IMLebanon

إمتحان النيّات

 

كل الفرقاء والأطراف المحلية والإقليمية والدولية رحّبت بإنجاز الاستحقاق الرئاسي، وانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، ولم تبقَ دولة واحدة لم ترحب بهذا الإنجاز، ولم تبقَ دولة واحدة إلا وتمنت على اللبنانيين وقياداتهم أن يستثمروا هذا الإنجاز ويساعدوا العهد الجديد لإطلاق ورشة بل ورشات لإستعادة دور لبنان في المنطقة والعالم، حتى أن مجلس الأمن الدولي الذي عقد إجتماعاً خاصاً بعد انتخاب العماد عون ، رحب بهذا الإنجاز وحثّ اللبنانيين على عدم تفويت هذه الفرصة الذهبية من أجل إستعادة دور لبنان في المنطقة، وكذلك فعل مجلس التعاون الخليجي وعلى لسان سفير الكويت في لبنان بعد لقاء سفراء المجلس مع الرئيس المكلف تشكيل حكومة العهد، وتؤكد اشادة مجلس التعاون بهذا الإنجاز الذي حققه اللبنانيون على جدية دول مجلس التعاون في دعم العهد الجديد بصرف النظر عن استمرار حزب الله في حملته على المجلس وبخاصة على المملكة العربية السعودية، ودعمه للحوثيين في اليمن لمواصلة الحرب الدائرة هناك، وخربطة كل الاتفاقات التي يتم التوصّل إليها لوقف النار والجنوح نحو الحل السلمي.

وإذا كان الدعم الدولي والإقليمي للعهد الجديد قد عبر عن نفسه في الزيارة التي قام بها وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج، وفي الإعلان الفرنسي غير المتوقع للإعداد لمؤتمر باريس-4 لدعم لبنان يأتي قبل وبعد انتخاب العماد عون ويسجل بادرة حسن نية وإيجابية مفرطة تجاه لبنان وأمنه واستقرار وسلامة كيانه، فإن اللبنانيين يعولون بشكل خاص على دعم القوى المحلية وفي مقدمتها حزب الله للعهد الجديد واستعداده الفعلي للمضي في هذا الدعم بعدما لم يوفّر أمينه العام السيّد حسن نصر الله كلمة إطراء واحدة في القاموس العربي إلا وأطلقها على الرئيس المنتخب، فهو بالنسبة إلى السيّد شخص مستقل، صاحب ثوابت ومحط ثقة كبيرة وهو كالجبل، وعدم وضع العصي في طريق انطلاقته بدءاً بتسهيل عملية تأليف الحكومة بحيث تبصر النور قبل الثاني والعشرين من الشهر الجاري كمؤشر إيجابي على أنه لا توجد أية عقبات أو مواقف محلية لتعطيل العهد أو لتأخير انطلاقته.

والسؤال الذي يقلق بال اللبنانيين وكل الدول التي عبرت عن ارتياحها لهذا الإنجاز الذي حققه اللبنانيون في وسط الحرائق التي تلتهم المنطقة، هل يفعلها حزب الله أم أن كلمات الإطراء جاءت محاولة ذكية لاحراج الجنرال وربما أسلوباً لطيفاً ومهذباً لتوجيه نصائح مبطنة إليه عن ضرورة أن يبقى داعماً لحزب الله والمحور الذي أيد ترشيحه لسنوات، وهو في الوقت نفسه تعبير عن هواجسه وارتيابه، إما من الشق الخفي من اتفاق الرابية – بيت الوسط الذي بموجبه دخل الجنرال قصر بعبدا وعاد الرئيس سعد الحريري إلى السراي، وإما من خطاب القسم الذي لم يذكر فيه العماد عون المقاومة ولا أعلن تمسكه بها وبعدم اتيانه على ذكرها أمام الجماهير التي قصدت بين الشعب في مقابل إعلان حرصه على العلاقات اللبنانية ـــ العربية لما لها من إيجابيات واقع لبنان الاقتصادي.

ان حزب الله أمام امتحان تأليف حكومة العهد الأولى، فإما أن يسهل عملية التأليف عبر المفوض الرئيس نبيه برّي وإما أن يعرقل ويصعد لتكون انطلاقة العهد عرجاء وخلافاً لما هو متوقع منه في ظل كل هذه الحرائق التي تهب على المنطقة.