لسنا بحاجة الى تشريعات جديدة بل تطبيق القوانين السارية المفعول. منذ سنة 1953، صدور أول تشريع لـ”محاربة الفساد” والمعروف بقانون “من أين لك هذا”، الى سنة 1999، صدور قانون “الإثراء غير المشروع” (ق. رقم 154/99)، الى سنة 2015 وصدور القانون رقم 44 المتعلق “بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب”، ولبنان، أو بالأحرى السلطات اللبنانية، تحارب الفساد ولا تلاحق فاسداً، وطيلة هذه السنوات لم تسترد قرشاً من “الأموال المنهوبة”.
ثم، وفي خضم هذه الأزمة، تنصرف السلطات المختصة، وبسرعة هائلة، الى درس اقتراحات أو مشاريع قوانين “استعادة الأموال المنهوبة”، و”رفع السرية المصرفية” وإنشاء “محكمة خاصة لمحاكمة الجرائم المالية” ومشروع “قانون العفو” الخ… لإيهام الشعب اللبناني بأنها جادة في “محاربة الفساد”. وبأنها بريئة من التقاعس السابق لـ “محاربة الفساد” لأنها لم تكن تملك الأدوات القانونية اللازمة؛ وبأن مشاريع القوانين المطلوب إقرارها كفيلة باستعادة المليارات المنهوبة، وإيفاء الديون، وملء خزينة الدولة، والإقتصاص من المجرمين. وفي الحقيقة ان هذه المشاريع، في حال إقرارها ستؤدي الى قلب الصفحة عن الجرائم السابقة وإدخال المساءلة برمتها في متاهات قضائية عديمة الفائدة قد تبدأ ولكنها لا تنتهي لسنوات وسنوات ولن تعيد شيئاً لخزينة الدولة.
أولاً ـ في مفهوم “الأموال المنهوبة”
اقتراح القانون يتعلق بـ “استرداد الدولة الأموال العامة المنهوبة” من دون اي تحديد لمفهوم “الأموال المنهوبة”. ولكن يستنتج من المادة الأولى من المشروع بأنها تلك الناجمة عن جرائم حاصلة في لبنان من “قائم بخدمة عامة…” و”المحددة في قانون العقوبات”. و”الجرائم” المنصوص عنها في المادة الأولى من قانون “مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب رقم 44/2015”.
فطالما أن قانون العقوبات وقانون تبييض الأموال قد حددا هذه الجرائم وعاقبا عليها، فما الفائدة من قانون جديد؟ ومن البديهي أن إدانة فاسد بإحدى هذه الجرائم، يتضمن مصادرة الأموال الناجمة عن هذه الجرائم “أي الأموال المنهوبة” لمصلحة خزينة الدولة.
ولماذا “فقط الجرائم الحاصلة في لبنان” فإذا تم توقيع عقد مثلاً لإستيراد النفط، في الخارج، أو إجراء تحكيم دولي في الخارج مشوب بإحدى الجرائم المذكورة، فلا يحاكم مرتكبها؟ علماً ان قانون العقوبات اللبناني قد لحظ إمكانية ملاحقة اللبناني الذي اقترف جرماً في الخارج.
ولماذا “معاقبة القائم بخدمة عامة” من دون تحديد قانوني واضح؟ فالملتزم والمورد، والمستفيد من عقد B.O.T، والوسيط وسواهم، هل هم قائمون بخدمة عامة، أم انهم خارج هذه الفئة؟ فهل نترك للمحاكم والإجتهاد تحديد هذا المفهوم، في دعاوى وإجراءات ومناقشات تستمر لسنوات طويلة، ينجو من خلالها كبار الفاسدين.
إن التجريم الذي نص عليه كل من قانون الإثراء غير المشروع وقانون مكافحة تبييض الأموال هو اوضح وأشمل ويتناول من كان “قائماً بخدمة عامة” أو من لم يكن قائماً بخدمة عامة، وهو يتناول المجرمين كافة والأموال غير المشروعة برمتها مهما كان مصدرها أو نقلها أو توظيفها أو المستفيد منها.
