IMLebanon

«القوات» وبكركي… علاقة في «عصرها الذهبي»؟

يحتلّ بعض الملفات الأولويّة على روزنامة بكركي خصوصاً المتعلّقة بالملفات الوجوديّة مثل ملفّ النازحين، لكنّ الاهْتمامَ بملفات الحُكم يحتلّ حيّزاً مهماً من اهْتمامات «سيّد الصرح» ومن ضمنها العلاقات بين القيادات المسيحية.

لا ينكر أحدٌ أنّ توتّراً ساد العلاقة بين «القوات اللبنانية» والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بعد انْتخابه بمدة، وذلك عندما أطلق سلسلة مواقف من الأزمة السورية مِن على درج الإليزيه بعد لقائه الرئيسَ الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي في عام 2011.

وقد يكون هذا الأمر أحد الأسباب التي تركت نوعاً من الجفاء حينها، لكن تمّ إجتيازُها خصوصا أنّ الراعي لعب دوراً محوَريّاً في تقريب وجهات النظر بين القيادات المسيحية ومصالحتهم، ما ساهم لاحقاً في حلّ بعض العقد الأساسية وأبرزها وضع إطار للانْتخابات الرئاسيّة، وإقرار قانون عادل للانْتخابات يُعيد بعضاً من حقوق المسيحيين المسلوبة.

مهما تغيّرت المواقف وتبدّلت الظروفُ السياسية، تبقى النظرة القوّاتية الى البطريركيّة المارونيّة نفسها، إذ إنها تشكّل الملاذ الأول والأخير وقت الشدّة وعند وقوع الظلم. ولا تغيب عن الوجدان القواتي مواقف البطريرك مار نصرالله بطرس صفير الذي قاد معركة الإستقلال الثاني وواجه السوري وحمل قضية إعتقال الدكتور سمير جعجع طوال فترة تواجده في السجن.

في اسْتراتيجيّة بكركي الجديدة، نقاطٌ قد تثير جدلاً، لكنّ المرجعيّة المسيحيّة الأكبر في لبنان والشرق تؤكّد أنها لا تبدّل مواقفها لكنّ الظروفَ السياسية تتبدّل أحياناً «وعلينا التكيّف مع المتغيّرات من دون التخلّي عن الثوابت الوطنية الكبرى التي أرست أُسسَ الدولة اللبنانية، وهذا الأمر يحتاج الى وعيٍ وتضامنٍ جماعيّ للحفاظ على المبادئ»، أما العلاقة مع الأطراف المسيحيين فإنّ «بكركي لا تُقفل بابها أمام أحد خصوصاً القوى المؤثرة في المجتمع والتي لعبت دوراً بارزاً طوال المرحلة الماضية، وبالتالي فإنّ نهجَ البطريرك الراعي هو النهجُ الجامع الذي يريد الحفاظ على الجماعة المسيحيّة والوطنيّة».

لم تنقطع زياراتُ «القوات اللبنانيّة» طوال العام الماضي الى الصرح البطريركي، وكانت أبرزها زيارة المعايدة التي قام بها جعجع الى الراعي بمناسبة عيد الميلاد، خصوصاً أنّ الراعي كان قد اتّخذ مواقف متقدّمة من مسألة الإستئثار بالسلطة ومحاولة عزل أيّ فريق لبناني.

وفي الخطّ الاسْتراتيجي، فإنّ «القوات» ترى أنّ بكركي ثابتة على مواقفها في القضايا السيادية والحفاظ على إستقلال لبنان، وهذه المواقف يُعبّر عنها البطريرك ومجلس المطارنة باستمرار، كما أنّ مواقف الراعي من السلاح غير الشرعي لا تحمل أيَّ لُبْس وواضحةٌ وضوحَ الشمس، وقد قال أخيراً أنه لا يمكننا أن نجلس مع فريق ممثّل في الحكومة والبرلمان ويضع سلاحَه على الطاولة، كما أنّ المواطن لا يطمئِنه إلّا سلاح الدولة الشرعي.

قد يكون من أهمّ إنجازات بكركي بعد كسر الجليد بين الأقطاب الموارنة هو تشكيلها لجاناً من الأحزاب والشخصيات لبحث الملفات التي تثير هواجسَ المسيحيين، وقد اسْتوحى قانون الإنتخاب الذي أُقرّ، من أحد القوانين التي طرحتها لجنة بكركي وهو 15 دائرة مع النسبية مع إدخال بعض التعديلات عليه. لكن رغم كل التطوّرات التي أعادت بعض المطالب المسيحية، إلّا أنّ الاتّفاق في النظرة على طريقة إدارة الحكم يبقى الأساس بين القوى التي ترفض الإستئثار.

وفي السياق، تؤكّد بكركي دعمَها للعهد، إلّا أنّ الانْتقادات التي توجّهها الى بعض التصرفات لاذعة، وكان آخرها في اجتماع المطارنة الموارنة الذي انْتقد هدرَ مال الدولة وتلزيمَ المشاريع على أساس الحزبية.

وقفت بكركي ضد عزل أيِّ فريق وعلى رأسه «القوات»، وتؤكّد مصادر «القوات» لـ»الجمهورية» أنّ «وجهة النظر متطابقة مع الراعي في معظم الملفات، والعلاقة جيدة جداً وتمرّ بعصرها الذهبي وزياراتنا دائمة الى الصرح البطريركي الذي يحمل الهمّ الوطني، كما أنّ الراعي يُطلق مواقفَ سياديّة غير قابلة للنقاش».

 

تلتزم بكركي المناداة بالمبادئ العامة والثوابت، وتعتبر أنّ السياسة من اخْتصاص السياسيين ولا دخلَ لها في التفاصيل، لكنّها في المقابل تتمنّى أن لا يعود الانْقسامُ المسيحي الى ما كان عليه في مراحل سابقة، وأن لا يستغلّ أيُّ طرف الأوضاع السياسية والسلطة لينقضّ على شريكه.