IMLebanon

أخيراً .. استقال وزراء الكتائب!

بعد التهديد المرة تلو الأخرى بالاستقالة من الحكومة، أعلن أمس رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل استقالة وزراء الحزب من الحكومة لأنها كما قال في مؤتمره الصحافي «تحولت من رمز استمرارية الدولة الى رمز هريان»، وحفلت مواقع التواصل الإجتماعي بالأمس وقبل موعد المؤتمر الصحافي لرئيس الكتائب بساعات على وصف قرار الكتائب بالمزايدة بعد طول تهديد بها!!

لم يفهم كثيرون لماذا استقال وزراء الكتائب، وما الذي يريده الحزب من حكومة هو مدركٌ أنّها باقية بقرار دوليّ يمنع رئيسها من الإستقالة، في وقت تبدو فيه مصلحة الدولة في هذه المرحلة في بقاء هذه الحكومة حفاظاً على ما تبقّى من مؤسسات، خصوصاً أن حديث رئيس الكتائب مثلاً عن عدم اكتراث الحكومة «للخطة الاقتصادية التي قدمها وزير الاقتصاد او معالجة أزمة النفايات»؟! فهل علينا أن نصدّق أنّ ممثل حزب الكتائب في وزارة الاقتصاد يملك خطّة إنقاذيّة للاقتصاد اللبناني المنهار في ظلّ وضع المنطقة العربيّة التي تعاني من أزمات اقتصادية كبرى، البعض تساءل: لقد شهدنا في لبنان مؤتمرات دولية لدعم الاقتصاد اللبناني، كباريس 1 و2 و3 وكلّها عُطّلت، بل إن 7 أيار نفذّت غزوته فيما دول العالم مجتمعة لإنقاذ اقتصاد لبنان، أليس في كلام حزب الكتائب هذا استخفافٌ بعقول اللبنانيين؟!

وتساءل كثيرون، من هم الذين قال عنهم الجميّل في مؤتمره الصحافي «منذ فترة يحاولون تطويقنا من خلال آليات حكومية معينة من أجل خنقنا ولمنعنا من إيقاف الصفقات التي توضع على الطاولة»، من هم هؤلاء المجهولون الذين تحدّث عنهم رئيس حزب الكتائب، ولماذا «تجهيل» الفاعل، وهل الأزمة المصيرية في لبنان اليوم هي في تعطيل انتخاب رئيس للجمهوريّة وسعي حزب الله الحثيث للإطاحة بالنظام اللبناني واتفاق الطائف رغبة منه في تغيير النظام، أم هي معركة «أداء الحكومة» كما قال رئيس حزب الكتائب؟!!

ماذا يقال في هذه «الفتحة الجانبيّة» لمعركة وهميّة مع حكومة ميتة سريريّاً ومستمرة بالإكراه إذ لا مجال دستوري حتى لتشكيل بديلٍ عنها، فلا رئيس ينظم استشارات نيابيّة ملزمة ـ في ظلّ وجود مجلس ممدّد له ـ تسفر عن تسمية رئيس للحكومة يكلّف بتشكيل مجلس وزراء يدير البلاد، أليست هذه الاستقالة مجرّد تنصّل وهروب إلى الأمام رغبة في المزايدة السياسيّة ليس إلا، وهل يملك اللبنانيّون بعد انفجار الأحد الماضي الإرهابي ترف التلهّي باستقالة وزراء أي حزب مشارك في الحكومة، وماذا ستقدّم أو تؤخّر هذه الاستقالة، خصوصاً أنها لن تعطّل استمرار الحكومة، ولن تصيب بخلل موازين التمثيل المسيحي في الحكومة، خصوصاً وأن الكتائب في الأساس أخذ من حصة حزب القوات اللبنانية الذي رفض من الأساس الدّخول في هذه الحكومة؟!

وتساءل اللبنانيّون أيضاً عن قول رئيس حزب الكتائب أنّ «المعركة مستمرة ليس فقط على أداء الحكومة إنما على أداء طبقة سياسية فشلت وامتهنت التقلبات واللعب بالبلد ووضع مصلحتها قبل مصلحة البلد»: ألم يكن حزب الكتائب منذ العام 1943 جزءاً كاملاً من هذه الطبقة السياسيّة؟ ألم تُفتتح الكوارث الاقتصادية والمالية على لبنان وتنعقد الصفقات المشبوهة تحديداً في حقبة تولّي الرئيس أمين الجميّل لرئاسة الجمهوريّة، والذي وصل لبنان مع نهاية ولايته إلى حال انهيار تام وعلى كلّ المستويات؟!

ماذا يريد حزب الكتائب؟ وأي مياه آسنة في المستنقع اللبناني قد يحركها حجر استقالة وزرائه؟ لا شيء سيتغيّر، وأيّ شعبيّة سيزيد الكتائب إلى رصيده بعد هذه الاستقالة، أم أنّه مجرّد حجر استقالة انتخابي شعبوي، في وقت لا يملك فيه لبنان ترف ولا نزق تقمّص شخصيّة الشيخ الرئيس بشير الجميّل، فهذا الدّور واسع ولا أحد يستطيع أن يتلبّس ثياب بشير، ولا يملك اللبنانيّون طاقة على استعادة أيام سوداء اقتصادية عاشوها في زمن انهيار الليرة اللبنانية في عهد الرئيس أمين الجميّل!!

أيّ «أداء حكومي» يتحدّث عنه حزب الكتائب فيما اللبنانيّون يسألون الله أن يطف ببلدهم ويمرّر هذه الأيام على خير وصولاً إلى انتخاب رأس ورئيس للبلاد، فهل شاهد أحد إنسان على قيد الحياة وهو بلا رأس؟! ألم يكن من الأجدى أن يستقيل وزراء الكتائب احتجاجاً على تعطيل حزب الله انتخاب رئيس للبلاد، وعندها ستسقط هذه الحكومة ومن دون استقالة أحد؟!