IMLebanon

«القوات»: الحريري وبرِّي معنا في «معركة» الحكومة

 

إنتهى «تفاهم معراب». لا لبسَ في ذلك. المسألة تكمن فقط في إجراءات «مراسم الدفن». سيصبح مشروعاً السؤال: هل يقع «المشكل الكبير» فوق رأس «جثة الفقيد» ما يعيد «التيار الوطني الحر» و»القوات اللبنانية» الى نقطة الصفر، أم تتكيّف معراب مع واقع أنّ دور «الصلحة» انتهى لحظة جلوس ميشال عون على كرسيّ بعبدا!

في يوم «تجديد البيعة» للرئيس نبيه بري وانتخاب مساعديه في هيئة مكتب المجلس إتّسعت رقعة التباعد بين الحليفين الى حدّ الايحاء بأنّ ما ينتظر مفاوضات تأليف الحكومة عملية «تصفية حساب» حقيقية سيكون رئيس الحكومة ملزَماً بأخذ طرف فيها.

ما يبدو ملفتاً إيحاء معراب بأنّ «الحريري سيكون الى جانبنا داعماً لمطالبنا وحقنا. ولن يوقّع تشكيلة حكومية حقّ «القوات» مهدورٌ فيها». وفق معلومات «الجمهورية»، هذا ما قاله الحريري حرفياً لسمير جعجع الذي زاره في بيت الوسط قبل أيام، وإنّ «نكسة» خسارة «القوات» لمقعدها في هيئة مكتب المجلس لاحقاً قد دفعت «القوات» الى إعادة حساباتها في مدى الدعم الذي قد يمنحه الحريري لحليفه المفترَض.

لكنّ مؤازرة الحريري ليست فقط ما تتوقعه «القوات» في حربها المقبلة لترجمة حجمها النيابي حقائبَ وازنة في الحكومة المقبلة. فـ «القوات» التي تنتهج منذ ما بعد «تفاهم معراب» خطابَ مهادنة واضحاً تجاه الرئيس نبيه بري لا تنتظر منه سوى ملاقاتها في معركة «منع عزلها داخل الحكومة».

أكثر من مرة كرّر بري إعجابَه بأداء نواب ووزراء «القوات»، ورفض عزلَ أيِّ مكوّن. أثنى على معراب عدمَ إنتهاجها الخطابَ التحريضي والطائفي خلال الانتخابات، والأهمّ أنه لن يقفَ مكتوفَ الأيدي أمام محاولة الوزير باسيل أكل «أخضر ويابس» الحقائب في الحكومة المقبلة.

بالمقابل، وصلت إيجابية معراب الى حدّ التبني الكامل، بعكس استنتاجات جمهور «القوات» على وسائل التواصل الاجتماعي، لرواية «حركة أمل» بشأن ما شهدته بيروت من فوضى عبر مواكب الدراجات النارية والإستفزازات التي كادت تلهب بيروت بعيد إعلان نتائج الانتخابات.

سبق ذلك وعد قواتي لـ «عين التينة» بمنح أصوات مناصري الحزب للنائب ميشال موسى في الزهراني والامتناع عن ترشيح قواتي في القضاء. عيّنة من وقائع تفتح صفحة جديدة بين معراب والمصيلح، تتعاطى فيها «القوات» مع بري من منطلق تسليمها بـ «خيار ممثلي الطائفة الشيعية»، معتبرةً أنّ التصويت بالورقة البيضاء هو مجرّد إنسجامٍ مع الذات وليس لاستهدافٍ شخصيٍّ أو سياسيّ.

مع ذلك، لم تنفع زيارةُ النائب السابق أنطوان زهرا الى المصيلح في اليوم التالي لانتهاء الانتخابات النيابية في تفادي المحظور. زيارةٌ أتت أصلاً طبيعية في إطارِ تقاربٍ تحرص معراب على «صيانته» مع «بيّ البرلمانات».

قدّم النائب المشهود بنشاطه النيابي التهنئة لبرّي مسلّما بواقع «لمَن لم ينتبه بعد»، على حدِّ قوله، بأنّ أكبرَ رابحَين في الانتخابات النيابية هما «حركة أمل» و»القوات».

