IMLebanon

ركائز الإنقاذ المالي

 

في الوقت الذي يشتعل فيه السجال حول قانونية التدابير المتّخذة في موضوع إدارة السيولة وهو التعبير المجترح للكابيتال كونترول من قِبل السلطات؛ ويعلو أنين المواطنين الذين يرون مدّخراتهم تتبخّر نتيجة هذه التدابير ونتيجة جنون الأسعار؛ وتهوي البلاد في الإفلاس تحت أعين سلطة عاجزة عن إطفاء حريق أضرمه أركانها بأيديهم طوال سنين؛ يتساءل المواطن هل من باب للخروج من الدوامة؟ الجواب نعم، إذا توفّرت النيّة، والفريق، والخطة القويمة.

 

النيّة الصافية والفريق المناسب لا يتجسّدان إلا في حكومة مستقلّين، أي بصريح العبارة حكومة خارجة تماماً عن الطبقة السياسية الحالية الفاقدة للمشروعية بعدما اصطدمت بشارعها الغاضب، والذي حمّلها ما آلت إليه الأمور على المستويَين السياسي والإقتصادي. أما الخطة المطلوبة، فتندرج في شقيّن: خطة إنقاذ مالية تُعيد هيكلة القطاع المالي والنقدي؛ واستراتيجية تهدف إلى تعزيز الإنتاج وتضع الإقتصاد على طريق النمو، لا سيّما في قطاعات تساهم في تصحيح الخلل في ميزان المدفوعات. وفي شقه الأول لا بد أن يرتكز هذا المجهود على العناصر التالية:

 

إصلاح المالية العامة وضبط عجزها من خلال أولاً، رفع عبء قطاع الكهرباء المسؤول عن الجزء الأكبر من العجز. بالإضافة إلى تخفيض كلفة خدمة الدين العام عبر إعادة هيكلة تشمل إعادة جدولة المستحقات وتخفيض للفوائد. هذا المجهود لا بد أن يترافق مع عملية تنقية لميزانية مصرف لبنان، الحامل الأول لسندات الخزينة اللبنانية. إن الخطوة الأولى في هذا الإتجاه تكمن في طلب تدقيق لحسابات المصرف المركزي لا سيّما وأن هذا الأخير” قنّن” في السنوات الأخيرة بياناته المالية التي تُظهر أرباحه أو خسائره وموجوداته بالتفصيل. إن أي حلّ مستدام لا بدّ أن يحصر مهمة المصرف المركزي بضبط التضخم وخلق فرص العمل.

 

أما الركيزة الثانية لهذه الخطة فتكمن في وضع الإطار القانوني والمؤسساتي لتدابير الكابيتال كونترول، وتسمية الأمور بأسمائها من دون مواربة ولعب على الكلام، وفق خطة شاملة تكون الإصلاحات البنيوية جزءاً لا يتجزّأ منها، تشارك في صياغتها كافة قوى المجتمع الحيّ وعدم حصرها في طبقة حاكمة (سياسية ونقدية فاقدة للثقة)، وتُشرف على تنفيذها هيئة موثوق بها تضمن توزيع كلفة الخروج من الأزمة بشكل عادل وغير استنسابي بين كافة شركاء الإنتاج.

 

ثالثاً إعادة جدولة الديون لقطاع الإنتاج ولا سيّما للشركات المتعثّرة والمهدّدة بالإقفال، وهي محرّك الإقتصاد والمشغّل الأول للّبنانيين. هذا يمرّ حتماً بإعادة هندسة القطاع المصرفي بكامله بشكل يُعزّز رسملته وفق المعايير الدولية، يُخفّف من انكشافه على الديون السيادية اللبنانية، ويوجّه طاقاته وقدراته التمويلية باتجاه الإنتاج، وخلق فرص العمل. فحين تُخلق الثروة، يُصار عبر الوسائل الضريبية المناسبة، إلى إعادة توزيعها بشكل عادل وتثبيت ركائز شبكة الأمان الإجتماعي.