IMLebanon

الحلقة مُفرغة

ما أن تتجاوز ما يسمّى حكومة المصلحة الوطنية، أزمة، حتى تقع في أزمة جديدة تضع مصيرها على المحك، فبالأمس عانت الكثير من أزمة التعيينات الأمنية استمرّت شهوراً، وكادت أن تطيح بها لو لم يستدرك الأطراف الممثّلة فيها الأمر في اللحظات الأخيرة ويقبلوا بالحلول الوسط، وبعده عانت أكثر من أزمة النفايات حتى وصل الأمر برئيسها إلى التهديد بالإستقالة ورمي هذه الطابة الوسخة في وجوه الجميع، واليوم تواجه الحكومة أزمة جديدة لعلّها الأصعب، بعدما تحوّلت أو حُوِّلت إلى أزمة طائفية، قسمت البلد عامودياً بين المسلمين والمسيحيين، وخرجت بالتالي عن كونها أزمة صلاحيات بين مدير عام أمن الدولة المسيحي ونائبه المسلم، لتتحوّل إلى انقسام بين المسيحيين والمسلمين داخل ما يسمّى حكومة المصلحة الوطنية، عبّرت عن نفسها في النقاشات الحادّة التي شهدتها جلسة مجلس الوزراء الأخيرة وانعكست إنقساماً في الشارع بين المسلمين والمسيحيين.

والسؤال الذي يطرح نفسه في ضوء ما جرى في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، هل تتمكّن دبلوماسية رئيس الحكومة وسياسته المعتمدة في تدوير الزوايا من تجاوز هذه الأزمة في جلسة مجلس الوزراء التي دعا إلى عقدها اليوم الثلاثاء، ويعود عمل الحكومة إلى الانتظام بانتظار الإتفاق على رئيس جمهورية أم أنها ستُطيح هذه المرة بالحكومة، في حال قدّم الوزراء المسيحيون إستقالتهم منها على خلفية إنتقاص حقوق المسيحيين وتهميشهم بما يتعارض مع الميثاقية وصيغة العيش المشترك التي وردت في البند ياء من مقدمة دستور الطائف.

عشية انعقاد جلسة مجلس الوزراء كانت المواقف لا تزال على حالها من هذه الأزمة، فالوزراء المسيحيون يصرّون على تطبيق القانون وإقرار الإعتمادات المالية لجهاز أمن الدولة كسائر الأجهزة الأمنية ووزير المالية حسن خليل يرفض هذا الأمر إنفاذاً للقانون المعمول به وآلياته المحددة، ما يعني أن المشهد نفسه الذي ظهر في جلسة مجلس الوزراء السابقة سيتكرّر في جلسة اليوم، مع عدم استبعاد إقدام الوزراء المسيحيين على خطوة ما من شأنها أن تفجّر الحكومة من داخلها، ولا يعود بإمكان رئيسها لملمة الأمور كما فعل بالنسبة إلى الأزمات السابقة التي عاشتها ما يسمّى حكومة المصلحة الوطنية، خصوصاً وأن الاتصالات التي سبقت هذه الجلسة، لم تتوصل إلى أي توافق أو إتفاق بين الوزراء المسيحيين والمسلمين، ويُصبح مضطراً هذه المرّة إلى الإستقالة، وترك البلد في مهبّ رياح الفراغ الدستوري.

وسط هذه الأجواء السوداوية التي خيّمت على المشهد الحكومي عشية انعقاد جلسة مجلس الوزراء ثمّة سؤال آخر يطرح نفسه على الوزراء المسيحيين، أليس من الأفضل لهم ولمن يمثلونهم في الحكومة الإسراع في الإتفاق في ما بينهم على انتخاب رئيس جمهورية بدلاً من التلهي في أمور أخرى وترك البلد كلّه عُرضة للإهتراء وسقوط كل دعائم الدولة خصوصاً وأن من يقود اليوم معركة الصلاحيات في أمن الدولة من منطلق طائفي هو نفسه من يقود معركة إبقاء الدولة بلا رأس يُعيد وحدة الإنتظام الى المؤسسات والحقوق الى جميع مكوّنات الشعب اللبناني.