وكما ان قانون مكافحة تبييض الأموال نص حرفياً على:
“ان جريمة تبييض الأموال هي جريمة مستقلة ولا تستلزم الإدانة بجرم اصلي، كما ان إدانة الفاعل بالجرم الأصلي لا يحول دون ملاحقته بجرم تبييض الأموال في حال وجود اختلاف بالعناصر الجرمية”.
ومن المبادئ القانونية الأولية ان الأموال غير المشروعة تصادر لمصلحة الخزينة دونما حاجة الى تشريع جديد.
نصت المادة الثامنة من إقتراح القانون المتعلق باسترداد الأموال العامة المنهوبة، بأن الجرم “لا يسقط بمرور الزمن ولا تسقط الملاحقة ايضاً”.
لا فائدة من هذا النص، كما قد يؤدي الى غير الغاية المرجوة منه. فقانون الإثراء غير المشروع قد نص على ان مرور الزمن لا يبدأ بالسريان إلا من تاريخ إكتشاف الجرم، وهذا كافٍ بحد ذاته لملاحقة الجرائم الحاصلة منذ سنوات طويلة ولم يتم اكتشافها لغاية تاريخه.
كما ان إقرار مشروع القانون المذكور، وهو قانون جزائي لا يمكن ان يكون له مفعول رجعي مما يعرضه للإبطال أمام المجلس الدستوري، وبالتالي فإن إقرار المشروع المذكور، ليس فقط ضربة سيف بالماء “coup d’épée dans l’eau” بل قد يؤدي الى عكس ما يرمي اليه، فتسقط الجرائم كافة المرتكبة قبل صدوره بمرور الزمن.
اما المادة الرابعة من اقتراح القانون، فهي ايضاً لا تضيف شيئاً على التشريعات السارية حالياً. فالضمانات الدستورية لا تسقط بقانون عادي، راعاها هذا القانون ام لم يراعها، وبالتالي لا يمكن ملاحقة الوزراء امام المحاكم العادية.
أما الحصانة، التي يتمتع بها النائب وعملاً بالمادة 40 من الدستور، فهي تنحصر فقط في الحالة التي يكون فيها مجلس النواب منعقداً، بحيث لا يجوز اتخاذ إجراءات جزائية أو إلقاء القبض عليه، إلا بإذن من المجلس، أما خارج دور انعقاد المجلس فلا يتمتع بأية حصانة لهذه الناحية.
بالنسبة للإذن المسبق وهو يشمل الموظفين من حيث المبدأ، فمدعي عام التمييز يمنح الترخيص بالملاحقة في حال التمنع عن إعطاء الإذن المسبق. وهذا ما حصل بالملاحقات التي جرت مؤخراً.
مع العلم ان قانون الإثراء غير المشروع، نص في مادته الثامنة ان لا حاجة للأذونات أو التراخيص المسبقة للملاحقة الجزائية في دعاوى الإثراء غير المشروع.أما “هيئة التحقيق الخاصة” فليست بحاجة لأي ترخيص للقيام بالمهام التي حددها قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، كما انها تقوم بمهامها من دون ان يحق لإي كان ان يتذرع بالسرية المصرفية تجاهها.
ثانياً ـ في المحكمة الخاصة لمحاكمة الجرائم المالية
إن المحاكم العادية مختصة وصالحة لمحاكمة الجرائم المالية المرتكبة سابقاً أم تلك التي سترتكب؟. وأكثر من ذلك، فإن قانون الإثراء غير المشروع، قد نص صراحة ان كل دعاوى الإثراء غير المشروع، تنظر فيها محاكم الإستئناف الجزائية في بيروت بالدرجة الأولى، ومحكمة التمييز كمرجع استئنافي. وتطبق على هذه الدعاوى، اكانت تشكل جرماً جزائياً أم لا، أحكام قانون اصول المحاكمات الجزائية على التحقيق في هذه القضايا. اي ان النيابة العامة وقضاة التحقيق يلاحقون قضايا الإثراء غير المشروع حتى ولو كانت فقط قضايا مدنية لغياب احد عناصر التجريم أو لسقوط الجرم الجزائي بمرور الزمن، وبالتالي مصادرة الأموال غير المشروعة لمصلحة الخزينة بالرغم من عدم وجود جرم جزائي. ولا حاجة لمحكمة إستثنائية وما تستدعيه من تدخلات “سياسية” لتعيين القضاة واستحداث أصول قانونية جديدة وتعطيل سير القضاء بصورة عادية. وان تجربة لبنان مع المحاكم الإستثنائية كانت تجربة خطيرة احياناً، وفاشلة احياناً كثيرة وخير مثال على ذلك المحاكم الإستثنائية التي شكلت للنظر في قضايا المصارف الموضوعة اليد عليها منذ سنة 1967 ما زالت بعد خمسين سنة قائمة ولم تتمكن من إنهاء النزاعات الموكلة اليها.
