقراء بالفواتير وتـتغاضى عـن نافذين وأغنياء فواتيرهم بالمليارات

 

 

في وقت تبحث فيه الدولة اللبنانية عن حلّ مالي يرفعها من القعر الذي وضعت نفسها فيه على مدى 30 عاما، خرجت أخبار متضاربة تتحدث عن جولة وفد صندوق النقد الدولي، فالبعض وجدها سلبية وغيرهم رآها إيجابية، ولكن ما يهمّ هو أن الحقيقة ستظهر بالأيام المقبلة من خلال الإجراءات التي يُمكن أن تتّخذها الحكومة اللبنانية.

 

تعاني الخزينة العامة من نقص في الإيرادات، الأمر الذي يجعل أرقام موازنة 2020 غير دقيقة، تماما كما حصل مع أرقام موازنة 2019 التي تبعثرت في الفصل الأخير من العام الماضي، ولأجل سد هذا النقص يبدو أن بعض الجهات والمؤسسات ستعمد الى «المكر»، فكيف ذلك؟

 

نتحدث عن «المكر» لأن ما تفعله شركات مقدمي الخدمات العاملة في قطاع الكهرباء يُمكن أن يندرج تحت هذا العنوان، اذ أنه ولو كان من حقّ الشركات أن تحصّل فواتيرها، الا أنها لا تستطيع في ظروف البلد الحالية أن تقطع التيار الكهربائي عن المواطنين لأجل فواتير عمرها اكثر من 36 شهرا، ومن دون أي سابق إنذار، بحسب مصادر مطلعة، مشيرة الى أن قرارا اتخذ بأن يتم إيقاظ الفواتير النائمة وتفعيل العمل عليها، لتحصيل المال، ويُعنى بذلك الفواتير القديمة غير المدفوعة، وإيقاظها يعني رميها بوجه اللبنانيين وقطع التيار الكهربائي عن منازلهم لأجل إلزامهم بالدفع في وقت قصير جدا.

 

تعلم المصادر أن من حقّ الشركات ومؤسسات كهرباء لبنان أن تُحصّل أموالها من اللبنانيين، ولكن هل تعلم هذه الشركات أن فواتير الكهرباء لا تسير ضمن الخط الزمني اللازم؟، وألا تعلم أن الفواتير المصدّرة في شهر شباط الحالي من العام 2020 تعود الى شهري تمّوز وآب من العام 2018، وفي بعض الأمكنة الى ما قبل ذلك؟، ما يعني أن اللبنانيين يدفعون اليوم فواتير العام 2018 وما قبل، وهذا الأمر انعكس سلبا على علاقات أصحاب المنازل والمستأجرين، خصوصا أن المستأجر الذي يتوجب عليه دفع فواتير الكهرباء عن المدة التي كان يشغل المأجور بها، قد يكون قد ترك المأجور.

 

منذ أسبوعين قُطعت الكهرباء عن أكثر من منزل في بيروت بسبب فواتير نائمة تعود الى عامي 2016 و2017، ورغم عدم وجود أي إنذار بشأن هذا الأمر، وفي هذا السياق علمت «الديار» أن نوم الفواتير أو تأخرها سببه الخلاف على الصلاحيات بين من يتولى مسؤولية جباية المتأخرات وقطع التيار، والذي كان قائما بين مؤسسة كهرباء لبنان وشركات مقدمي الخدمات، وتضيف المعلومات: «الشركات لا تلتزم بالنظام الذي كان متّبعا في مؤسسة كهرباء لبنان، اذ لا تُرسل إنذارا بشأن ضرورة الدفع، بل تقطع التيار فورا».

 

وتكشف المصادر أن لمؤسسة كهرباء لبنان في ذمة عدد من النافذين والسياسيين والمؤسسات والبلديات ورجال الأعمال مبالغ خيالية، بمليارات الليرات، لم تُجبى بعد، ولم يُقطع التيار عنها لأسباب مجهولة، مشيرة الى أن الأمر الإيجابي في هذا الموضوع هو تحرك المعنيون في مؤسسة كهرباء لبنان لأجل الحجز على عقارات المتخلفين عن الدفع، أو سياراتهم، إنما العملية الواجب اتباعها بعد الحجز أي البيع في المزاد العلني لم تكتمل فصولها القانونية بعد، رغم أن الحجز على الأملاك يؤدي الى نتائج جيدة بحيث يسعى المتخلف لتصحيح وضعه لأجل إزالة الحجز.

 

إن هذا الأمر يُعيدنا الى ما حصل في العام 2016 عندما تمّ نشر بعض أسماء النافذين الذين لا يدفعون فواتير الكهرباء، وبحسب العارفين فإن بعض المبالغ المستحقة على واحد من النافذين تساوي المبالغ المستحقة على 50 مواطن تقريبا.

 

بعد انخفاض نسبة الجباية في مؤسسة كهرباء لبنان ما بين عامي 2011 و2018، وارتفاع كلفتها بمقدار 70 ألف دولار أميركي بالشهر الواحد، تلجأ المؤسسة اليوم لمفاجأة اللبنانيين بفواتيرهم. هذا بالنسبة الى الكهرباء، فماذا عن الماء؟

 

تعاني مؤسسات المياه من نقص في السيولة بسبب الجباية، اذ انخفضت في بيروت وجبل لبنان بنحو 25 بالمئة، وهذا الرقم بحسب المصادر يعدّ كبيرا جدا بالنسبة لمصدر دخل مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان. حتى اللحظة لا يوجد أي قرار من قبل أي من مؤسسات المياه في لبنان بمعاقبة المتخلفين، لان الوضع الاقتصادي لا يسمح بذلك، إنما في بيروت مثلا فهناك حوافز كبيرة لحثّ الناس على الدفع، منها التقسيط على الفصول الأربعة، إقرار مجانية نقل الإسم، وتخفيض الإشتراك الأول بنسبة 60 بالمئة.

 

في رسوم الميكانيك لا يبدو الوضع أفضل، اذ تكشف المصادر أن المتخلفين عن إجراء المعاينة الميكانيكية بالآلاف، ولكن حتى اللحظة لم تتخذ القوى الأمنية قرارا بملاحقة هؤلاء، وربما لن تأخذه بظل الوضع الحالي، ولكن هذا لا يعني أن إلزامية المعاينة أمرا واجبا بحال بيع السيارة أو تسجيلها أو نقل ملكيتها، إنما ما تتخوف منه المصادر هو تركيب الحواجز الأمنية بين ليلة وضحاها وحجز سيارات الناس وإلزامهم بالدفع، عندها تكون السلطة قد طبّقت القانون الوضعي، وهذا حقها، وانتهكت القانون الإنساني، اذ كيف يمكن لمواطن أصبح عاطلاً عن العمل أو يعيش بنصف راتب، أو بمبلغ 50 دولار بالأسبوع، أن يصرف المال على فواتير الخدمات التي يحصل عليها من الدولة، التي هي السبب الأول لوضعه السيىء أصلا؟

 

في الساعات الماضية تفاجأ اللبنانيون بتفعيل غرامات «الباركميتير»، لتكون هذه الغرامة فخّا جديدا ينصب للبنانيين، ويتم، اذا ما صحّ الخبر، عبر «المكر» تحصيل الاموال.