IMLebanon

زيارة جرادة إلى سوريا على مشرحة زملائه النواب

 

بين الإدانة و”مش وقتها” والبراءة والأسباب التخفيفية و”في أمور أهم”

 

 

ينهمك طبيب العيون النائب الياس جرادة العائد حديثاً من زيارة «طبية» إلى سوريا في معاينة مرضاه داخل عيادته، في ظل تفاعل الآراء حول زيارته دمشق ومشاركته في مؤتمر الجمعية السورية لأطباء العين، الذي أقيم برعاية وزير الصحة السوري الدكتور حسن الغباش الأسبوع المنصرم. هذه الخطوة فاقمت تنوع الآراء وتعدد الأجندات السياسية بين تكتل «نواب التغيير»، لتزامن زيارته إلى دمشق مع تمايزه عن زملائه في عدم تسميته نواف سلام لتشكيل الحكومة، لينضم بذلك هذا التمايز إلى استحقاقي رئاسة المجلس النيابي وهيئة مكتبه كما تردد.

 

وإن كان تعدد الآراء يعزز الديمقراطية، إلا أن التباين بين «قوى التغيير» يبدد الآمال الشاخصة إلى رفع «الغشاوة» الشاحبة لمكامن الخلل، التي أرساها نظام الوصاية السورية داخل مؤسسات الدولة الآيلة إلى التحلل، وإجتراح المعالجات الدستورية الكفيلة بإعادة إنتظام عملها، وعودة الحياة إلى «عيون» اللبنانيين التواقة إلى قيام الدولة القوية القادرة على إحتضان أبنائها.

 

وفي ظل تعذر التواصل مع النائب الياس جرادة، أوضح مستشاره الإعلامي الأستاذ نزار أمين أن «المطالبة بتوضيح أبعاد الزيارة أمر سخيف للغاية، وأن البلبلة التي أثيرت حول الموضوع لا معنى لها على الإطلاق»، متسائلاً في الوقت نفسه «عن الأولويات التي تتطلب مناقشتها في البلد قبل التطرق إلى هكذا مواضيع».

 

وإذ لفت إلى أن الموضوع استهلك كثيراً، شدد على أن «قسم الطبيب ومهنته ورسالته الطبيّة تحتم عليه المشاركة في هذا النوع من المؤتمرات في جميع الدول».

 

الزيارة التي لاقت أصداءً إيجابية بين حلفاء النظام السوري، دفعت النائب الدكتور عبد الرحمن البزري إلى الإستغراب لدى استمزاج رأيه بها، كما فعل أيضاً النائب الدكتور شربل مسعد الذي «رفض التطبيع السياسي مع النظام السوري من خلال المؤتمرات الإنسانية الطبية»، مشدداً على «وجوب وضع آليات من ضمن الأطر المؤسساتية لحل الأمور العالقة مع سوريا، منها الكشف عن مصير المفقودين اللبنانيين خلال الحرب والمعتقلين في السجون السورية، إلى جانب التباحث في تأمين العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى قراهم».

 

وتساءل مسعد عن أهمية وفحوى المؤتمرات الطبية في سوريا، في حين أن المؤتمرات العلمية والأبحاث تنشط في العديد من الدول الأخرى، أكانت في أوروبا وأميركا كما في دول الخليج العربي التي تستقطب اهتمام العديد من أهل الإختصاص في العالم، ليستطرد قائلاً: «أما في سوريا… فلا أحد يعلم الخلفيات المبيتة وراء هذا الأمر».

 

ولا يقتصر التباين حول زيارة النائب الياس جرادة إلى دمشق على القوى التقليدية بين مؤيدٍ ومعارضٍ، ليجد البعض من «نواب التغيير» الأسباب التخفيفيّة للزيارة عبر إعطائها الطابع الإنساني الصرف، ويترك البعض منهم للنائب جرادة، توضيح أسباب الزيارة وما إذا كان وصوله إلى المجلس النيابي يحتّم عليه اعتماد مقاربات أخرى لعمله ونشاطه العلمي والطبي، ليجد النائبان ابراهيم منيمنة ووضاح الصادق نفسيهما أقرب إلى المقاربات الواقعية ورفضهم أي محاولة للتطبيع مع النظام الحاكم في سوريا تحت أي ذريعة.

