IMLebanon

تجمّع «البيال» يحصر معاركه النيابية على حلبة حددها سيد العهد وحزب الله

على وقع الجولة الخارجية لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون الهادفة الى وصل لبنان مع المدى العربي والدولي، كان احياء تيار المستقبل للذكرى الثانية عشرة لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري بمثابة احتفال بانتخاب الزعيم المسيحي عون رئيساً للبلاد، بعد مواجهة طويلة معه خلصت الى التسليم بقوته السياسية والشعبية اثر عقد كل من المستقبل والقوات اللبنانية تسوية معه، حملت اجهاضًا لمواقفهم وانكسارًا لخياراتهم تماشيًا مع خسارة المحور الاقليمي الذي يدعمها. وان حملت كلمة رئيس تيار المستقبل ورئيس الحكومة سعد الحريري مواقف حيال رفضه سلاح حزب الله وتمسكه بالمحكمة الدولية في ظل وجود وزير العدل سليم جريصاتي ممثلا رئيس الجمهورية في خطوة ارادها الاخير طمأنة ولي الدم بان لا نقضا لاتفاقه معه حول دعمها، فإن خطاب الحريري حسب اوساط مراقبة حاذر المقاربة السلبية لموقف عون الاخير من سلاح حزب الله وضعف الجيش اللبناني، ولم يخفِ في مجالسه اعتراضه على كلام رئيس البلاد لاعتباره موقفه حول دور المقاومة يناقض الاتفاق الرئاسي بينهما ويشكل التفافا على البيان الحكومي الذي اجمعت عليه القوى الممثلة فيها.

فقد بدا واضحا مفاخرة الحريري تضيف الاوساط، بانجازه الرئاسي بإنهائه الفراغ وانتخاب عون رئيسا للجمهورية بعد نحو 12 عاما من المواجهات السياسية وتبادل عبارات التخوين بينهما بحيث يأتي منطق الزعيم السني بتقديم مصلحة الوطن وحماية الطائف والمؤسسات لإنهاء الفراغ بمفاعيله السلبية خطوة تتطلب تنازلات وتسويات وهي المبادرة التي ترضي والده الشهيد في مثواه.

لكن موقف الحريري وتأكيده على البقاء في تحالفاته في السراء والضراء لا يعني بأن الاستحقاق النيابي المقبل قد يحمل اصطفافا للقوى المتحفظة على سياسات حزب الله اسوة بالمستقبل والقوات والكتائب والاحرار وحلفاء في هذا المحور، بعد ان تظللت بعباءة عون وخياراته السياسية، لأن المؤشرات تدل منذ اليوم، بحسب الاوساط، بان المعارك النيابية ستكون ضمن البيت الواحد مهما كان قانون الانتخاب لأن عون حدد سقف المواقف فيما رسم حزب الله حدود الحراك الانتخابي للقوى المقابلة له سياسيا.

فلا يعني دخول الحريري ورئيس القوات اللبنانية معا الى القاعة بأن المشهد التحالفي في الانتخابات النيابية سيكون على هذا المنوال بينهما لأنهما سيخوضان المعارك الانتخابية على حلبة حدد اطارها وسقفها كل من عون وامين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، ولان مواقفهما السياسية لا تشكل قاسم انتخابي مشترك على وقع تحالفاتها الجانبية، ففيما خص تيار المستقبل كما يرى مراقبون لن تكون المعارك خارج اطار البيئة السنية على غرار المواجهة مع معارضين ومتمردين على خيارات الحريري اسوة بالرئيس نجيب ميقاتي والوزير السابق اشرف ريفي والنائب خالد الضاهر، ومقابل ذلك سيضم الى لائحة البقاع الغربي داعم «سرايا المقاومة» الوزير الاسبق عبد الرحيم مراد ، فيما من الا ستحالة اجتياز حدود مناطق الثنائي الشيعي لخوض معارك تأتيهم بنواب اضافيين ليكون لتيار المستقبل بعداً وطنياً على ما يريد الحريري. ولا يتحول الى تجمع مذهبي.

