IMLebanon

جزرة المساعدات وكرباج العقوبات

 

 

يتمسّك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمبادرته اللبنانية، وهي تكاد أن تكون عنصراً بالغ الأهمية في معركته السياسية وحملته الإنتخابية لولاية ثانية، إذ يواجه تراجعاً في شعبيّته تُشير إليه وسائط الإعلام الفرنسية يومياً، ويحتاج إلى إنجازٍ ما. دون التقليل من الحرص الفرنسي الأكيد على لبنان.

 

ويبدو جلياً أنّ هذه المبادرة انطلقت من رهان على تجاوب الأطراف اللبنانية وهو رهانٌ ثبُتَ حتى الآن عدم صوابيته، بدليل أنّ الجماعة التي التقاها في قصر الصنوبر في الصيف الماضي ليست، في معظمها على الأقلّ، معنيّة سوى بتحقيق مكاسب ذاتية.

 

أضف إلى ذلك عوامل عديدة من أبرزها «نقزة» الولايات المتحدة الأميركية من دور فرنسي مُتصاعِد يمتدّ من لبنان إلى المنطقة. علماً أنّ الموقف الأميركي أصبحَ أقلّ حدّةً بعد وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض، إلّا أنّ عين واشنطن مُصوَّبة على النفط والغاز اللبنانيين، خصوصاً لجهة إنخراط شركات أميركية مُستعدّة للإستثمار في هذه الثروة الهائلة الدفينة، فيما يدور صراع علني عليها بين كبريات الشركات العالمية (أميركية، فرنسية، روسية، ألمانية…). وفي هذا السياق، تتقدّم واشنطن على سواها كونها قادرة على ممارسة ضغطٍ ما على «إسرائيل».

 

الطبعة الجديدة من المبادرة الفرنسية سيحملها، غداً وبعد غد، إلى لبنان وزير الخارجية جان إيف لودريان، الذي أمعَنَ فينا توصيفاً، فمهّد لهذه الزيارة بسلسلة تصريحات حملَت نُذر شرّ خطير. قال إنّ لبنان على حافّة الهاوية واستعجلَ تشكيل الحكومة وإجراء الإصلاحات في آنٍ معاً كشرطين مُتلازمَين لحصول لبنان على دعم مالي خارجي. وبلَغ به الأمر حدّ التحذير من «إختفاء لبنان». وفي مشهدٍ مأساوي كـأنه مأخوذ من الأفلام الهوليوودية قال: «إنهيار لبنان يُشبه غرق الباخرة تيتانيك ولكن من دون موسيقى».

 

الزيارة التي تستمرّ يومَين، الأربعاء والخميس، مُحدّدة رسمياً بلقاء الرئيسَين عون وبرّي، ويُنتظَر أن تتوسّع لتشمل الرئيس الحريري وآخرين، وفيها بنودٌ ثلاثة: أولها تشكيل الحكومة وسريعاً. والثاني تحقيق الإصلاحات. وثالثها مواجهة الأزمة الإقتصادية وفق توجيهات البنك الدولي.

 

يأتي لودريان وفي إحدى يدَيه الجزرة وفي اليد الثانية السوط، أما الجزرة فالوعد بالمساعدات المشروطَة. وأما الكرباج، فالتلويح بالعقوبات التي لا يُعرَف بعد كلّ تفصيل فيها والأجوبة على الأسئلة الثلاثة الآتية:

 

الأوّل- هل تكون العقوبات فرنسية وحسب أو أوروبية عامّة؟

 

الثاني- نوعيّتها، هل تُقتصَر على منع دخول فرنسا لمن تُطاولهُ، أو تتخطى ذلك إلى شؤون مالية؟

 

الثالث- ما هو عدد الذين ستُطاولهم؟.