ثالثاً ـ في السرية المصرفية
إن رفع السرية المصرفية بتصريح لدى الكاتب العدل، هو قنبلة دخانية. فهذه السرية لا ترتفع عن الحسابات المشتركة (مثلاً: حساب مشترك بين الوزير أو السياسي مع زوجته أو مع احد أولاده، أو مع احد اقاربه أو محاميه…) إلا بموافقة اصحاب الحساب المشترك جميعهم. وفي تلك الأحوال فباستطاعة السياسي الفاسد ان يحول الأموال الى افراد عائلته أو اقاربه.
وتقتضي الإشارة هنا ان الفساد لا يتناول فقط الأموال النقدية المودعة في الحساب المصرفي، بل يتناول ايضاً عناصر الذمة المالية من أموال منقولة أو غير منقولة، عقارات، واسهم، وسندات خزينة، ووكالات غير قابلة للعزل، ووكالة التصرف بحسابات بأسماء آخرين الخ… وهنا تكمن اهمية التصريح الكامل عن الممتلكات. عملاً بقانون “الإثراء غير المشروع” وتمكين السلطات الرقابية بالوصول اليها في معرض التحقيقات التي تجريها. وهذا الأمر متوفر للسلطة القضائية في دعاوى الإثراء غير المشروع وكذلك بالنسبة لهيئة التحقيق الخاصة.
أما رفع السرية المصرفية بقانون عن القائمين بخدمة عامة أو عن مجموعة منهم لا تقدم ولا تؤخر. طالما ان ملاحقة احدهم بالإثراء غير المشروع تُسقط حكماً السرية المصرفية عنه وعن جميع المتواطئين أو المشتركين معه أكانوا من القطاع العام أم من القطاع الخاص.
كذلك فإن السرية المصرفية لا تسري على هيئة التحقيق الخاصة التي بإمكانها ان تصل الى الحسابات المصرفية كافة. قديمة أم حديثة، سارية المفعول ام مغلقة، أكانت فردية ام مشتركة، للأشخاص المعنيين، وعلى الاخص، وكما ورد في القرار الأساسي رقم 7818/2001 والمعدل بالقرار الوسيط رقم 13093 تاريخ 7 آب 2019 الذي وضع نظام مراقبة العمليات المالية والمصرفية لمكافحة تبييض الأموال و”تمويل الإرهاب” الصادر عن حاكم مصرف لبنان، مراقبة حسابات “الأشخاص المعرضين سياسياً،Politically exposed persons وفق تعريف مجموعة العمل المالي”.
وايضاً، “وضع تدابير وإجراءات للمراقبة ترتكز على المخاطرRisk based control واعتماد، كحد ادنى وفي ما خص العملاء واصحاب الحق الإقتصادي Beneficial owners والأشخاص المعرضين سياسياً وافراد عائلاتهم والاشخاص المقربين منهم…”
وسوى ذلك من الإجراءات والتدابير الملقاة على عاتق المصارف من استمرار المراقبة وإحاطة “هيئة التحقيق الخاصة” لكل ما يثير الشك بالحسابات والعمليات المصرفية وعلى الأخص فيها إذا كان الشخص المعني هو من الأشخاص المعرضين سياسياً.