من هذا المنطلق فاتح زهرا الرئيس بري بمقعد «القوات» في أمانة السر، الموقع الذي شغله نائب «القوات» منذ العام 2009، وضرورة بقائه في عهدتها طالما أنّ نتائج الأنتخابات «تشرّع» ذلك، مسمّياً النائب فادي سعد له. وَعَد بري زهرا خيراً، خصوصاً أنّ رئيس مجلس النواب سلّم باكراً بواقع أنّ نائبه سيكون من حصة تكتل «لبنان القوي»، الأكبر نيابياً.

بقيت «القوات» متفائلة بعدم خروجها من «دائرة الرئيس» النيابية، على الرغم من الإعلان عن تصويتها بورقة بيضاء في جلسة إنتخاب بري كـ «موقف مبدئي»، الى اللحظة التي أعلن فيها الوزير جبران باسيل ترشيح آلان عون الى أمانة السرّ. بالنسبة لمعراب، ترشيح أنيس نصار «معركة رمزيّة»، خصوصاً أنّ موقع نائب رئيس الحكومة هو الهدف الأول لـ «القوات».

أما معركة الاحتفاظ بمقعد «القوات» فجنّدت له جهوداً سياسية وقنوات اتّصال فتحتها مع الجميع، لكنّ تسوية الحريري-باسيل-بري كانت أقوى. ويتردّد حتى أنّ طرحَ «القوات» ترشيح جان طالوزيان عن المقعد الأرمني داخل «الهيئة»، في محاولةِ إستلحاقٍ لخسارة المقعد الماروني، قوبل بالرفض، مع ذلك لم تكسر «القوات» التزكية على أعضاء هيئة مكتب المجلس الثلاثة، بينهم ميشال موسى. «نق» سمير جعجع من الحصار والعزل سمعه الرئيس عون أمس مباشرة من رئيس حزب «القوات» خلال الخلوة التي جمعته به على هامش إستشارات تكليف الحريري بتشكيل الحكومة.

في عمق التفكير القواتي مسلّمة أساسية لا يبدو أنّ جعجع بوارد القبول بتجاوزها، وهي أنّ «القوات» بعكس «التيار» حصدت في الانتخابات عدداً من النواب ضاعف حجمَ كتلتها الحزبية بأصوات ذات حيثية تمثيلية لا لبسَ فيها، في حين أنّ هناك تشكيكاً بالقدرة الذاتية لـ «التيار» في إيصال نواب صاروا أصحابَ سعادة بسواعدهم وبدوا تكملة عدد لكتلة أريد لها أن تكون الأكبرَ بالشكل».

وفيما بدا باسيل واضحاً بالإشارة الى الحجم «المنفوخ» لـ «القوات» في حكومة العهد الأولى، ما يستدعي إعادتها الى حجمها «الطبيعي» في الحكومة المقبلة والذي لا يتجاوز الثلاثة وزراء، فإنّ المقاربة القواتية تستند الى الآتي: على الرغم من كل الطعنات العونية التي تعرّض لها «تفاهم معراب» بتفاصيله التقنية (التعيينات، الإخلال بالمناصفة في الحكومة الاولى…) لا تزال معراب تعتبر أنّ التفاهمَ قائمٌ على مدى حكومات العهد، وقد جاءت الانتخابات النيابية لتمنحَه مزيداً من الحصانة ضد الخرق.

يتحدّث قواتيون عن مناصفة حقيقية بين «التيار» و»القوات» أفرزتها الانتخابات. بلغة الأرقام نال نوابُ «التيار» 153 الف صوت تفضيلي في كافة الدوائر، مقابل 150 ألفاً لمرشحي «القوات.

السقف القواتي العالي بات يطالب بمناصفة في الحقائب بين «الحزبَين»، مستنداً الى ما أبلغه بري لرؤساء الكتل «التمثيل في الحكومة على أساس الكتل وليس التكتلات».

بالترجمة العملية ترى معراب أنّ «حجمَ باسيل 18 نائباً وليس 29، أما حجم «القوات» فيبقى 15 نائباً كونهم جميعاً فازوا بأصوات قواتية تماماً كما الفرق بين زياد حواط الذي فاز بأصوات قواتية ونعمة إفرام الذي لم يفز بأصوات شامل روكز أو «التيار الوطني». ووفق المعلومات، تطالب «القوات» بناءً على هذه الحِسبة بخمسة وزراء، بينهم حقيبة سيادية، لأن «لا منطق بعد الآن بإسناد حقيبتين سياديّتين واحدة للعهد وأخرى لباسيل»!