IMLebanon

السلّة الغذائية تقع في مرمى التحويلات الإلكترونية

 

الدولار سيستأنف رحلته صعوداً واتجاه حتميّ لوقف الدعم

 

الإرتياح الذي تركه قرار مصرف لبنان بتسديد قيمة التحاويل الالكترونية الواردة بالدولار الأميركي، أثار في المقابل مخاوف من توقّف الدعم للسلة الغذائية. فالاخيرة كانت تموّل من هذه التحويلات، بعد وصول احتياطي العملات الاجنبية في “المركزي” إلى الخط الاحمر.

 

في السادس من آب عدّل مصرف لبنان القرار الاساسي رقم 7548 تاريخ 30/03/2000 المتعلّق بالعمليات المالية والمصرفية بالوسائل الالكترونية للمرة الرابعة في غضون 19 شهراً، أي في أقل من عامين. وهو ما يعكس حالة التخبط في السياسة النقدية، وصعوبة مجاراتها للأزمة الإقتصادية التي كانت تستفحل يوماً بعد آخر.

 

مسار التعاميم، لبناني أو دولار؟

 

بداية العام الماضي وتحديداً في 14 كانون الثاني 2019 أصدر مصرف لبنان تعميماً وسيطاً مبهماً حمل الرقم 514 ينص على دفع التحاويل النقدية المرسلة من الخارج عبر شركات التحويل الالكترونية بالليرة اللبنانية حصراً. وقتها كانت الازمة النقدية وتبخّر الدولار من المصارف، ما زالا مغطيان بقشة “الليرة بخير”. التعميم صمد لغاية 31/12/2019، حيث أصدر مصرف لبنان تعميماً مناقضاً، ينص على العودة إلى دفع التحويلات بالدولار. قرار المركزي فرضه آنذاك انعدام الثقة بالقطاع المصرفي بعد ثورة 17 تشرين واحجام المغتربين عن ارسال الاموال عبر القنوات المصرفية، بسبب القيود القاسية التي كانت تفرضها المصارف على تحويلات الدولار، فضلاً عن ارتفاع كلفتها. لم يصمد التعميم أكثر من 4 أشهر إذ اعاد المركزي في 17 نيسان الطلب عبر التعميم رقم 13220 من مؤسسات الدفع الالكترونية دفع التحاويل الواردة بالليرة بسعر 3900 ليرة وبيع الدولار له من أجل دعم السلة الغذائية.

 

اليوم وبعد زلزال 6 آب أصدر تعميماً رابعاً ينص على ضرورة دفع التحاويل بالدولار ليتسنى للمغتربين والمتبرعين في الخارج مساعدة ذويهم في اعادة الاعمار والترميم. خصوصاً مع ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازية الى حدود 7500 ليرة، فيما التحاويل الالكترونية تدفع على سعر 3900 ليرة. لكن السؤال إلى متى سيصمد هذا التعميم؟ وهل سيرفع الدعم للسلة الغذائية المقدّر شهرياً بـ 120 مليون دولار؟

 

 

الدعم مستمر.. ولكن

 

نائب رئيس غرفة بيروت للتجارة ونقيب أصحاب السوبر ماركت نبيل فهد يجيب بان “مصرف لبنان مستمر في دعم السلة الغذائية، ولم يصدر منه لغاية الساعة أي إشارة بعكس ذلك”. إنما المبهم بحسب فهد هو “حجم النقد الأجنبي المتوفر القابل للاستعمال. والفترة الزمنية التي من الممكن ان يستمر فيها الدعم.

 

الباقي من الاحتياطي القابل للاستخدام في مصرف لبنان “لا يتجاوز 1 مليار دولار”، بحسب الخبير المصرفي نيكولا شيخاني. “وهو ما سيجبر المركزي في غضون شهرين على رفع الدعم لسببين رئيسيين: الاول، هو استنفاد احتياطي النقد الاجنبي القابل للاستخدام. فيما الثاني، هو الالتزام بتوصيات صندوق النقد الدولي بضرورة وقف كل أشكال الدعم المباشر وغير المباشر”. وبالتالي فان السلة الغذائية ستسقط بضربة فقدان الدولار القاضية. وسيعود التجار إلى السوق الموازية لشراء الدولار وتأمين أموال الاستيراد، وهو ما سيرفع أسعار كل السلع، بدءاً من الخبز وصولاً إلى المشتقات النفطية والادوية وكل المواد المستوردة.

 

حتمية ارتفاع الدولار

 

المشكلة الثانية والأخطر التي ستواجه التجار والمواطنين على حد سواء هي ارتفاع الدولار مقابل الليرة. فسعر الصرف لن يبقى ثابتاً عند حدود 7500 ليرة لكل دولار كما هو معمول به اليوم. بل سيتجاوزه إلى معدلات أكبر بسبب زيادة الطلب من جهة، وتراجع ضخ الدولار في الاسواق من المساعدات والمغتربين”.

 

وبرأي شيخاني فان “البلد مقبل على فترات أصعب بكثير. فجريمة المرفأ التي أدت إلى خرابه ليست عنصراً عابراً أو مشكلة بسيطة بالنسبة إلى أي اقتصاد، فكيف إذا كانت في بلد يعاني من أزمات اقتصادية ومالية كبيرة جداً كلبنان”. فالانفجار قضى على مخزون مختلف الشركات المستوردة، وستبدأ في غضون أسابيع، بعد استهلاك المؤسسات لمخزونها، تظهر مشاكل نقص الامدادات في السوبر ماركت ومحلات بيع قطع السيارات والتجهيزات المنزلية وغيرها الكثير من القطاعات.

 

فقدان رفاهية الوقت

 

كل الحلول المطروحة كي لا يقع لبنان في المحظور تصطدم بعامل الوقت، وهو العامل الذي لم يحترم منذ سنوات طويلة، حيث فاقت فترات الفراغ الرئاسي والحكومي الثلاث سنوات منذ العام 2011. ولم يتم تجهيز المرافئ الجوية والبحرية البديلة كمطار القليعات ومرفأ طرابلس اللذين كان من شأنهما تأمين بديل جدي وان يكونا عنصراً مساعداً في أوقات الازمات.

 

“خفوت التبرعات الغذائية والصحية العينية، وعدم وجود بوادر لمساعدات جدية لاعادة الاعمار يترافقان بحسب شيخاني “مع تراجع كبير في الناتج المحلي الاجمالي ومدخول الدولة”. وهي عناصر ستقود البلد إلى مرحلة أخطر بكثير، “فلم يحدث ان تعرض بلد لقنبلة ذرية واستمر اقتصاده يعمل بشكل طبيعي”.