IMLebanon

كفى تهويلاً… ليس بالتخويف يحيا الاقتصاد

 

سرَت في الأيام الأخيرة موجة من التهويلات والتخويفات مفادها أنّ الاقتصاد اللبناني على شفير الانهيار، واستند البعض الى تقرير نُشِر في هذه الوسيلة الاعلامية الأجنبية أو تلك.

في المقابل، كتبنا في هذه الزاوية أكثر من مرّة، ولا سيما الاسبوع الفائت، وعلى أكثر من جزء، ان الاقتصاد اللبناني في مرحلة من التعافي والإنتعاش، لا في مرحلة الإنهيار، والسبب في ذلك يعود الى جملة من المعطيات والى حزمة من الإجراءات التي بالإمكان القيام بها، وهي ليست مستحيلة التطبيق.

***

وفي ظل التنازع بين النظرة المتشائمة، والنظرة المتفائلة، جاءت معطيات لتضع الأمور في نصابها الصحيح:

فلقد ثبّتت وكالة ستاندرد أند بورز التصنيف الائتماني للديون السيادية للبنان عند درجة-B والنظرة المستقبلية المستقرة للدين العام، معتبرة أنّ استمرار تدفق الإيداعات الى القطاع المصرفي يبقى كافيًا لتمويل حاجات الدولة الى الاقتراض.

هذا التصنيف يأتي ليقول للمتشائمين: كفّوا عن التهويل والتخويف، فمن شأن هذا النعيق أن يوحي بقرب سقوط الهيكل، لكنه اذا سقط، لا سمح الله، فإن سقوطه سيكون على رؤوس الجميع، ومن بينها رؤوسكم.

 

***

يتابع تقرير ستاندرد أند بورز، فلا يستبعد احتمال رفع تصنيف لبنان، في حال أصبح اتخاذ القرارات أكثر فاعلية وشفافية، ما يساعد على زيادة النمو عن مستوياته الحالية، وعلى خفض العجز في الموازنة والحساب الجاري الخارجي، ويساهم في وضع المالية العامة على مسار مستدام.

***

يبقى السؤال والهاجس: الى متى سيبقى لبنان عالقًا بين تقارير تحبط من عزيمته، وتقارير تعيد أنابيب الاوكسجين الى رئتيه؟

الجواب ليس في الاقتصاد بل في السياسة: صحيح ان الاقتصاد أساسي، لكن السياسة هي الحافز لكل شيء، فإذا لم يكن هناك استقرار سياسي، فعبثًا المراهنة على ثبات في الاقتصاد.

والاستقرار السياسي بابه معروف: إنّه تكوين السلطة التنفيذية الذي يعني تبسيطًا تشكيل الحكومة. وما يؤلِم اللبنانيين هو: طالما ان الحكومة ستتشكل عاجلاً أم آجلاً، فلماذا التأخير؟ هل لمزيد من ترتيب الديون ثم التفتيش عن السبل لإيفائها؟

***

لكن عجلة التأليف يبدو انها تحركت من جديد، فبعد عودة الرئيس المكلف سعد الحريري من القاهرة، بعد زيارة خاصة عائلية، فإن محركات التأليف عادت الى حرارتها، والمؤشر الأساسي في هذا المجال سيكون اللقاء المرتقب بينه وبين الوزير جبران باسيل. ولم يعد خافيًا على أحد ان التفاهم بين الرئيس الحريري والوزير باسيل هو الممر الأساسي للقاء بين الحريري والرئيس عون، وفي حال حصوله فهذا يعني أنّ مسودة التشكيلة ستكون جاهزة.

***

هل نضج الأمر؟ حركة اللقاءات ونتائجها ستكون المؤشر الى التفاؤل أو غيره. مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ كل تأخير هو تأخير اضافي في عودة الأمور الى وضعها الطبيعي من حيث الاستقرار.

ليتذكّر المعنيون أنّ من أحد شروط الاستقرار تنفيذ مستلزمات ما طالب به مؤتمر سيدر من اصلاحات، فكيف تتحقق هذه الإصلاحات من دون سلطة تنفيذية؟