IMLebanon

طوفان المبادرات الكاذبة

 

 

 

يكذب كل من يعدّ لمبادرة رئاسية في هذا التوقيت. فالانتخابات الرئاسية ممنوعة بأمر من «حزب الله»، إلا إذا انتخب مرشحه سليمان فرنجية. على هذا المنوال يمكن وصف مجموعة المبادرات، التي يبادر أصحابها إلى هندستها، بأنّها مبادرات محكوم عليها سلفاً بالوفاة، لكن مساوئها لا تقتصر على استثمار الوقت الضائع، وزرع أمل معدوم الحظوظ، بل تمتد إلى اصطناع أدوار للمبادرين، لا تليق بسجلهم وممارساتهم وفسادهم الطويل الأمد.

 

عن مبادرة «اللقاء الديموقراطي»، يمكن ايراد الكثير من الكلام، لكن الأطرف مبادرة جبران باسيل، التي انطلقت من فكرة متذاكية مفادها، أنه يمكن في الوقت الضائع لعب دور مركزي بين «القوات اللبنانية» الرافضة مرشح «حزب الله»، وبين «حزب الله» نفسه، من خلال هندسة وفذلكة مفادها: لنا بناء الدولة ولك الدفاع والخارجية والقرار السيادي.

 

أحد هؤلاء الذين يرصدون «سعدنات» طوفان المبادرات، الدكتور فارس سعيد، العتيق في فهم السياسات على سطح الطاولة، وتحت السطح. «سعدنات» تتوالى، لكنها في الوقت الذي يدرك أصحابها انها عقيمة، يوحون بجديتها، كما يوحون بأنهم يقومون بعمل في غاية الرصانة، في حين أن رائحة التهريج، الناتجة عن كثافة المبادرات، يمكن تنشقها على بعد عشرات الكيلومترات، من حيث تجري الزيارات البروتوكولية.

 

ربما يجب العودة إلى مبادرة الاعتدال المتواضعة، التي لم تدع اختراع المعجزات. يقول أحد نواب تكتل «الاعتدال» في مجلس خاص: لم نسعَ إلا لحلحلة في الشكل، قبل أن ننتقل إلى المضمون. يضيف: حققنا بتواضع مجموعة من التفاهمات الشكلية: التفاهم الأول يتمثل في تخفيض الرئيس نبيه بري مدة الحوار من سبعة أيام إلى يوم واحد. الثاني يتمثل في موافقة الرئيس بري على تحديد جلسات بدورات مفتوحة بعد التشاور- الحوار. الثالث يتمثل في موافقة «القوات اللبنانية»، على ختم الجلسة، رسمياً، إذا لم يتم انتخاب الرئيس في جلسة الدورات المتعددة. ويقول إنّ بري وافق على عقد أربع جلسات، بمعدل ثلاث دورات لكل جلسة، أي 12 اختباراً لانتخاب الرئيس، وهذا إنجاز في الشكل، لكن المطلوب المتابعة.

 

كل هذا يمكن أن يكون عملاً خلاقاً، لكن الواقع يقول إنّ «حزب الله» يحتجز الاستحقاق الرئاسي، ولا يستعجل الأحداث، وهو يعتبر أنّ القناة الوحيدة التي يمكن أن تنتج الرئيس الحليف هي قناته مع آموس هوكشتاين، فهناك تكمن المفاوضة والمساومة، أما كل القنوات الأخرى فهي لا تعدو كونها جزءاً من متاهة شراء الوقت الضائع، الذي يُصرف في مبادرات ربطات العنق، والتصريحات الدبلوماسية الفارغة من أي مضمون أو قرار.