IMLebanon

حوار المستقبل – حزب الله: نزع فتيل انفجار محتمل مع انفلاش النزاعات المسلّحة

«الستاتيكو القائم» يتمدّد.. وانخفاض النفط له تداعيات إقليمية مفاجئة!

حوار المستقبل – حزب الله: نزع فتيل انفجار محتمل مع انفلاش النزاعات المسلّحة

ثمة من يعتقد أن العام 2015 مفتوح على تطورات دراماتيكية تؤسّس لمعادلة جديدة

يُقبل العام الجديد وسط  مناخات تشاؤمية تطغى على غالبية الملفات الملتهبة والمعقدة والعالقة سواء في المنطقة أو في لبنان، ذلك أن ثمّة قناعة لدى القوى والمحاور المتقابلة أن الظروف السياسية والميدانية التي تشهدها ساحات النزاع والمواجهة بينهما لم تنضج بعد بما يسمح بوصف العام الراهن على أنه عام الحلول أو الحسم. جُل ما يمكن أن يطمح إليه هؤلاء هو أن يَحمُل هذا العام ملامح تحولات جدّية تمهيداً للحلول المتوخاة أو القطاف المُنتظر. فمسار الأحداث يشي بمزيد من المراوحة والاستنزاف بما يُمدّد «الستاتيكو القائم» على مختلف الجبهات المفتوحة، من دون أن يعني ذلك استبعاد حدوث مفاجآت قد تسرّع أو تبدّل في المشهد الإقليمي على وقع تداعيات الانخفاض الحاد لسعر النفط وتأثيره السلبي المباشر على اللاعِبَين  الروسي المنغمس في الأزمة الأوكرانية، والإيراني الضالع  في العراق وسوريا ولبنان وغزة واليمن عبر  أذرعته العسكرية.

المناخات التشاؤمية تنطلق، في مجملها، من تلاشي الرهان على تغيير واضح المعالم في سياسة الإدارة الأميركية الراهنة حيال ملفات المنطقة. فرغم أن الكونغرس الجديد الذي انطلق في أعماله بسيطرة الحزب الجمهوري سيؤول إلى لجم اندفاعة أوباما لتوقيع اتفاق مع إيران حول ملفها النووي بأي ثمن، وإنْ كان بعض السياسيين الجمهوريين يرون أن إيران ربما باتت ضحية «الانفتاح الأوبامي» على كوبا، والذي حقق من خلاله الرئيس الحالي ما أراد تسجيله من إنجاز تاريخي يرتبط باسمه، ولو بوهج أقل، فإن أوباما لن يجاري الكونغرس في عقوبات جديدة يعتزم اتخاذها تجاه إيران من جملة عقوبات تستهدف المنظمات المتطرّفة والدول التي تدعمها، تماماً كما أنه لن يذهب بعيداً في مجاراة الكونغرس الذي يُعبّر بعض صقوره عن الحاجة إلى تدخل قوى برّية أميركية على الأرض في مواجهة التحالف الدولي للإرهاب ومحاربته تنظيم الدولة الإسلامية الذي يبسط سيطرته على أجزاء من العراق وسوريا، أو الدفع في اتجاه تدخل برّي عربي – إقليمي خارج إطار المنظومة الأممية، بما يضعه في مواجهة مع موسكو وطهران.

هذا الأمر سيُفضي إلى استمرار المعادلة الراهنة القائمة على سياسة الاحتواء لـ «تنظيم الدولة» لا سياسة القضاء عليه، واستمرار الأزمة السورية مع عجز أي من طرفي النزاع عن حسم المعركة ميدانياً لصالحه، وعدم توقع نجاح روسيا في مبادرتها لإيجاد حل سياسي للأزمة، رغم اقتناع متابعين للسياسة الروسية برغبة فلاديمير بوتين الجدّية في العمل على وقف النزاع في سوريا، الذي بات عبئاً فعلياً على بلاده، ويُهدد استمراره في تمدّد تداعياته إلى دول  إسلامية في آسيا الوسطى كانت في كنف الاتحاد السوفياتي، فضلاً عن حاجته إلى اتخاذ خطوات إيجابية حيال الغرب للتخفيف من الضغوط التي يواجهها على خلفية موقفه من الأزمة السورية، ولاحقاً انخراطه في الأزمة الأوكرانية، وما نتج عنها من عقوبات يدفع الاقتصاد الروسي ثمناً لها.

ومع انفلاش ساحات النزاع على وقع المواجهة المفتوحة مع إيران إلى اليمن عبر سيطرة الحوثيين على أجزاء واسعة من البلاد، وتمـدّد نفوذ «تنظيم الدولة الإسلامية» إلى الحدود مع لبنان على حساب تنظيمات المعارضة المسلحة المعتدلة، وحتى على حساب جبهة النصرة الأقل تطرفاً، فإن المخاوف باتت جدّية من احتمال أن تشهد المناطق الحدودية مواجهات عسكرية دامية بين «تنظيم الدولة» و«حزب الله». وتذهب بعض السيناريوهات إلى توقع تجاوز التنظيم للحدود اللبنانية إلى بعض القرى الحدودية في حرب تتعدى حرب الاستنزاف للحزب الذي لا تؤشر المعطيات إلى إمكان انسحابه من الوحول السورية في ظل معطيات عن تراجع مستمر لقدرة النظام السوري العسكرية ومواجهته أزمة تمويل مرتقبة لحربه ودعمه اقتصادياً بعد الانهيار النفطي الذي أثر على داعمَيْه، الإيراني والروسي، وبدء المراقبة المالية على العراق الذي شكل في حقبة حكم نوري المالكي مصدر تمويل للنظام السوري.

تلك المخاوف الفعلية هي من الأسباب التي دفعت، في رأي المتابعين لمسار المجريات، بـ «حزب الله» كما بـ «تيار المستقبل» للجلوس إلى طاولة الحوار الذي يُدرك الطرفان أن هدفه الأساسي التخفيف من الاحتقان المذهبي المرشح للاستعار في حال تطوّر المشهد الأمني والعسكري في البلاد، ولا سيما أن الحزب يدرك أن كثيراً من القوى اللبنانية لا تقف في صف المؤيد له في حرب ترى أنه زجّ لبنان فيها, وكشف ساحته مع وجود مئات الآلاف من السوريين النازحين على أرضه، فيما ستجد تلك القوى نفسها في موقع العالق بين مطرقة الحزب وسندان التنظيمات المتطرّفة، الأمر الذي سيدفع إلى مزيد من اهتزاز الوضع الداخلي، خصوصاً حين يصل النقاش إلى القرار السياسي الذي لا بد من اتخاذه والدور المنوط بالقوى الأمنية والعسكرية في مواجهة تلك التنظيمات وحماية لبنان واستعانته بقوات التحالف الدولي في حربه على تلك التنظيمات.

إزاء هذا الواقع، ثمة من يعتقد أن العام 2015 مفتوح على تطورات يمكن وصفها بالدراماتيكية التي من شأنها أن ترسي معادلات جديدة قد تشق الطريق أمام فرصة إعادة الاعتبار لمنطق الدولة ومؤسساتها وتحريرها من قبضة إطباق «حزب الله» عليها ليعود إلى حجمه الطبيعي من ضمن المكونات اللبنانية، لكنها في آن قد تؤول إلى مزيد من إمساك الحزب بالورقة اللبنانية إذا أخفقت  القوى السياسية المناهضة لمنطق سيطرة الحزب على الدولة  في إدارة المواجهة السياسية في هذه المرحلة الحسّاسة والحاسمة التي ستترك تداعياتها على مستقبل لبنان وكيانه ونظامه السياسي!