IMLebanon

لا أزمة رغيف والطحين إلى حلحلة والتهريب الى سوريا مستمر

 

تتوالى الفضائح في لبنان – الضحية، الذي يدفع ثمن انهيار إنسانه ومؤسساته فيما تحيا المنظومة الفاسدة. ولأنّ أزمة الدولار تشدّ الخناق أكثر فأكثر، فإنّ قطاع الخبز يجدّد إطلاق صرخاته لعلّ فُتات ضمير وجدت لدى بعض المسؤولين، فيعملون على حلحلة الوضع.

مشكلة لبنان، على عكس ما يُجاهر ويخطب الكثيرون، هي فقدان الأخلاق لدى العديد من الناس. فالتجار لا يكتفون بالقليل، ومَن حوّلتهم الأزمة إلى سماسرة وسنحت لهم طرق التهريب قطع لقمة العيش عن مواطنيهم واخوانهم في لبنان، أباحوا لضمائرهم بيع الخبز والطحين لتحقيق الأرباح الكثيرة، حتى بات المواطن عاجزاً عن تأمين خبزه كفاف يومه.

فضيحة تهريب الخبز إلى سوريا لم تهز المعنيين، ربما باتوا طرشاناً لا يسمعون سوى صدى شعارات صدأت، وحوار عقيم لا يملك أصحابه قدرة ما يخوّلهم تطبيق ما يُتفق عليه من قرارات، وطاولات حوار الماضي القريب خير دليل.

التهريب الى سوريا ليس جديداً. فإلى جانب المحروقات التي كانت تُهرّب في الماضي، كان الطحين «المدعوم» أيضاً مادة قابلة للتهريب الى سوريا نظراً لفرق الأسعار، ولا زال. وبحسب معلومات «الجمهورية»، التهريب تتولاه مافيات محميّة، عبر بوابتين، بوابة الشمال ويتم بغطاء سياسي، وبوابة البقاع ويتم بغطاء حزبي.

ربما طمأن وزير الاقتصاد أمين سلام أمس المواطنين إلى أن لا ازمة خبز في لبنان، لكنه طمأنهم أيضاً الى أنّ تسعيرة «عادلة» ستصدر عن وزارة الاقتصاد لربطة الخبز تراعي فروقات الدولار. والسؤال: هل ارتفاع سعر الدولار هو عادل كي تكون أي تسعيرة للخبز وغيره عادلة؟ وإلى متى يستمر استنزاف اللبنانيين جراء تحكّم ميليشيات الدولار بالسوق المالي والنقدي والمعيشي والاجتماعي في لبنان؟

نقيب أصحاب صناعة الخبز في لبنان أنطوان سيف، تحدث لـ»الجمهورية» عن عمق المشكل، فأوضح أولاً رداً على سؤال، أن التهريب إلى سوريا مسألة قديمة جديدة، ولَفْت النظر إليها ضروري لأنّ الطحين «مدعوم» ويذهب منه قسم إلى سوريا، ولا يستطيع احد إيقافه، بوجود الحدود الشرعية وغير الشرعية، داعياً الدولة إلى ضبط هذا الأمر.

وشرح أن المشكل هو في قلّة الخبز الموجود في السوق، نتيجة عدم توافر مادة القمح بشكل كاف لدى المطاحن. ففي حين كان المخزون يكفي لستة أشهر باتت كميات القمح لا تكفي لثلاثة. وقال: «هناك مطحنتان في بيروت وأخرى في البقاع توقفت عن تسليم الطحين بسبب فقدان مادة القمح لديها. كما ان هناك مطاحن لا تملك مخزوناً كافياً من القمح فعمدت إلى تخفيف ساعات العمل والطحن شِراءً للوقت، كي تستطيع تلبية ومدّ السوق اللبناني بالطحين مدة اطول».

أما الأزمة في هذا الموضوع فتتمثّل، بحسب سيف، بمسألة فتح الاعتمادات من قبل مصرف لبنان للبواخر الراسية في المياه الإقليمية، وهذا ما يؤدي إلى فقدان مادة القمح في المطاحن، التي ستفتقد حتماً إلى مادة الطحين، فتمتنع بذلك عن تسليم الأفران الكميات اللازمة، وبدورها تفقد الأفران القدرة على إنتاج كميات الخبز اللازمة للسوق اللبناني.

وأشار إلى أنّ هناك حلحلة، وهناك بوادر لفتح الاعتمادات من مصرف لبنان ما سيسمح للبواخر التي تحمل القمح بالدخول وإفراغ حمولتها قريباً.

ينتظر اللبنانيون تسعيرة جديدة لربطة الخبز تتناسب مع سعر الدولار اليومي، ووفق الارتفاع الحاصل أيضاً في سعر المازوت الذي ارتفع هذا الأسبوع 30 ألف ليرة. وغلاء الدولار والمازوت يعني ارتفاع الكلفة التشغيلية لدى المطاحن والأفران، وحتى النقل يرتفع لأنّ نقل الطحين من المطاحن إلى الأفران، بحسب سيف، كلفته حوالى 300 ألف ليرة، فيما صفيحة البنزين اليوم الى ارتفاع متزايد نتيجة ارتفاع سعر الدولار.

ويشدد سيف على أن «لا ازمة خبز، إنما هناك عدم توافر الكميات اللازمة من مادة الطحين في المطاحن، لكن الأمر إلى حلحلة».

وأمس، تداعى نقباء وأصحاب الافران في الشمال إلى لقاء موسع أمام مقر النقابة في مدينة طرابلس لـ»التعبير عن سخطهم ممّا آلت إليه أوضاع الافران من فقدان لمادة الطحين».

ودقّ نقيب الافران في الشمال طارق المير، في كلمة، ناقوس الخطر لافتاً الى «تمادي حاكم مصرف لبنان بقرارات الامتناع عن توقيع مراسيم الاعتمادات لتوفير مادة الطحين التي باتت مفقودة في السوق لعدم دفع ثمن القمح المستورد او لعدم توافر مخزون احتياطي من القمح المدعوم لدى كل المطاحن العاملة في لبنان لا سيما مطاحن الشمال التي تعاني نقصا حادا لعدم تحويل ثمن القمح المستورد، الأمر الذي انعكس على حركة الإنتاج لديها».