IMLebanon

من لعبة المحشورين الى امتحان الانقاذ

 

في مئوية لبنان الكبير بدت المسافة واسعة بين “لبنانين”:

 

لبنان ثابت، وآخر متغير. الاول هو لبنان الابداع الادبي والفني والفكري العابق بالحياة والمشغول بالانسان بدل الطوائف، والذي كانت زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى فيروز رمز الانحناء امامه. والثاني هو لبنان التردي السياسي والأزمات والصراعات الأكبر منه والمصالح والعقول الضيقة والذي يحاول ماكرون إخراجه من أعمق حفرة. ولا حدود لما فعله ويفعله اهل السلطة على مدى عقود من خراب سياسي ودمار عمراني وانهيار مالي واقتصادي.

 

ولا احد يعرف كيف كان اهل السلطة سيتوقفون عن الدوران في لعبة التكليف المعبرة عن لعبة التأليف لولا الرئيس الفرنسي. فهم بدوا عاجزين، بالقصد، عن فتح ثغرة في جدار الازمة الحكومية التي هي على سطح ازمات اكبر منها. وهو المحذر من مخاطر “حرب اهلية” اذا ترك العالم لبنان في ايدي “قوى محلية واقليمية فاسدة”، وجد فرصة لدفع التركيبة السياسية المحشورة الى التسليم بتكليف السفير مصطفى اديب تأليف الحكومة. واذا كانت حدود تسوية المحشورين لا تزال محل اسئلة، فإن التأليف هو الامتحان الكاشف.

 

ذلك ان الدرس الذي تعلمناه من حكومة الدكتور حسان دياب وألعاب اصحابها هو ان توماس هوبز كان على خطأ بالقول: “إن غياب اية حكومة اسوأ من وجود حكومة سيئة”. إذ كان الفراغ افضل من الحكومة السيئة. وهو واحد من الدروس المكتوبة على الجدران المتداعية امامنا وامام الرئيس المكلف، بقوة الانفجار الرهيب في المرفأ والكوارث السياسية والاقتصادية الاقوى منه. ما يطمئن حالياً هو ما جاء في بيان الرئيس المكلف ومسارعته على طريقة ماكرون، خلافاً لسلوك المسؤولين، الى تفقّد الجميزة والاماكن المنكوبة. وما يقلق هو صعوبة ان يتخلى اللاعبون عن العادات في وضع مصالحهم فوق كل شيء وبالتالي عرقلة التأليف او فرض “الدمى”.

 

والامتحان سريع. فلا مبرر لأن تبقى الاستشارات التقليدية مع الكتل النيابية ضمن تقليد البحث في الحصص. وليس مطلوباً من الرئيس المكلف ازالة “ركام” مئة سنة من الأخطاء والخطايا في حق لبنان بل تأليف “حكومة مهمات” لإنقاذ لبنان، ثم العمل في مرحلة انتقالية لاعادة تكوين السلطة. حكومة سبقها البرنامج الذي عليها تنفيذه.

 

أليس أكبر درس امام التركيبة السياسية هو ان حرص الشعب والعالم على حكومة من خارج الاحزاب والبرلمان برهان على ازمة النظام وفشل الادارة السياسية له؟

 

يقول محمد اركون: “إن تحرير السماء شرط لتحرير الارض”. والشرط عندنا لتحرير الحكومات من التسلط هو تحرير النظام من تسلط امراء الطوائف وتحرير لبنان من اثقال الصراعات في المنطقة.