IMLebanon

رؤساء الحكومات السابقون… لإطار يُقفل الساحة السنية عليهم

 

دلّت المؤشرات الاستباقية أنّ حراك السادس من حزيران لن يكون نسخة طبق الأصل عن مشهد 17 تشرين الأول. حاول أهل الحراك الشعبي اقناع الرأي العام أنّها ساعة الصفر المتجددة، وهذه المرة بوجه حكومة حسان دياب. لكن أسباباً كثيرة أبقت الناس في منازلهم وحالت دون افتراشهم الساحات والطرقات العامة… فدخل يوم 6/6 التاريخ ولكن من باب التوتر الطائفي الذي طرق كل المربعات الحساسة والدقيقة.

 

فجأة، ذكّر المشهد اللبناني، أهله، بمدى هشاشته، حيث بمقدور أي شعار مسيء أن يشعل حرباً أهلية. وبمقدور أي متهور أو موتور أن يجرّ البلاد إلى نفق مظلم يصعب الخروج منه. ولهذا سرعان ما اشتغلت مولدات المشاورات العابرة للمقار السياسية. قصد رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط صديقه رئيس مجلس النواب نبيه بري، فيما حلّ بعدها رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ضيفاً في كليمصنو، بالتوازي مع حركة اتصالات فعلت فعلها لتهدئة الشارع واعادته إلى قواعده السابقة.

 

عملياً، وبمعزل عن الحالة الشعبية التي تمثلها الحركة الاعتراضية بمجموعاتها المتنوعة، ثمة شارع مسيّس ناقم على التركيبة الحاكمة لشعوره بالاستهداف والاحباط. حتى اللحظة، لم يتمكن رئيس الحكومة حسان دياب من مخاطبة وجدان الشارع السني او كسب وده، أو بالحدّ الأدنى كسر الجليد القائم بينهما. لا تزال هذه البيئة في حالة غضب قد تشعل بركانها في أي لحظة.

 

ومع ذلك، يخوض أقطاب هذا الشارع، مواجهتهم مع الحكومة بقفازات شبه مخملية. يحاول رؤساء الحكومة السابقون اكساب لقاءاتهم، التي صارت شبه دورية، الإطار السياسي الدائم. تمكنوا إلى الآن من عقد سلسلة اجتماعات على وقع ما يتعبرونه تخبطاً في سلوك الحكومة. لكنهم في المقابل يرفضون التعامل معها على قاعدة “عنزة ولو طارت”.

 

في النهاية، سفينة البلد ستغرق بمن فيها، والضغط على الحكومة هو للانجاز في الملفين الاقتصادي والمالي. ولذا يحاول رؤساء الحكومة السابقون الدفع باتجاه تحسين سلوك الحكومة وليس اسقاطها للدخول في مجهول الفراغ الذي سيكون هذه المرة قاتلاً.

 

وفق المتابعين لحركة لقاءات الرؤساء الأربعة، فإنّ توقيت اجتماع الأمس حدد على وقع التطورات الأمنية أولاً والسياسية ثانياً. فما حصل، بنظرهم يوم السبت لا يمكن أن يمر عليه رؤساء الحكومة السابقون مرور الكرام لما له من تداعيات وخيمة على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، الهشّ اصلاً. يقول هؤلاء إنّ الوضع الداخلي المأزوم يتطلب كل الوعي لتجنب الأسوأ. ولذا من الطبيعي ألّا يعمد أركان النادي الرباعي إلى صبّ الزيت على النار من خلال اعلان الحرب المفتوحة بوجه الحكومة في هذه اللحظات المصيرية.

 

الا أنّه من الطبيعي أن تكون تطورات العمل الحكومي موضع بحث لا سيما لجهة التخبط في الخطة الاقتصادية وكل الالتباس الذي رافق خطة الكهرباء ومعمل سلعاتا تحديداً.

 

وعلى الرغم من دقة الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية، إلا أنّ أهمية استمرار هذه اللقاءات بين رؤساء الحكومة السابقين، تكمن في تفعيل خطوط الحوار في ما بينهم من باب تحصين الساحة السنية لمواجهة لحظة المتغيرات الاقليمية.

 

بنظر أحد المتابعين فإنّ باب النقاش حول مستقبل لبنان قد فتح في الخارج، وهذا يعني أنّ رياح التغيير ستحلّ عاجلاً أم آجلاً، وبالتالي إنّ حرص الرؤساء الأربعة على حماية اطارهم السني وتفعيله، قد يكون من باب التصدي لأي جديد، غير متوقع، وفرض اطارهم كمعبر الزامي لأي تغيير قد يحصل في رئاسة الحكومة. ويؤكد أنّ البديل لرئيس الحكومة الحالي ليس جاهزاً، ولكن مجرد فتح باب النقاش حول هوية خليفته، يدفع رؤساء الحكومة السابقين إلى اقفال الساحة السنية عليهم، استعداداً لأي تطور خارجي قد ينعكس محلياً في أي لحظة، تكريساً للموازين الجديدة التي تحاول الولايات المتحدة فرضها من خلال الضغوطات التي تمارسها على “حزب الله”.