IMLebanon

لهذه الأسباب جاءت زيارة الوفد الروسي باهتة

 

تبقى الزيارة الأخيرة للوفد الروسي إلى لبنان موضع تساؤلات لدى الكثيرين حول ما آلت إليه وهل حققت النتائج المتوخاة وهل عودة النازحين باتت على الأبواب وتفكيك الخيم التي تأوي هؤلاء النازحين جارية على قدم وساق؟ وأيضًا هل استطاع الروسي أن يفعّل مبادرته الهادفة لعودتهم إلى بلادهم؟ وبمعنى أوضح، ضجّت بعض الصالونات السياسية بالغمز واللمز حول ما قام به الصديق الشخصي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ألكنسدر لافرينتييف مع الوفد المرافق. فهل بُحثت أيضًا على هامش هذه الزيارة مسألة ترسيم الحدود البرية مع سوريا وكذلك الأمر دفع الحكومة اللبنانية للتعاون مع الحكومة السورية؟.

 

هنا، تشير مصادر سياسية مخضرمة وعلى اطلاع واسع على العقل الروسي الذي عاصرته منذ أيام الاتحاد السوفياتي، مؤكدةً أنّ هذه الزيارة كانت استطلاعية ولجس النبض أكثر ممّا هي لترجمة ما حمله الوفد في حقيبته الديبلوماسية لاسيما وأنّ لافرينتييف ملمّ بالوضعين السوري واللبناني ومطلع على كل شاردة وواردة في علاقة البلدين ويعرف القيادات السياسية على اختلاف انتماءاتها، وعلى هذا الأساس يستعين به بوتين دومًا في ملفات لبنان وسوريا وفلسطين والأردن نظرًا لإلمامه وسعة اطلاعه على أوضاع هذه الدول، ولكنّه ومن الطبيعي الرئيس بوتين وصديقه لافرينتييف يدركان أنّ عودة النازحين دونها عقبات حيث ما زالت العملية السياسية مفرملة، إلى قرع طبول الحرب في المنطقة وحيث النار تحت الرماد وتحديدًا بعد إسقاط الطائرة الأميركية، حتى إلى ما سبق ذلك من توترات من إيران إلى العراق وفلسطين وسوريا، لذلك تسعى موسكو إلى إحداث فرق مع الولايات المتحدة الأميركية ومقارعتها في الملفين السوري واللبناني عبر إعادة التوازن من خلال إقامة القواعد العسكرية البحرية في اللاذقية وطرطوس، وصولاً إلى نسج علاقات مع معظم القيادات اللبنانية والحزبية وبمعظمها كانت على عداء مع روسيا إبان حقبة الاتحاد السوفييتي.

 

من هذا المنطلق، فإنّ زيارة الوفد الروسي ووفق المتابعين لمسار هذه الزيارة، جاءت باهتة ولم تلقَ الصدى السياسي والإعلامي المطلوب، لا بل كانت النتائج واضحة قبل وصول الوفد إلى بيروت، وبالمحصلة ووفق المعلومات التي حصلنا عليها فإنّها لم تبحث بدايةً مسألة ترسيم الحدود البرية بين لبنان وسوريا وفي موضوع العلاقة اللبنانية السورية ألمح الوفد وتمنى في كل اللقاءات أن يكون هناك تنسيق بين الحكومتين اللبنانية والسورية، ودون ذلك ستبقى الأمور تدور في حلقة مفرغة. وعُلم أنّ الوفد سيرفع تقريرًا مفصلاً للرئيس بوتين لإعادة درس مكامن الخلل وما استجد في هذا الملف بعد مؤتمر الأستانة الأول ليكون المؤتمر الثاني جاهزًا لتفعيل المبادرة الروسية، إذ تشير الأجواء إلى أنّ تعديلها بات أمرًا واجبًا بعد سلسلة تطورات وأحداث لبنانية وإقليمية، وكذلك الأمر إن الوفد حاول أن يضبط بعض التطورات التي سبقت وصوله إلى لبنان ولاسيما حرق عدد من خيم النازحين وما سمي بخطوات وأعمال عنصرية حصلت في أكثر من منطقة.

 

لذا، يمكن القول إنّ إعادة النازحين لن تحصل غدًا أو في فترة قريبة كما نمي للبعض أو أنّهم اعتقدوا أنّه وبمجرد هذه الزيارة فإنّ العودة باتت مسألة وقت، فالقضية المرتبطة بالنازحين معقدة ولها صلات متشعبة على مستوى الساحة اللبنانية وخلافات الأطراف والأحزاب والقوى السياسية المحلية حول هذا الملف، وصولاً إلى عدم الحماسة الغربية لعودتهم، ما يعني أنّ العودة صعبة المنال أمام هذه التراكمات السياسية والتقنية وعدم توافق عواصم القرار وتحديدًا موسكو وواشنطن. ولهذه الغاية فإنّ الخطوات المقبلة قد تصب في إطار تفعيل الخدمات والتقديمات للنازحين وتحسين وضعية المخيمات قبل حلول فصل الشتاء، أما العودة فإنّها مرتبطة بالعملية السياسية، وهذا له تداعياته وموجباته التي ستحتاج إلى سنوات وسنوات للوصول إلى ما يسمى بإنهاء الحرب السورية أو إرساء الحل السياسي أو طائف سوري.