IMLebanon

هل احتاط ماكرون لتعطيل ميقاتي؟

 

 

 

تنطلق الحكومة الجديدة هذا الأسبوع يرافقها زخم التأييد الدولي الذي حصل عليه الرئيس نجيب ميقاتي من لقائه مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي كرر استعداد فرنسا والمجتمع الدولي لمساعدة لبنان إذا جرى “إطلاق الإصلاحات على الأقل”، مشيراً إلى “أجندة محددة” يبدو أنه اتفق معه عليها. وهو زخم أوروبي بالقدر نفسه.

 

من بنود الأجندة ما صنفه الرئيس الفرنسي بـ”الخطوات الأولى”، المتعلقة بقطاع الطاقة والبنى التحتية والتغذية ودعم الشعب اللبناني والاستجابة الى الاحتياجات القصيرة الأمد التي اعتبرها “أولويتكم”.

 

الكهرباء أولوية الشعب اللبناني، والمجتمع الدولي الذي بُحَّ صوته من تكرار وجوب تأهيلها بنفس إصلاحي وشفاف، يبدأ بتعيين الهيئة الناظمة المستقلة للقطاع ومجلس إدارة مؤسسة الكهرباء، أسوة بالهيئة الناظمة في قطاعي الاتصالات والطيران المدني. الامتحان الأول كان سابقاً وسيكون في هذا القطاع، حول ما إذا كان الفريق الرئاسي سيسهل قيام الهيئة الناظمة في شكل يطلق إشارة واضحة لا لبس فيها بأن تلزيم أحد معامل إنتاج الطاقة سيتم وفق المعايير الدولية، التي من غير تطبيقها لن يكون هناك تمويل لهذا الاستثمار الحيوي الذي يخرج البلد من العتمة. فمهما توالت الحلول الظرفية التي سبّب الاكتفاء بها سابقاً، مع الهدر والسمسرات والتنفيعات، ما يعانيه اللبنانيون اليوم من وضع مأسوي.

 

كان ذات دلالة أن يحتفي ماكرون بميقاتي وحده، من دون أن يرافقه أي من الوزراء. فباريس تدرك كيف تشكلت الحكومة والمساومات التي أنتجتها مع الفريق الرئاسي ومع “حزب الله”، لأنها ساهمت في تغطيتها والدفع إليها لإنهاء الفراغ، لكنها مصرة على حصر دعمها في البداية بميقاتي لأنها تراهن على أن يكون ضمانة عدم انسحاب مساومات التأليف على الخطوات التي على الحكومة اتخاذها لا سيما في الإصلاحات المطلوبة.

 

لن يكون قطاع الكهرباء وحده مجال اختبار قدرة الحكومة على تخطي السياسات السابقة، فماكرون وسائر الدول ستنتظر إذا كانت الحكومة ستخضع لتعطيل خطوات التصحيح المطلوبة. فالفريق الرئاسي ما زال على منطقه برمي عراقيل للإصلاحات على الآخرين. وما كرره الرئيس ميشال عون في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الجمعة الماضي بحديثه عن “الموروث والمتناسل”، وعن “السياسات المالية والاقتصادية المعتمدة منذ عقود والقائمة على النمط الريعي”، يختزن حال الإنكار عن مسؤولية فريقه في ذلك، في وقت لا يترك ممثلو الدول في بيروت والخارج مناسبة للتعبير عن سأمهم من تكرار توصيفه هذا للمأزق اللبناني، كأن الفريق الحاكم براء من التسبب به. كما أن نهم هذا الفريق على التعيينات التي تنويها الحكومة في بعض المواقع الضرورية من أجل مزيد من التحكم بالإدارة والمواقع الاقتصادية، ومنها الهيئات الناظمة، يحمل في طياته هدف القوطبة على الإصلاحات عبر الأزلام وأصحاب الولاءات. حتى في قانون الشراء العام الذي اعترض عليه هذا الفريق، يريد إعطاء الحرية لكل وزير أن يعين عدداً من أعضاء الهيئة المستقلة التي تشرف على التلزيمات، من أجل التحكم بها مثلما تحكم بقطاع الكهرباء.

 

لن تقل أهمية اختبار الحكومة في مجال السياسة الخارجية وتصحيح العلاقة مع الدول العربية التي تخطب حكومة ميقاتي ودها في بيانها الوزاري، عن الامتحان الذي ستخضع له القوى التي تملك الكفة الراجحة في الحكومة، في المجال الإصلاحي. فالبيان الوزاري للحكومة الذي نالت على أساسه الثقة، أغفل ما دأبت الحكومات المتعاقبة على تكراره منذ العام 2013 حول اعتماد سياسة النأي بالنفس عن أزمات وحروب المنطقة ولو في الشكل. وهو المبدأ الذي تبناه ميقاتي العام 2011 بنصيحة من السفير السابق نواف سلام. فـ”حزب الله” يتهيأ مع انطلاقة الحكومة، لوضع الشروط على أي اتفاق مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي تحت عنوان رفض الشروط التي تفرض “الهيمنة الأميركية” على لبنان، بحجة أنها تمهيد “لفرض التطبيع مع إسرائيل”… فالحزب يحضّر تهم التخوين مسبقاً للأوراق التي سيستخدمها في مواجهة مطالبة لبنان بتعديل سياساته الخارجية بقرار من الحزب والفريق الرئاسي، والتي سببت الإعراض العربي عن مساعدته مالياً.

 

هل أن العراقيل المفترضة أمام الحكومة وصولاً إلى تعطيلها أسوة بالحكومات السابقة، هي التي دفعت ماكرون إلى التذكير في كلمته في ختام اجتماعه مع ميقاتي بأنه سبق أن “وعدت بمعاقبة أو إدانة المسؤولين عن التأخير في ولادة الحكومة”؟