وفي المحصلة، لا حاجة لتشريعات جديدة او محاكم خاصة بل يقتضي البدء بملاحقة الفاسدين عملاً بقانون الإثراء غير المشروع وقانون مكافحة “تبييض الأموال وتمويل الإرهاب” والآليات الملحوظة فيهما للتحقيق وتجميع الأدلة وهي كفيلة باسترداد ليس فقط الأموال المنهوبة من قبل “القائمين بخدمة عامة” بل ايضاً تلك المنهوبة من اشخاص او شركات “غير قائمة بخدمة عامة”.
مفهوم الأموال “غير المشروعة” وفقاً لقانون الإثراء غير المشروع أو قانون مكافحة “تبييض الأموال وتمويل الإرهاب” هو أوسع واشمل من “الأموال العامة المنهوبة”، وفي الحالتين فإن القوانين السارية المفعول تفرض، مصادرة هذه الأموال لمصلحة الخزينة في الحكم القاضي بالإدانة.
أما ما قيل حول الكفالة، بخصوص شكوى الفريق المتضرر، في الإثراء غير المشروع، فلا تقف عائقاً امام الملاحقة طالما ان للنيابة العامة في مطلق الأحوال السلطة للملاحقة دونما حاجة الى “شكوى الفريق المتضرر”. كما انه يحق لكل مواطن، بل من واجبه ان يعلم السلطات المختصة بكل جرم علم بحصوله، كما ان من واجبه مساعدة السلطات لجلاء الحقيقة، وبالتالي باستطاعة اي مواطن ان يقدم إخباراً الى النيابة العامة بما اتصل بعلمه من جرائم من دون ان يكون ملزماً بتقديم اي كفالة، أو التعرض لإلزامه بأي عطل وضرر.
ويقتضي التوضيح ان كل ملاحقة جدية على الأخص في ما يتعلق بالجرائم المالية، لا بد من ان تستند الى تقارير ومستندات وتدقيق من أهل الإختصاص، (من خبراء ومصرفيين ومدققي حسابات كفوئين الخ….)، وبالتالي فإن إجراء التحقيقات الأولية من قبل هيئة التفتيش الإداري وديوان المحاسبة والشرطة القضائية وهيئة التحقيق الخاصة والنيابة العامة والإستعانة بالخبراء واتخاذ التدابير الإحتياطية لتجميد الحسابات وحجز الأموال، وهي على غاية من الأهمية وحاسمة للوصول الى الإدانة بواسطة القضاء ومصادرة الأموال المنهوبة والأموال غير المشروعة لمصلحة الخزينة.
أما بالنسبة إلى الوزراء، والتي تسري شائعات كثيرة حول إثراء بعضهم بصورة غير مشروعة، فيتمتعون بحصانة الإتهام والمحاكمة، إذا جاز التعبير، عملاً بالمادة 70 من الدستور، التي تمنح سلطة الإتهام لمجلس النواب بخصوص “إخلالهم بالواجبات المترتبة عليهم” وعلى ان يصدر قرار الإتهام بغالبية الثلثين من مجموع اعضاء المجلس” وهذا شرط شبه مستحيل. وعلى ان يحاكم الوزراء امام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء المؤلف من سبعة نواب ينتخبهم مجلس النواب وثمانية من اعلى القضاة اللبنانيين رتبة. وقد صدر القانون رقم 19/90 الذي وضع أصول المحاكمات امام المجلس الأعلى المذكور. وبالتالي فكل مشاريع أو إقتراحات القوانين المقدمة لا تغير شيئاً لهذه الناحية، لأن المسألة تستدعي تعديل الدستور وفقاً لإجراءات معقدة وتستلزم قتاً طويلاً.
ولكن تقتضي الإشارة الى انه، كي يتمكن اي مرجع قضائي من الإتهام، يقتضي ان يستند في ذلك الى تحقيقات أولية تجريها النيابة العامة التي تتمتع بصلاحية التحري عن الجرائم وتجميع الأدلة بخصوصها ومن ثم تحويل الملف الى سلطة الإتهام اي الى المجلس النيابي. إذاً من صلاحية النيابة العامة ومن واجباتها التحري عن الجرائم التي يرتكبها الوزراء والتي تشكل “إخلالاً بالواجبات المترتبة عليهم” ومنها الرشوة ونهب المال العام والكسب غير المشروع وصرف النفوذ….
