IMLebanon

“أبطال” المشرقية والذميّة… وضرب حياد البطريركية!

 

لكل حركة أو حزب أو تيار أفكار ومبادئ يتمّ العمل بموجبها، ويحصل تطوير للنهج السياسي خصوصاً بعد رحيل الزعيم المؤسس لأن السياسة ليست ثابتة، لكن ما يحدث في حالة “التيار الوطني الحرّ” لا تنطبق عليه أي قاعدة من القواعد التي مرّت سابقاً.

 

صعد نجم العماد ميشال عون عام 1988 قائداً للجيش ثم رئيساً للحكومة الإنتقالية التي فرضها الرئيس أمين الجميل، وخرج عون على الشعب بخطاب سيادي إستقلالي مهدداً الرئيس الراحل حافظ الأسد، ليقلب بعدها بارودته تجاه الداخل مفتعلاً حرب “الإخوة” بين المسيحيين.

 

نُفي العماد عون بعدما قادت حروبه إلى دخول الجيش السوري المناطق الشرقية المحرّرة واحتلال قصر بعبدا، وطوال وجوده في فرنسا كان المناضلون العونيون يرفعون شعار الحرية والسيادة والإستقلال.

 

عاد عون في 7 أيار 2005، والجنرال الذي خاض حرب الشرعية سابقاً إنقلب وأصبح 7 أيار وهجوم “حزب الله” واجتياحه بيروت والجبل عام 2008 يوماً مجيداً.

 

إذاً، بدّل “التيار الوطني الحرّ” مبادئه في ظل وجود عون رئيساً له ومن ثمّ أكمل النائب جبران باسيل المهمّة بعد وراثته “التيار” وإقصاء النائب ألان عون عن الرئاسة عام 2015، وبالتالي فإن ما ذكره باسيل من مبادئ أمس الأول ينطلق في قسم منها من روحية وثيقة “مار مخايل” والسلوك السياسي الذي ينتهجه.

 

وفي الشق السياسي والسيادي، فقد أثار باسيل مسألة المشرقية و”التحييد” بدل الحياد الذي طرحه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وأيدته غالبية الشعب اللبناني من كل الطوائف.

 

وتقرأ شخصيات كنسيّة ومدنية في كلام باسيل ضبابية وكأنه مُكلّف من قِبل “حزب الله” بنسف إندفاعة الراعي نحو الحياد والمطالبة بمؤتمر دولي خاص بلبنان، خصوصاً ان التحييد ليس حلّاً دائماً للبلاد لأنه في مراحل عدّة تمّ اعتماده ليعود بعد فترة ويتأزّم الوضع وتنفجر حروب الآخرين على أرض لبنان.

 

ويأتي التشاؤم من الورقة التي طرحها باسيل من إعادة التركيز على المشرقية، فـ”التيار الوطني الحرّ” حمل لواء المسيحية المشرقية منذ عودة عون من باريس وتوقيعه التفاهم مع “حزب الله”، وباتت المشرقية بالنسبة إليه تنحصر في تحالفه مع النظام السوري ورئيسه بشار الأسد ومع النظام الإيراني.

 

ويدفع اللبنانيون عموماً والمسيحيون خصوصاً ثمن أخذ “التيار الوطني الحرّ” لبنان إلى خيار المحور الإيراني تحت مُسمّى المسيحية المشرقية، والذي جلب الفقر والجوع والعوز إلى البلاد وكاد أن يضرب المصالح اللبنانية والمسيحية في الخليج العربي لولا تدارك البطريرك الأمر وأخذه زمام المبادرة وطرحه الحياد، ومحاولته إعادة وصل ما إنقطع من علاقات لبنانية مع العرب والغرب.

 

يوجد شبه إجماع مسيحي ويصل إلى حدّ الإشمئزاز من طريقة تعاطي فريق “التيار العوني” مع “حزب الله” والمحور الإيراني والبصم له وحماية مصالحه التي تضرب الدولة وتقوّي الدويلة.

 

والنقطة التي تثير الغضب هي إظهار العونيين للمسيحيين على أنهم أهل ذمّة وقولهم أنه لولا “الحزب” لوصل “داعش” إلى جونية، متناسين أن الوجود الماروني يعود إلى 1500 سنة في لبنان وبداية المقاومة كانت مع البطريرك الأول مار يوحنا مارون بينما “حزب الله” هو نتاج الثورة الإسلامية في إيران.

 

قال البطريرك الماروني كلمته ومشى، وهو متمسّك اليوم أكثر من أي وقت مضى بطروحاته وبمبدأ الحياد والمؤتمر الدولي، والراعي الذي عايش فترة البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير يعرف أن أعداء طروحاته سيستخدمون أهل الطائفة من أجل الإنقضاض عليه، لذلك فإن كل الأدوات لن تثني سيد الصرح عن الحياد وعن فتح باب العالم أمام المسيحيين وكل اللبنانيين وتحرير البلد من الإحتلال الجديد.