IMLebanon

المبادرة الفرنسية انتهت بشقها الحكومي وباريس أوقفت مساعيها السياسية

 

جزء من الإرهاب يتم تحريكه لأهداف سياسية بهدف حرف الأنظار عن واقع معين

 

 

مع تسلل الفراغ الحكومي بعد فشل المبادرة الفرنسية، تزداد الخشية على الأوضاع الأمنية بعد الذي جرى في عكار والمنية، وما يحكى عن وجود مخططات إرهابية لـ«داعش» وسواها، من خلال مجموعات الخلايا النائمة في عدد من المناطق التي تريد استغلال التسيب السياسي القائم، لإشغال الوضع الداخلي بأحداث أمنية متنوعة بين منطقة وأخرى. ولا تستغرب أوساط سياسية أن يعود الملف الأمني إلى الواجهة من بوابة التردي الاجتماعي والاقتصادي الحاصل، وهو أمر متوقع في ظل هكذا أوضاع، باعتبار أن حالات الإرهابية تجد في المآسي الاجتماعية أرضاً خصبة لها وبيئة حاضنة. كما أنه لا يجوز إغفال أن جزءاً هاماً من الإرهاب يتم تحريكه عن سابق تصور وتصميم وفي ظروف معينة من قبل أجهزة متخصصة، لأهداف سياسية ويتم من خلال ذلك تسليط الضوء على هذا العامل، لأهداف سياسية بالدرجة الأولى من أجل حرف الأنظار عن واقع معين باتجاه واقع آخر.

 

وتشير الأوساط إلى أنه لا يجب استبعاد أن يكون هذا العامل ضمن العوامل التي يتم استخدامها غب الطلب، لغايات سياسية، قد يكون الهدف منها في المرحلة الحالية، التعمية على ما يقوم به فريق الثامن من آذار، عبر إعادة التركيز على «داعش» ومخاطره وإمكانية تمدده في مناطق أخرى، بهدف صرف الأنظار عن ملف العقوبات أو السلاح أو ما شابه. إذ أن هناك تساؤلات عديدة طرحت عن أسباب تحريك ملفات الإرهاب فجأة وفي ظروف معينة، ما يوحي بأنه يراد استخدام هذه الورقة لأهداف سياسية. وتعتبر أن التأييد اللفظي للمبادرة الفرنسية شيئ والوقائع العملية شيئ مختلف تماماً، مؤكدة أن المبادرة الفرنسية بشقها الحكومي انتهت، وما بقي منها هو الشق المالي والإنساني والمعيشي. فباريس واستناداً إلى معلومات الأوساط أوقفت كل مساعيها السياسية، وتم ترحيل هذا الأمر إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية.

 

ولادة الحكومة الجديدة قد تكون في مطلع كانون الثاني

 

ولفتت إلى أن القوى الإقليمية وتحديداً المحور الإيراني، وضعت توقيتاً إقليمياً لولادة الحكومة اللبنانية لم يحن أوانه بعد، ولذلك فإن الحكومة رحلت حتى إشعار آخر، وقد تحولت الأولوية إلى كيفية التأقلم مع هذا الواقع الجديد. وعندما يقال بعد الانتخابات الأميركية، فليس بالضرورة بعدها مباشرة، باعتبار أن مطلع كانون الثاني المقبل قد يكون موعداً مرجحاً لولادة الحكومة اللبنانية الجديدة. لأن القوى السياسية المحلية لن تتمكن من تشكيل حكومة جديدة بعد افشال المبادرة الفرنسية، مشددة على أن الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله حاول من خلال السرد الهادئ الذي اعتمده أن يوحي أنه يتحدث بلغة منطقية، وأنه لا يجوز أن تشكل الحكومة من قبل فريق أوحد، ما أوحى بأنه تم إفشال عملية تأليف حكومة من قبل فريق أمر واقع.

 

وأشارت الأوساط إلى أن نصرالله تجنب التطرق إلى أمرين أساسيين، الأول، وهو أن لبنان ليس في مرحلة حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الأولى في الـ2005، في أعقاب انتفاضة سيادية، بل نحن في أزمة مالية خانقة لا أحد يتحدث بالسياسة، وحتى أن المبادرة الفرنسية رحلت الكلام عن سلاح «حزب الله» إلى مرحلة لاحقة، وبالتالي فإن الكلام عن محاولات جرت لفرض حكومة أمر واقع تحدث عنها السيد نصرالله، ليست في محلها إطلاقاً. فالمطلوب هو الإنقاذ بعيداً من أي أمر آخر، وهذا لا يمكن أن يتم من خلال تشكيل حكومات على غرار كل الحكومات التي تشكلت منذ الـ2005 وحتى اليوم. وكان على السيد نصرالله أن يفسح في المجال أمام نجاح المبادرة الفرنسية في تشكيل حكومة، لإنقاذ لبنان من المأزق الذي يعانيه.

 

ولفتت رداً على نصرالله بأن الانتخابات النيابية أصبح هناك تشكيك كبير بنتائجها بعد التطورات التي حصلت منذ ما يقارب سنة، ولذلك كان عليه أن يذهب باتجاه حكومة لا تمثيل فيها لهذه الكتل، وبالتالي كان أمراً منطقياً الإفساح في المجال أمام الرئيس مصطفى أديب لتشكيل حكومة وفق مواصفات المرحلة الحالية وطبيعتها، سيما وأن الأولوية هي للإنقاذ وليس لأي شيئ آخر. ولن يستقيم الوضع طالما استمرت هذه العقلية السياسية في التسلط والهيمنة على مقدرات البلد، ومحاولة فرض أعراف جديدة لا تمس إلى الدستور بأي صلة، على غرار ما حصل مع محاولة وضع اليد على وزارة المالية التي لا ينص الدستور مطلقاً على أن تكون هذه الحقيبة من نصيب هذا الفريق السياسي أو ذاك. وبالتالي فإن الذين عرقلوا عملية التأليف سيتحملون مسؤولية وصول الأمور إلى ما وصلت إليه من انهيار وترد على مختلف الأصعدة، في ظل انكفاء عربي ودولي مخيف عن مساعدة لبنان، ما سيجعل الأمور على درجة من الخطورة، مع انسداد مخارج الحل في أكثر من اتجاه.