وإذا لم يجر اتهام الوزراء ومحاكمتهم جزائياً فيمكن بل تقتضي ملاحقتهم امام المحاكم المدنية لاسترداد الأموال غير المشروعة أو الأموال العامة المنهوبة أو المهدورة تبعاً للمسؤولية المدنية المترتبة عليهم. وبالطبع فإن الدولة اللبنانية ممثلة بوزارة المالية هي الفريق المتضرر وصاحب الصفة والأهلية والمصلحة لتقديم الدعاوى ضد الوزراء المخلين بالواجبات المترتبة عليهم امام المحاكم المدنية، بواسطة هيئة القضايا لدى وزارة العدل، لاسترجاع المال العام المنهوب أو مصادرة الأموال غير المشروعة لصالح الخزينة.
كما من واجب النيابة العامة ان تقدم الدعاوى المذكورة، عملاً بالمواد 475 وما يليها من قانون اصول المحاكمات المدنية وعلى الأخص عملاً بالمادة 8 من القانون نفسه التي نصت على ما يلي:
“للنيابة العامة حق الإدعاء في الأحوال التي عينها القانون والأحوال المتعلقة بالنظام العام عند حدوث وقائع أو افعال من شأنها المساس به”.
اليس نهب المال العام أو هدره أو الإثراء غير المشروع هو من “الأحوال المتعلقة بالنظام العام” ويقتضي، في حال غياب الملاحقة الجزائية لسبب أو لآخر، ان تقوم النيابة العامة بالإدعاء أمام المحاكم المدنية؟
وفي الخلاصة،
لا حاجة لتشريع جديد،
لا حاجة لرفع السرية المصرفية بتصريح فردي أو بموجب قانون، لا حاجة لاستحداث محاكم إستثنائية للجرائم المالية، إذا كان من المتعذر ملاحقة الوزراء الفاسدين جزائياً فلتلاحقهم الدولة أو النيابة العامة أمام المحاكم المدنية لاسترداد الأموال غير المشروعة أو المنهوبة أو المهدورة.
كما يتوجب على الهيئات الرقابية، من ديوان المحاسبة والتفتيش المركزي وعلى هيئة التحقيق الخاصة، والنيابة العامة والضابطة العدلية ممارسة صلاحياتهم، وهم ليسوا بحاجة لإي تكليف أو شكوى فريق متضرر أو سوى ذلك، لكشف الجرائم والتحري عنها وجمع الأدلة بشأنها مهما كانت المحكمة التي ستنظر بهذه الجرائم، ويتحملون المسؤولية عن كل تقاعس في هذا المضمار، وإذا كانت هناك إرادة سياسية ما تحول دون قيامهم بوظائفهم فليصرحوا بذلك.
وإذا كان أحدهم، لسبب أو لآخر، لا يجرؤ على التصريح فليخبر أحداً من هؤلاء الصحافيين الشجعان. وهم كفيلون بذلك.
يبقى ان يعلم الثوار، إن كل هذه الإجراءات لن ترد كل الأموال المنهوبة، ولن ترد بعضاً منها إلا بعد مرور سنوات، هذا إذا سارت الأمور كما يجب، بل ان الطلب الملح حالياً هو وقف الهدر الناجم عن التهريب في المرفأ والمطار وعلى الحدود البرية الذي يؤمن مداخيل فورية للخزينة، ووقف الهدر والنهب في قطاع الكهرباء، الذي من شأنه تخفيض نفقات الخزينة، ومن ثم قطاع الإتصالات، والتلزيمات التي يجب ان تتم بشفافية ومن خلال هيئة المناقصات. فليعمل أولاً على وقف النهب والهدر واستغلال الوظيفة، وبعدها يأتي التدقيق بالأفعال السابقة لمعاقبة المرتكبين واسترجاع الأموال غير المشروعة أو الاموال العامة المنهوبة أو المهدورة.