IMLebanon

أردوغان وضيق الخيارات

يخوض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حرباً على الزمن. سوريا لم تسعفه في تحقيق طموحاته، بل تحولت كابوساً يطارده ويضيق خياراته الى حدودها الدنيا. فهو الخاسر الاكبر كيفما تطورت الاحداث على الساحة السورية. لا الدخول البري الى اراضي “الكيان الكردي” سيريحه ولا “حظر الطيران” بمتيسر ولا يجد نصيراً له في هذه الدعوة سوى المستشارة الالمانية أنغيلا ميركل التي ليس في يدها القرار وإنما في البيت الابيض الذي اختار حل القضية السورية بالتوافق مع الكرملين وتجنب “حرب عالمية جديدة”. ولا حتى الائتلاف السني الذي تقوده السعودية يمكن ان يقيض لأردوغان قراره في سوريا.

وربما لم يدر في خلد أردوغان يوماً ان سوريا ستضعه في مواجهة فلاديمير بوتين مباشرة وتبعث صراعات القرون الغابرة التي كانت تنتهي بهزيمة تركيا، ولا يبدو ان الصراع الحالي مع روسيا سيكون استثنائياً حتى لو وقف حلف شمال الاطلسي نظرياً مع أنقرة بينما الغرب في حقيقة الامر يحاول عدم الوصول الى مرحلة الصدام المباشر مع موسكو.

قبل خمسة أعوام ومع وصول “الاخوان المسلمين” الى السلطة في مصر، اعتقد أردوغان ان عملية التغيير السياسي في سوريا ستكون سهلة وان النظام لن يصمد اكثر من اشهر. لكن الاحداث سارت على غير ما تشتهي أنقرة فكانت الاستعانة بالجهاديين من مختلف انحاء العالم من أجل إنجاز المهمة. دول اوروبية في مقدمها فرنسا وبريطانيا بالتنسيق مع تركيا دفعت المقاتلين الاجانب الى سوريا للاسراع في اسقاط النظام، فبرز “داعش” و”جبهة النصرة” وباقي التنظيمات الجهادية بدعم ورعاية تركيتين ولا تزال حتى الان تحظى بمساعدة أنقرة على رغم وعود اردوغان للولايات المتحدة بأن يوقف دعم “داعش” على الاقل تنفيذاً لقرار مجلس الامن 2253. لكن للحكومة التركية قائمتها الخاصة بالتنظيمات الارهابية في سوريا وتختصرها بحزب الاتحاد الديموقراطي الكردي وجناحه العسكري “وحدات حماية الشعب”. وأكثر من مرة دعا اردوغان واشنطن الى الاختيار بين تركيا أو اكراد سوريا علماً بأن هؤلاء يتمتعون بدعم عسكري أميركي واضح وتراهن الادارة الاميركية عليهم في محاربة “داعش” على الارض، وخصوصاً بعدما اتضح ان السلطات التركية ليست في وارد الدخول في مواجهة مع التنظيم المتطرف على رغم التصريحات العلنية للمسؤولين الاتراك في هذا الاتجاه بينما قوافل النفط المسروق من حقول سوريا والعراق لا تزال تتجه نحو المعابر التركية.

كل هذه التطورات تعمق أزمة أردوغان وتقلل الى الحد الادنى لائحة خياراته فيجد نفسه كمن سقط في حفرة لا ينقذه منها الاستمرار في الحفر.