 

وأوضح منيمنة الرافض التطبيع مع النظام في سوريا لـ»نداء الوطن» أنه «لم يكن على علم مسبق بالزيارة، تحديداً وأن تتالي «الإستحقاقات» بعد الإنتخابات النيابية حال دون التباحث بين «نواب التغيير» عن إطار سياسي مشترك، يكفل الإتفاق على الحدّ الأدنى من المرتكزات السياسية المتجانسة في ما بينهم». وإذ لفت إلى أن هذا الإطار لم يتبلور حتى الآن، شدد على أن «الطابع الحزبي لا ينطبق على أعضاء التكتل، في ظل تعدد الآراء داخل مجموعتهم المتنوعة بإنتماءاتها وخلفياتها»، مشدداً على أن الهدف بالنسبة له يبقى من خلال «الإتفاق على خطاب سياسي متجانس، تمهيداً إلى إعتماد رؤية واضحة مشتركة، إلى جانب التمايزات التي لا مفرّ منها».

 

ورأى النائب وضاح الصادق المطلوب قضائياً من قبل النظام السوري والرافض التطبيع معه، أن «الزيارة تأخذ أكثر من حجمها كونها لم تكن مرتبطة بالنظام السوري ولا خلفيات سياسية وراءها، مشدداً على مواقف الدكتور الياس جرادة المعروفة بسقفها العالي التي لا لبس فيها».

 

بدورها، إعتبرت النائبة بولا يعقوبيان أن «زيارة النائب جرادة إلى سوريا لم تتضمن لقاء أيٍ من المسؤولين السياسيين»، مشددة على أن «المشاركة في مؤتمر طبي سنوي لا تتطلب هذا الكم من التحليلات الخارجة عن السياق الطبيعي للموضوع، مشيرة إلى أن جرادة شارك في العديد من المؤتمرات العلمية المتخصصة في الولايات المتحدة الأميركية خلال التحضير للإنتخابات النيابية».

 

أما النائبة سينتيا زرازير التي تمايزت عن «التكتل» في تسمية رئيس الحكومة أيضاً، وعلى الرغم من وضعها الصحي الذي يتطلب المزيد من الراحة، شددت على «ان زميلها محط ثقة بالنسبة لهم، وأن زيارته لا يمكن أن تمهد لإستقطاب رضى النظام السوري ومن خلاله تعزيز أي من المكاسب في السلطة».

 

في الموازاة، وعلى الرغم من إنفعال النائب فراس حمدان خلال التصريح من على منبر القصر الجمهوري الأسبوع المنصرم، مطالباً الشعب اللبناني «الإلتفاف حول الخيار التغييري» و»الإلتزام بسياسة خارجية تخدم مصلحة لبنان العليا»، أعلن «تعليقه الإطلالات الإعلامية والتصريحات الصحافية» تجنباً من إتخاذ موقف والتعليق على زيارة زميله على اللائحة إلى سوريا، مكتفياً بالقول إن «المرحلة تتطلب المزيد من الوقت والراحة بعد العمل الحثيث الذي قام به خلال الأشهر الأربعة التي إنقضت».

 

ولم يختلف موقف النائب ياسين ياسين عن حمدان، الذي اعتبر ان «الصحافة مسؤولة عن الذي يحصل في البلد»، واضعاً التطبيع مع النظام السوري في خانة «الأمور الهامشية والبحث عن جنس الملائكة» في ظل تفاقم الأزمة المعيشية والتحديات التي تصيب المواطنين، وصولاً إلى إنقطاع الطحين عن الأفران في البقاع كما في العديد من المدن اللبنانية، إلى جانب تفاقم المشاكل الصحيّة وتعذر الحصول على الدواء والغذاء، في ظل تنامي قدرة الفاسدين في الدولة، ومنهم رئيس الحكومة (ميقاتي) الذي تولى إدارات فاشلة في الدولة وقام بالعديد من التلزيمات بعيداً عن الشفافية، إلى جانب إتهام المسؤولين بـ»بيع الحدود البحرية من ناحية قبرص» ومع «العدو الصهيوني» بطريقة فاشلة، ليختم متسائلاً: «وأنتم بالكم في زيارة الدكتور الياس جرادة إلى سوريا والتطبيع مع النظام؟!».