IMLebanon

ماذا بعد السكرة؟

 

المهم أن يبقى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي صامداً بوجه رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي، حتى لا يضعف الأخير ويستسلم ويتنازل ويقبل بشروط رئيس «التيار الوطنيّ الحرّ» جبران باسيل الرامية إلى تمديد عهده. هذه المرة ليس من قصر بعبدا، ولكن من خلال الثلث المعطل عبر «وزراء – روبوت».

 

فالشغور المقبل خلال أيام، لأنّ «حزب الله» ليس مستعجلاً لملئه بالرئيس المناسب، ستكون وطأته ثقيلة على باسيل إذا لم تنجح خطته للسيطرة على «حكومة الفراغ»، التي يجب أن تتولى إدارة البلاد.

 

وليس صحيحاً أنّ تلويح الصهر العزيز باعتناق جبهة المعارضة سيؤدي مراده لجهة تعزيز موقعه السياسي، من خلال إعلانه مواجهة حكومة تصريف الأعمال لتسجيل النقاط.

 

الصحيح أننا وبعد أيام، سنشهد «همروجة مسعورة» تُسْكِرُ العونيين وتمنحهم جرعة قوة وهمية ونشوة خرافية وهم يرافقون زعيمهم من القصر الرئاسي إلى دارة الرابية… لتقام الأفراح والليالي الملاح… حتى يطلع الصباح… وتسكت شهرزاد عن الكلام المباح…

 

وبعد ذلك، تنتقل الأولويات إلى اهتمامات أخرى، لن يكون الرئيس السابق للجمهورية من ضمنها. سيعود مواطناً عادياً، كما غيره من الرؤساء السابقين، ليُسلّط عليه الضوء من حين إلى آخر، وفق ما يتوفر من الظروف المتعلقة بمقتضيات المرحلة السياسية الداخلية والإقليمية.

 

بعد ذلك، علينا رصد مدى حاجة «حزب الله» إلى باسيل.

 

فهذه الحاجة هي ما سيحدد حجمه عندما يتحول إلى صهر الرئيس السابق، فقط لا غير. وتحديداً إذا دبّ «النقار» في صفوف «التيار»، بعد زوال السلطة المباشرة، وخفوت وهج الكتلة، إذا ما فتح بعض أعضائها على حسابه.

 

حينها لن تتوفر حاجة «الحزب» لدعم باسيل في شطحاته ومزايداته وتهديداته بالدرجة التي هي عليه الآن.

 

ولأنّ التطورات الدولية لا تقتصر على لبنان، بل تشمل مروحة واسعة في ظل تقاطع المصالح الأميركي/الإيراني، ما يعني أن ترسيم الحدود البحرية بين اسرائيل ولبنان ليس حدثاً معزولاً، تنتفي ادعاءات الصهر بأنّ الترسيم هو حصيلة العرَق والعضلات الباسيلية المنتفخة هذه الأيام إلى درجة الانفجار.

 

فما حصل متصل بكل قضايا المنطقة، وسينسحب تأثيره على كلّ الأطراف، سواءً لجهة توقف القصف الاسرائيلي على مواقع إيران و»حزب الله» في سوريا، أو لجهة الانفراج العجائبي في العراق، مروراً بزيارة وفد من حركة «حماس» إلى بشار الأسد، وليس انتهاءً بما يلوح من مفاوضات بين إسرائيل و»حماس» لترسيم الحدود البحرية والتنقيب في حقل مارينا الغزّاوي.

 

بالتالي، لبنان ليس بعيداً عن تقاطع المصالح هذا، كما بيّن وبرهن ترسيم حدودنا البحرية. أمّا مصير جبران بعد «السكرة»، فذلك حديث آخر، لا يعلم خفاياه إلا من وظّفه، ومن حدد له منسوب خدماته مقابل كل ما حظي به هو وعمه منذ العودة المفبركة إلى لبنان، بغية إنجاز تفاهم «مار مخايل»، وهو ربما الإنجاز الوحيد الحقيقي والفعلي للعونيين… وغيره ثمن مباشر لخدمات مباشرة سلمت البلاد إلى الاحتلال الإيراني.

 

وبناء عليه، مستقبل جبران السياسي مرتبط بهذه الوظيفة ومتطلباتها. وقد يرتبط بما سوف ينتج عن استقواء الحزب بصفته الحاكم بأمر طهران في بيروت، حتى يستكمل فرض رئيس لن يهل هلاله إلا بعدما يغرقنا بأزمات وحلولٍ، بدأت منذ اللحظة الأولى، تطيح بنتائج الانتخابات النيابية وما أفرزته من كتل معارضة لـ»حزب الله» وحلفائه.

 

والويل، كل الويل، ينتظر اللبنانيين، إذا ما كانت «السكرة» مفتوحة مواقيتها، بحيث تتجه الأمور نحو فرض المحور إرادته وفرض الصهر العزيز مقابل الإفراج عن الاستحقاق الرئاسي، وفق إرادة الاحتلال الإيراني من لبنان والمنطقة، وبمباركة مترافقة مع تسوية شهر العسل المرتقب بين الولايات المتحدة وإيران.. ربما وصولاً إلى ابرام الاتفاق النووي.