IMLebanon

غزّة: معركة جزئيّة في صراع طويل… ولبنان سيدفع ثمن “الترانسفير”

 

يعود مخطط التهجير القسري للفلسطينيين إلى الواجهة مع اشتداد المواجهات بين «حماس» وإسرائيل. سيناريو لا تقتصر تبعاته على أهالي قطاع غزة والضفة الغربية فحسب، إنما سيبلغ حكماً لبنان، مع تحوّل حقّ العودة لفلسطينيي الشتات، ويقارب عددهم 500 ألف في لبنان، من «حلم» إلى واقع مرير يفرض «التوطين». ومع تيقّن مصر والأردن مخاطر المطالب الإسرائيلية بإخلاء مدينة غزة للتوجه إلى جنوب القطاع المحاصر أصلاً، وتالياً إلى سيناء والأردن، فإنّ اهتمام لبنان منكبّ على متابعة مآل «قواعد الاشتباك» بين «حزب الله» وإسرائيل، والحذر من إقحام لبنان في حرب قد تغيّر الكثير من الحدود السياسيّة والجغرافيّة في المنطقة.

 

ووسط اعتبار بعض المتابعين أنّ ردّة الفعل الإسرائيلية على عملية «طوفان الأقصى» تتخطى محاولة إنهاء «حماس»، يوضح أستاذ العلوم السياسيّة والعلاقات الدولية البروفسور كميل حبيب لـ»نداء الوطن»، أنّ ما يحصل يعدّ محطة جديدة من مشروع رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون بعدما طرح عام 2000 «الترانسفير» Transfer لاستكمال مشروع التهجير القسري الذي بدأ عام 1948 وتوسّع عام 1967.

 

ورأى أنّ سكوت غالبيّة دول القرار في العالم عن تهجير أهالي ناغورني كاراباخ قبل أسابيع، خوّل إسرائيل اعتبار تهجير أهالي غزة ونقلهم إلى سيناء، كما نقل أهالي الضفة الغربيّة إلى الأردن، أمراً عادياً، يحقّق مشروعها القديم بـ»تطهير» فلسطين من أهلها وإقامة دولة يهودية خالصة على أرضها، وبالتالي القضاء على القضيّة الفلسطينية إلى الأبد.

 

ومع تشديده على أنّ إسرائيل لا تقيم اهتماماً أو اعتباراً للقوانين الدولية، يلفت إلى أنّ مشروعها الأساسي يتعارض ومعاهدات السلام والاتفاقات الدولية التي تعتبرها «تجليطة»، تحديداً بُعَيد رفض إسرائيل تنفيذ «إتفاق أوسلو» الذي يدعو إلى إقامة دولة فلسطينية، والردّ على ما تمّ الاتفاق عليه حينها (أوسلو) بمضاعفة عدد المستوطنات في الضفة الغربية وخنقها القرى الفلسطينية، كما الفلسطينيين على المستويين الاقتصادي والسياسي بعد الجغرافي، ووضعهم أمام خيار أوحد، وهو ترك أراضيهم والهجرة؛ وذلك بالتزامن مع فرض قوانين تخوّلها استملاك الأراضي والمنازل غير المأهولة بمرور الزمن.

 

وأمام تركيز إسرائيل راهناً على إنهاء «حماس»، اعتبر حبيب أنّ معركة غزة هي معركة جزئيّة في صراع طويل، يتخطّى المفهوم العسكري ليطول بتبعاته الطابع السياسي والثقافي والحضاري، كما الإعلامي من أجل إنهاء القضيّة الفلسطينية، وذلك مع فرض هذه الحرب على الفلسطينيين، وتحويل ما يقارب 2.4 مليون فلسطيني يعيشون على مساحة تقارب 365 كلم مربعاً (قطاع غزة) إلى دروع بشريّة يمعن الجيش الإسرائيلي بغطاء أميركي وألماني وبريطاني وفرنسي… في القضاء عليهم.

 

وإذ اعتبر أنّ الأحداث الأخيرة أعادت الصراع الفلسطيني– العربي إلى نقطة الصفر، لفت إلى أنّ القوى الغربيّة التي تدّعي المطالبة باحترام الإنسان وحقوقه تتجاهل المجازر التي ترتكب في حق الفلسطينيين، ما يفقدها مكانتها وحيادها للانخراط والتسريع في الوصول إلى حلّ عادل يضمن العيش بسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ويمهّد لعودة فلسطينيي الشتات إلى فلسطين، وتحديداً أولئك الذين يعيشون في لبنان.

 

وأشار إلى أنّ استمرار النزاع بالشكل القائم عبر العودة إلى تهدئة ظرفية واستئناف جولات جديدة من القتال وتهجير المزيد من الفلسطينيين لم يعد ممكناً، ليشدّد بالموازاة على وجوب الضغط على إسرائيل للتخلي عن «حلمها القديم» بإقامة دولة يهودية على كامل أراضي فلسطين وتغيير خرائط المنطقة، والذهاب إلى طاولة مفاوضات للعمل على تطبيق مبادرة الملك عبدالله (مبادرة بيروت للسلام عام 2002)، والتي ترتكز على حلّ الدولتين. وهذا ما يجنّب الشعب الفلسطيني المزيد من إراقة الدماء في حرب «لا تماثليّة» بين أميركا وفصائل المقاومة ومن بينها «حزب الله»، ليختم مشدداً على وجوب الوقوف مع الحقّ أي «القضيّة الفلسطينية» والسعي إلى حلّها عبر إقامة الدولتين كخطوة تمهّد لعودة ما يقارب الـ500 ألف فلسطيني إلى أرضهم.