IMLebanon

إختراع هدف للخصم ووهم “الضحية”

 

يفتعل الفريق الرئاسي وقادة “التيار الوطني الحر” معركة حول استهداف الرئاسة الأولى والموقع المسيحي الأول بشتى الوسائل، من أجل ترميم شعبية العهد المسيحية بعد تراجعها الأكيد منذ ثورة 17 تشرين 2019، وجراء تحميله مسؤولية رئيسية عن التدهور الاقتصادي والمالي إلى جانب الطبقة السياسية برمتها. تارة يدعي أنه مختلف عن هذه الطبقة لتبرئة نفسه من تهمة أولوية شهواته السلطوية على الإصلاح، وأخرى يزعم بأنه يختلف مع حليفه “حزب الله” على بناء الدولة، وهذا ما تسبب بما آلت إليه البلاد، وثالثة يشكو الرئيس المكلف بمصادرة حقه في تسمية الوزراء المسيحيين على رغم أخذه بأسماء أكثر من ثلثيهم من لائحة الرئيس ميشال عون. في الحالات الثلاث الهدف كسب عطف الجمهور المسيحي مجدداً، بعدما صنف غالبيته الرئاسة بصيغتيها العونية وخصوصاً الباسيلية، شريكاً في المحاصصة التي سرعت الانهيار.

 

لعِبُ دور الضحية التي تقف في وجه الحليف والخصم معاً، يقوم على اختراع أهداف للخصم ليست من نواياه، من أجل الإيحاء بصورة القوي الذي لولاه لاستبيحت حقوق الطائفة، هو واحد من الأوهام، كالإيحاء بأن رؤساء الحكومات السابقين نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة وتمام سلام، ورئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، يخططون لإزاحة الرئيس عون أو للدعوة إلى انتخابات نيابية مبكرة. فاجتماع هؤلاء عُقِد أواخر العام الماضي، وليس في اليومين الماضيين، وبالتالي لا علاقة له بالفيديو الفضيحة لإهانة عون للحريري. واجتماعهم جاء بعيداً من هدف قيام جبهة أو إحياء تحالف 14 آذار، وتناول أفكاراً حول وثيقة سياسية للخطوات المطلوبة للإنقاذ وخريطة طريق لإدارة أزمة البلد الراهنة المالية والسياسية، والحلول، على أن تجرى اتصالات مع قيادات من طوائف أخرى تشترك في صوغها. فرؤساء الحكومات يعتمدون سقف الحفاظ على اتفاق الطائف وعدم العبث بالصلاحيات الدستورية للرئاسة الثالثة، في وقت يسعى فريق الرئاسة لاستعادة صلاحيات الرئاسة الأولى ما قبل الطائف، بالممارسة. وهم تجنبوا التعليق على ما قاله عون في حق الحريري بحجة أنهم لن يمنحوه فرصة استدراجهم إلى ملعب إثارة المشاعر الطائفية لاستنفار بعض الرأي العام المسيحي بالسجال على تعرضه للحريري. إكتفى هؤلاء بالاتصال مع المرجعيات المسيحية الروحية للتشاور معها في الضرر الذي ألحقه عون بمعالجة العقد التي تعترض ولادة الحكومة، فأبدى هؤلاء انزعاجهم من اللغة التي استخدمها رئيس الجمهورية وتفهمهم لموقف رؤساء الحكومات.

 

أما جنبلاط فما زال متمسكاً بقناعته أن إقالة رئيس الجمهورية تعود إلى موقف وقرار القيادات المسيحية والبطريركية المارونية، وكان الوحيد الذي أعلن تضامنه مع الحريري إثر الفيديو الفضيحة رغم التباين بينهما في شأن تأليف الحكومة، لاعتقاده مع العديد من القيادات المسيحية بأن تصعيد عون وقبله باسيل موجه ضد مساعي البطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي يدعو في كل مناسبة الرئيسين إلى اجتماع مصالحة ينتهي بإنجاز الحكومة، فإذا بالفريق الرئاسي يحبط جهوده. غرض هذا الفريق دفع الحريري إلى الاعتذار، في وقت يدغدغ مشاعر بعض المرشحين. وهي نقطة خلاف بين “التيار الحر” وحليفه “حزب الله” الذي أبلغ باسيل أن لا مرشح لديه غير الحريري ويتمسك ببقائه، و”عدم تسميتنا له في الاستشارات النيابية في 22 تشرين الأول الماضي كان مراعاة للتيار لا أكثر”. أما القيادات المسيحية الأخرى فتركت لتفاعلات سلوك باسيل وعون أن تفعل فعلها في غير مصلحتهما مسيحياً.