IMLebanon

فرنسا والمسيحيون

إذا قيست الأمور بظواهرها فإننا متجهون نحو إنتخاب رئيس للجمهورية في مهلة قد لا تتعدى أواسط الربيع المقبل. وهذا في حد ذاته سيعتبر تقدماً ملموساً بعدما كان قد تبين أنّ الأزمة الرئاسية مفتوحة على أفق لا قعر له.

ولا شك في أن فرنسا تتحرّك بجدية منطلقة من سعي واضح ورغبة أكيدة في ملء الشغور الرئاسي إن لم يكن من أجل المسيحيين اللبنانيين فعلى الأقل من أجل إعادة حد من التوازن الى هذا الفلتان الذي يعصف في المنطقة.

فمن غير الممكن أن تكون الإنتخابات النيابية والرئاسية تجرى في المنطقة بمشرقها ومغربها بينما لبنان من دون رئيس، وبحياة ديموقراطية شبه معطلة، وهو الرائد في هذا المجال.

ثم إن فقدان دور الركيزة الديموقراطية – الدستورية الأولى في لبنان، أي رئاسة الجمهورية، أقام نوعاً من الإهتزاز في المنطقة، وترك بالذات تخوّف مسيحيي المشرق يتنامى وهم الذين كانوا يتنسّمون الأمل والحرية عبر النافذة اللبنانية المغلقة حالياً.

ولعلني أذكر، مجدداً، ذات زمن في مطلع سبعينات القرن الماضي كان الرئيس المرحوم سليمان فرنجية في زيارة رسمية الى القاهرة تلبية لدعوة من الرئيس الراحل أنور السادات… وقيض لي أن أدخل غير منزل قبطي لسياسيين وإعلاميين ورسامي كاريكاتير على هامش تغطيتي تلك الزيارة. وقد لفتني في غير واحد من تلك المنازل صور للزعماء الموارنة اللبنانيين وبالذات للمرحومين كميل شمعون وبيار الجميل وحميد فرنجية وريمون إده.

وعندما كنت أسأل ما إذا كان أصحاب المنزل يعرفون أولئك الزعماء أو بعضهم، أو علهم التقوهم… فكان الجواب عموماً بالنفي… وأدركت أنهم «يأخذون روحا» بأنّ في هذه المنطقة من المشرق توجد دولة واحدة فيها حياة ديموقراطية طبيعية (آنذاك) وإن لهذه الدولة رئيساً مسيحياً، وفيها قيادات مسيحية تمارس حقها الكامل في السياسة والنضال الوطني.

ولست أود هنا أن أدخل في تاريخ العلاقة بين الموارنة اللبنانيين وفرنسا منذ عهود الملوك والأباطرة (وآخرهم نابوليون الثالث)، الى اليوم إعتقاداً مني بأنّ حراك حكومة هولاند نحو لبنان لا ينطلق من هذا المنطلق، إنما من حرص أكيد على الوجود المسيحي في لبنان والمشرق عموماً، وهذا الوجود لا يمكن أن يتنفس إلاّ عبر لبنان برئيسه الماروني.

ومرة أخرى استعيد قول المثلث الرحمة البطريرك هزيم: «يا بني قل لجماعتك (الموارنة) إذا سقطوا في لبنان فستسقط المسيحية في المشرق خلال عقد أو عقدين بعدهم» وكان ذلك في منتصف ثمانينات القرن الماضي!

ألم نصل إليها؟!