IMLebanon

عن «فدرلة» سوريا.. و«أسرلة» العرب

من «وحدة المسار والمصير».. لا تزال الخشية نفسها تلاحق الوطن الصغير، مذ كانت تسعى لابتلاعه أيام الوصاية إلى يوم تحوّلت خوفاً حقيقياً من عدوى شبح التقسيم السوري على الخاصرة اللبنانية الأضعف، سيّما وأنّ طرح «الفدرلة» الذي تلوح تباشيره التواطؤية في الأفق بين «الميدان الأحمر» و«البيت الأبيض» لطالما دغدغ تاريخياً مشاعر بعض اللبنانيين وخيضت من أجله صولات وجولات من الحروب كلّفت ما كلفت لتجاوزها وتخطي عواقبها التقسيمية على البلد.

وكما كان الهاجس كبيراً من تداعيات الحرب السورية على الساحة اللبنانية، يكاد يكون اليوم أكبر من انعكاسات التسوية التي ترتسم معالمها على «فسيفساء» مستقبل الحكم المقبل على سوريا. فليس تفصيلاً أن يجاهر الروس رسمياً باحتمال تقسيم سوريا إلى فدراليات لضمان استتباب السلم فيها، ولا من محاسن الصدف أن تأتي المجاهرة الروسية في أعقاب التلويح الأميركي العلني بقابلية اعتماد «الفدرلة» حلاً للأزمة السورية. إنه الاتفاق الأميركي الروسي نفسه الذي أتاح بدايةً لفلاديمير بوتين التفرّد بدور البطولة في «الفيلم» السوري الدموي الطويل، يواصل شق طريقه على الميدان اليوم آخذاً في دربه محافظات ومدناً وأحياء سورية باتت بحكم المقسّمة «دموياً» على خارطة الصراع المتوحش في سوريا وعليها.

«القيصر» الذي دخل ذات يوم عنوةً على صهوة «الممانعة» تحت رايات وشعارات تبشيرية تحاكي الحرب على الإرهاب وضرورات التصدي للمشروع التكفيري الساعي إلى النيل من وحدة سوريا وشعبها، يبدو اليوم وقد اقتحم عرين الأسد بـ«طروادة» التقسيم.. لتتكشف مع الأيام أكثر فأكثر حقيقة «السوخوي» الروسية التي لم تكن لتزأر في الفضاء السوري لولا «قبة باط» باراك أوباما، ومعها وقبلها وبعدها، لولا احتضان بنيامين نتنياهو العلني للفتح الروسي في بلاد الشام.. وتتحدث «بيادق» القتال المصطفّة في سوريا تحت إمرة «قيصر» الشطرنج الروسية الأميركية – الإسرائيلية عن مشروع عربي إسرائيلي عدواني يستهدف المقاومة! 

يتهمون العرب بـ«العدوانية» إن هبّوا للدفاع عن أمنهم القومي، ويستميتون دفاعاً عن المشروع الإيراني التوسعي العدواني من المحيط إلى الخليج العربي.

يتحاملون على التدخل العربي في اليمن، ويجاهرون بالتدخل الإيراني في سوريا والعراق والبحرين والكويت واليمن.

يتباكون على عشرات ضحايا «عاصفة الحزم» العربية من الحوثيين، ويتباهون بعشرات ألوف ضحايا المجازر الروسية من السوريين.

يتحدثون بغير هدى ولا دليل عن سيارات فتنوية مفخخة سعودية تستهدف اللبنانيين والعراقيين، ويتعامون عن دلائل دامغة من نوري المالكي إلى ميشال سماحة تقطع الشك باليقين حول مصادر ومكامن ومداخل التفخيخ والتفجير في كل من العراق ولبنان.

يتهمون العرب بـ«الأسرلة»، ويسيرون بكل قواهم العسكرية والعقلية في الركب الروسي – الإسرائيلي التدميري التقسيمي لسوريا.

يتهمون العرب بـ«الأسرلة»، ويتقدمون على الأرض السورية تحت غطاء جوّي تديره غرفة عمليات عسكرية مشتركة روسية – إسرائيلية تتولى على مدار الساعة التنسيق والتوفيق بين قاعدة «حميميم» الروسية في اللاذقية ومركز قيادة سلاح الجو في تل أبيب، وفق ما أعلنت وزارة الدفاع الروسية نفسها في تشرين الأول الفائت حين كشفت عن بدء العمل بـ«الخط المباشر» مع الإسرائيليين في معرض التأكيد على التعاون بين الجانبين في سبيل تنظيم «الرحلات» المقاتلة فوق الأجواء السورية.

يتهمون العرب بـ«الأسرلة»، ويقاتلون فيَقتلون ويُقتلون في معركة الدفاع عمن منحته «هآرتس» تاج «ملك إسرائيل».

قليل من الرأفة بالعقول، لا أكثر ولا أقل.