IMLebanon

الانتخابات الفرنسية: معركة سياسة أم حجاب؟

فوجئ الفرنسيون من جذور عربية بتقرير تلفزيوني مثير للجدل يكشف نيّة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي وفريقه الانتخابي، الإعلان عن اقتراح قانون جديد يحظّر ارتداء الحجاب في شوارع فرنسا والأماكن العامة، وذلك قبيل انطلاق الانتخابات التمهيدية التي يجريها الحزب الجمهوري الفرنسي وأحزاب يمين الوسط لاختيار مرشحها لرئاسة الجمهورية.

في معركة انتخابية طاحنة، فرضت الأحداث الإرهابية الأخيرة «الإسلام السياسي» عنواناً لها، يتنافس المرشحون الرئاسيون لإيجاد أفكار «قوية صادمة» تسحق خصومهم في استطلاعات الرأي. ويبحث ساركوزي وفريقه الانتخابي، وفق تقرير تلفزيون BFM الإخباري الفرنسي، في اقتراح نص قانوني «يحظّر ارتداء الرموز والشعارات الدينية التي تكرّس الانتماء إلى أيديولوجيا لا تؤمن بالمساواة بين الرجال والنساء»، وفق ما ورد على لسان أحد مستشاري ساركوزي. وبهذا يكون الرئيس الفرنسي السابق الطامح إلى ولاية رئاسية جديدة، تجنّب اتهامات خصومه له بالتمييز العنصري على خلفية الانتماء الديني، وضرب عصفورين بحجر واحد: تقديم نفسه كمرشح مناصر لحقوق المرأة والمساواة بين الجنسين، وتلبية طموح الناخب الفرنسي الخائف، لا بل المرعوب من فكرة المس بقدسية نظامه العلماني، خصوصاً بعد تفجر قضية البوركيني الصيف الماضي.

القانون المقترح من ساركوزي يمهّد لسلسلة من التغييرات القانونية التي يتوقع أن تشهدها فرنسا في المستقبل القريب، والتي من شأنها أن تلجم الانفتاح الكبير سابقاً على المهاجرين في شكل عام، والمسلمين العرب في شكل خاص. انفتاح حمّله المتشددون اليمينيون مسؤولية الإرهاب الذي ضرب فرنسا أخيراً، واستُخدم سياسياً في صعود نجم مارين لوبن زعيمة «الجبهة الوطنية» أو «المرأة التي تريد ترحيل جميع المهاجرين»، كما وصفتها محطة بي. بي. سي البريطانية.

ويبدو المرشحون الرئاسيون، أكانوا من اليمين أو اليسار، في مزايداتهم الانتخابية أقرب إلى اليمين المتطرّف، منهم إلى أفكارهم الحزبية الديموقراطية المنفتحة. وعلى رغم تأكيدات بعض المحلّلين بأن خطوة ساركوزي هذه، ليست سوى لقطع الطريق على لوبن في الانتخابات المقبلة، إلا أنها تشبه في مضمونها ما كانت دعت إليه زعيمة الجبهة الوطنية في حملتها الرئاسية السابقة من حظر تامّ للحجاب والبرقع في فرنسا.

وستشهد الأسابيع المقبلة مزيداً من المزايدات الانتخابية اليمينية التي ستجعل الستة ملايين مسلم فرنسي يحارون أين يقفون في الانتخابات الرئاسية المقبلة، ولأيّ مرشح رئاسي يصوّتون؟ ومن ذا الذي ينصفهم سياسياً وقانونياً واجتماعياً، ويحفظ حقوقهم المدنية؟ هم الذين وجدوا أنفسهم عالقين بين فكّي الإرهاب الذي يتخذهم رهائن بشرية، فيقتل ويذبح ويفجّر باسمهم مستخدماً الدين غطاء لأفعاله الإجرامية، وبين الإعلام السياسي الذي يوجّه لهم الاتهامات جزافاً، ويقدّمهم أضحية انتخابية مسمّنة.

«لا يمكن مرشحاً رئاسياً يفرّق بين فرنسي وآخر، أن يمثّلني»، تقول شابّة فرنسية سمراء مولودة في أفريقيا من والد فرنسي وأم فرنسية من جذور أفريقية. «إذا قبِلتُ اليوم بمعاقبة الفرنسيين على خلفية دينهم، فسيأتي اليوم الذي سيعاقبني فيه وطني الأم على خلفية لوني، أو مولدي خارج الأراضي الفرنسية. هذه ليست فرنسا الحرية والمساواة وحقوق الإنسان التي تربينا عليها. لا يمكن إرهابياً، ولا عشرة إرهابيين، ولا مئة منهم أن يغيّرونا على هذا النحو».