أما في ما خص الجانب المسيحي يكمل المراقبون فإن المعركة ستكون متعددة الاوجه بحيث ان رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل سيكون إما «حاتم طي»، بحيث يكرم القوات والكتائب بعدة مقاعد لبقائهما تحت جناح العهد وجناحه ويمتنع في موازاة ذلك عن مواجهة رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية بطلب من حزب الله، إما يتقمص شخصية «الجاحظ» استنادا الى احصاءات يمتلكها وينطلق منها لعدم اغداقه المقاعد على كل من القوات والكتائب تماشيا مع أحجامهم.

ولذلك بعيد حسم النقاش بين التيار والقوات على الحصص فإن تمكن الثنائي المسيحي من التحالف معا اذا ما اجاز القانون الانتخابي ذلك، فستشهد الحلبة المسيحية مواجهة بين التيار والقوات من جهة وبين الاحزاب والمستقلين المواجهين لهم، بحيث تبقى المعركة المسيحية داخل البيت الواحد للقضاء على المواجهين لهذا التحالف ولن تمتد الى خارج هذا النطاق لخرق الحدود الحمر التي رسمها حزب الله. عدا ان المواجهة المسيحية ستكون في شتى الاتجاهات في ظل تمسك الحريري بدعم المردة ورئيسة الكتلة الشعبية ميريام سكاف انتخابيا وتجيير اصواته ودعم مرشحيهم بهدف الحصول على حجم نيابي اكبر.

 وقد أتى موقف الحريري من قانون الانتخاب ليعود بالذاكرة وفق المراقبين الى مرحلة العام 2005 حيث ترسم صيغ قانونية يرفضها والده الشهيد، الذي كان يحدد اطار القانون الذي يفضله، فيما الحريري كرئيس للحكومة ورئيس لتيار سياسي واسع بدا في حالة دفاع وتموضع الى جانب جعجع والنائب وليد جنبلاط الذين يتوجسون من قانون النسبية وفق الصيغة الذي يلتقي عليها عون ونصرالله دون ان يحدد الحريري من موقعه الفاعل في المعادلة لمسودة قانون الانتخاب وبدا كأن القرار لا يزال غامضا وان كان بقي على توافق مع القوات اللبنانية على القانون المختلط، عدا ان سقف المواقف لا تدل على ان حلفاء «السراء والضراء» ذاهبون الى انتخابات نيابية بافكار سياسية او اصلاحية وان كان عليهم مراعاة توازنات الواقع الإقليمي وابعاد لبنان عن التجاذبات المحرقة، فالأكثرية النيابية لن تكون لصالح هذا الفريق المواجه للممانعة وتوفرها لا يمكن ترجمتها على ما دلت محطات سابقة، كما غير مسموح حيازة الثنائي المسيحي على «بلوك» نيابي مؤثر في مجرى الحياة السياسية، فالواضح ان عون حدد السقف السياسي الاستراتيجي لعهده يتابع المراقبون فاتحا بذلك الباب على مواقف وخيارات عهده، اذ أتى موقفه الداعم بالمطلق لحزب الله رسالة بأن الزيارات السعودية اللبنانية على اعلى المستويات والسياحية للوزير ثامر السبهان غير كافية فإذا ما كانت الرياض غير راغبة بدعم الجيش اللبناني والافراج عن الهبة فان المقاومة هي البديل لان الجيش لا يمكنه صدّ اسرائيل، وفي ظل ذلك تستطيع القوى تسجيل المواقف والاعتراضات لكنه كرئيس للبلاد ينطلق من قناعاته حول خياراته السياسية التي يعبر عنها، او الانتخابية لناحية ضرورة إقرار قانون جديد للانتخاب وإلا الفراغ وغير ذلك تستطيع القوى السياسية الحراك ضمن حدود بينها انتخابه وتشكيل الحكومة وتوازناتها.