IMLebanon

الحلّ يبدأ في غزّة وينتهي في غزّة

 

 

في وقت يجري فيه الحديث داخل إسرائيل وخارجها، عن مقترحات عدّة للتهدئة، في الحرب الدائرة في قطاع غزّة، أكدت حركة حماس على انها لا تسعى لوقف موقت للقتال هناك، وإنما تسعى الى وقف كامل للحرب. مؤكدة على موقفها بعدم الدخول في مفاوضات لتبادل الأسرى والرهائن مع إسرائيل إلاّ بعد وقف إطلاق النار.

 

إلى ذلك، كشف تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية عن تحركات إقليمية ودولية لإنهاء أزمة غزّة.

 

وحسب الصحيفة فإنّ المطالب والنتائج التي تمّت مناقشتها، تحتاج الى وقت طويل جداً… إذ يجب التغلب على عقبات كبيرة تعترض مسيرة المفاوضات، في الوقت الذي تبدو العقبة الأبرز ان إسرائيل تقول إنها لن تسمح بالسيادة الفلسطينية الكاملة على القطاع، الأمر الذي يثير الشكوك حول ما إذا كان من الممكن إحراز تقدّم في هذه المفاوضات… ولن تصل المفاوضات الى نتائج إيجابية -برأيي- إلاّ بعد تنفيذ ما تريده «حماس» وأبطال «طوفان الأقصى» من شروط.

 

فإسرائيل، عبثاً تحاول أن تنهي حرب غزّة، لكنها فعلاً فوجئت بقوة حركة حماس وصمودها… والأغرب ان إسرائيل كانت تظن ان عملية غزّة سوف تحل خلال أيام، وقد تبيّـن لها انها تحتاج الى شهر، ثم تبيّـن لها أيضاً انها بحاجة الى شهرين وبعدها صدرت عدّة مواقف دولية تقول إنّ القضية سوف تنتهي خلال ثلاثة أشهر ثم الى بداية السنة، وهكذا دواليك.

 

كل هذه التواريخ أثبتت ان إسرائيل عاجزة عن حل قضية غزّة، وأنّ قوتها وجيشها الذي لا «يُقهر» لم يكن صحيحاً، بل أكذوبة صدقها الاسرائيليون فقط ولمدة محدودة. إنّ كل الدلائل تشير الى ان إسرائيل مصابة بخيبة أمل، خصوصاً انها لم تترك وسيلة عسكرية إلاّ واستعملتها ظنّاً منها انها ستقضي على حركة حماس.

 

حتى ان عملية الإبادة التي مارسها الطيران الاسرائيلي -ولا يزال- بالقصف والتدمير وإزالة المباني، حيث أصبحت %70 من مباني غزّة ركاماً وقد سويت بالارض وغير صالحة للسكن.

 

ولم تتوقف إسرائيل عند هذا الحدّ من تدمير مدينة غزّة، و %70 من المباني سويت بالارض كما قلنا، لكنها اعتمدت طريقة ثانية وهي حرب إبادة جماعية لكامل مدينة غزّة. إذ عندما دخل جيش العدو الاسرائيلي، حاول تقسيم القطاع الى شمال وجنوب وإلى مناطق يُصار الى تطهيرها تدريجياً، ولكن الفشل كان النتيجة التي حققها الجيش الاسرائيلي… فلم ينجح في ما كان يهدف إليه.

 

وفي تذكير بالشروط التي وضعها بنيامين نتانياهو المجرم، فإننا نذكّر بها من لا يزال يتجاهلها:

 

-1 القضاء على قيادة «حماس».

 

-2 القضاء على حركة حماس وسحقها.

 

-3 تحرير الأسرى.

 

كل هذه الشروط لم يستطع أن يحقق منها شيئاً.

 

بعد هذا الفشل لجأت إسرائيل اليوم الى بدعة جديدة ألا وهي تقسيم جبهات القتال، أي أن الشعار الذي قيل عن توحيد الجبهات والساحات بدءاً بلبنان حيث تحاول إسرائيل إغراء لبنان باتفاق ثانٍ مع إسرائيل حول الحدود البرية.. بعد أن استطاعت أميركا من خلال  مندوبها آموس هوكشتاين أن يحقق اتفاق الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل. ولكن يبدو ان الاتفاق الارضي غير قابل للتحقق قبل نهاية حرب غزّة.. حيث ان «الحزب العظيم» وبالرغم من الخسائر الكبيرة التي تكبدها يومياً حيث وصل عدد الشهداء الى أكثر من مائتي شهيد. لكن «الحزب» لا يستطيع أن يتوقف قبل أن تنتهي حرب غزّة خصوصاً ان دخوله الحرب قد حقق إنجازين:

 

أولاً: تهجير 200 ألف إسرائيلي من شمال فلسطين المحتلة.

 

ثانياً: «إلهاء» 300 ألف عسكري إسرائيلي في جبهة الشمال، وهذه نقطة مهمة جداً ولا يمكن إلاّ أن تُحسب في خانة «الحزب» ومصلحته في الصراع مع إسرائيل.

 

الجبهة الثالثة هي جبهة سوريا… ويبدو ان هناك ظروفاً صعبة ومعقدة وغير معروفة لإشراك سوريا في الحرب حيث يبدو ان الرئيس بشار الأسد خارج الخدمة، وأنه يعيش في عالم ثانٍ بعيد عن الواقع، وأنّ هناك خلافات كبيرة بينه وبين الايرانيين…

 

الجبهة الرابعة هي جبهة العراق، وهذه الجبهة هي أفشل جبهة، خصوصاً ان هناك عدم تنسيق مع أي جهة تمسك بزمام الأمور وتستطيع أن تحقق أي إنجاز.

 

الجبهة الخامسة هي جبهة اليمن، وقد أصبحت هذه الجبهة من أهم الجبهات.. خصوصاً بسبب موقعها الجغرافي وبالأخص تحكّمها في الملاحة الدولية في البحر الأحمر، وأهمية هذا الموقع في التجارة العالمية ومرور البضائع من ذلك الممر البحري الاستراتيجي.

 

وفي النهاية، إذا كانت إسرائيل تظن انها تستطيع أن تستفرد بالجبهات كل واحدة على حدى، فإننا نقول لها: إنّ حساباتها ساقطة، ولا يوجد إلاّ حل واحد يبدأ في غزّة وينتهي في غزّة.