IMLebanon

“المستقبل” – “الاشتراكي”: ترتيب العلاقة “ماشي”… والإثنين في اليرزة

 

لا يكفي أن تتّكل الحكومة على فظاعة الشغور من بعدها طالما أنّ الظروف لم تنضج بعد لولادة خليفة لها، كي تصمّ آذانها عن الصراخ الذي يحيطها من جانب الناس الموجوعين قبل غيرهم. الكل متفق على أنّ الحكومة تقف على الحافة. وأي نسمة بسيطة قد ترميها في الهاوية. لا بل هي مستمرة بفعل عوامل غير ذاتية، لا تتصل بها أبداً.

 

ولذا لا بدّ لها أن تعيد النظر بسلوكها وأدائها اذا ما أرادت أن تصمد بوجه البركان الشعبي الآخذ في الغليان والذي قد يسدد بوجهها ضربة قاضية في ليلة لا ضوء قمر فيها. ومع ذلك، فإنّ الضجيج السياسي المثار من حول الحكومة يكاد يضيّع “الشنكاش”، ويخلط حابل سيناريوات التغيير بنابل التعقيدات الداخلية والخارجية التي تحول دون البحث في أي احتمال بديل.

 

ولهذا ثمة من ذهب بعيداً في تحليله لإحداثيات بعض المواقف المستجدة على الساحة السياسية، وتحديداً من بيت الوسط بعد خروج رئيس الحكومة السابق سعد الحريري عن صمته الحكومي ليرسل أكثر من إشارة، وفي أكثر من اتجاه. صحيح أنّه نفى على نحو قاطع أن تكون أحلام السراي تراوده من جديد جازماً “لا أريد أن يفاوضني أحد على رئاسة الحكومة. ومن الآن أقول إني لست راكضاً كي أكون رئيساً للحكومة ولا أحب ذلك ولا أفكر بذلك”… لكنه في الوقت عينه لم يتردد في التلميح إلى “شروط”، مشيراً إلى أنّ “شروطه معروفة ولم تتغير، وهي ليست شروط الحريري بل ما يحتاجه البلد للإنقاذ من الأزمة الحالية”.

 

وقد اتسمت هذه الإشارة، وفق المتابعين بالأهمية كونها تزامنت عن رسائل قيل إنه جرى تبادلها بين بيت الوسط والضاحية الجنوبية، حيث يتردد أنّ الحريري وجّه رسائل عن عدم ممانعته في العودة إلى السراي ولكن بعد التخفيف من الأوزان الثقيلة، وتحديداً مشاركة رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل و”حزب الله” في الحكومة، بحجة الحاجة إلى تسويقها في الخارج لتأمين بعض الاوكسجين المالي، ولا بدّ بالتالي من عدم تضمنها أي “ألغام” قد يرفضها المجتمع الغربي. تتابع المعلومات أنّ “حزب الله” لم يرد على الحريري لا سلباً ولا إيجاباً. وما حاول قوله رئيس الحكومة السابق في دردشته الاعلامية أول من أمس، يتوجه به الى الخارج وليس الداخل لمزيد من التأكيد أنّه لم يبدل في دفتر شروطه لترؤس الحكومة.

 

أما غير ذلك، فلا جديد تحت “شمس” الوضع الحكومي. في هذه الأثناء، يحاول الحريري تحصين بيته الداخلي سواء على المستوى الحزبي أو الميداني – المناطقي، بموازاة إعادة تفعيل التنسيق مع حليفه العتيق رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط. وفي هذا السياق، كانت الجلسة المسائية مع رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب تيمور جنبلاط من باب السعي إلى تعزيز التنسيق السياسي والنيابي بين الفريقين، ومعالجة الثغرات الميدانية الحاصلة في مناطق الإلتقاء وتحديداً اقليم الخروب، والذي يجعل من طريق الجنوب الساحلية عرضة لأعمال شغب وحرق دواليب وشلل بشكل قد يثير التوتر المذهبي.

 

ولهذا مثلاً، كان اللقاء الذي جمع منذ يومين وفدي “تيار المستقبل” برئاسة الأمين العام أحمد الحريري والاشتراكي برئاسة أمين السرّ ظافر ناصر. الفريقان مقتنعان أنّ صرخة الجوع محقة ولكن فداحة الأزمة لا تعالح بقطع الطريق لساعة أو لساعتين، وقد تحولها إلى وقود لفتنة قد تندلع في أي لحظة خصوصاً وأنّها طريق حيوية، لها من الخصوصية والرمزية ما قد يجعلها في غفلة من الزمن بركاناً مشتعلاً قد يهدد كل ما حولها. ولذا تحدث البيان المشترك عن “ضرورة عدم قطع الطرقات من المواطنين على بعضهم البعض، كي لا يتحول الأمر الى عبء اضافي يثقل حياة اللبنانيين”.

 

عملياً، التدقيق الهادئ في هويات المجموعات التي تسارع الى قطع هذه الطريق، يظهر بوضوح أنّها ليست حكراً على فريق واحد، ولا على لون واحد. لا بل يقول المتابعون إنّها كوكتيل غريب عجيب له انتماءات متناقضة، بينهم من هو حليف للمتضررين في قطع الطريق، وبينهم الخصم.

 

ولهذا اتفق الجانبان على رزمة عناوين وخطوات من شأنها أن تزيل الالتباسات وتصوّب الأمور، من دون التعرض لحق الناس في التعبير عن وجعها وسخطها ولكن من دون قطع الطرقات، وأهم تلك الخطوات التوجه للقاء قائد الجيش العماد جوزف عون حيث يفترض أن تحصل الزيارة لليزرة يوم الاثنين، بمشاركة النائبين محمد الحجار وبلال عبد الله، ومن ثم عقد لقاءات ميدانية مع قواعد الفريقين ومع فاعليات المنطقة الروحية والبلدية والسياسية لشرح وجهة النظر.