IMLebanon

تنافس للتفاوض مع إسرائيل وعجز عن تأليف حكومة

 

ما إن أعلن رئيس البرلمان نبيه بري عن التوصل مع الجانب الأميركي، إلى اتفاق إطار للتفاوض على الحدود البحرية والبرية، حتى برزت مجدداً مظاهر التنافس على إدارة هذا الملف المعقد الذي من السذاجة الاعتقاد بأن الفرقاء المعنيين به، سواء إسرائيل أو الولايات المتحدة الأميركية أو الفرقاء اللبنانيين المتعددين، لم يستخدموه تحت ستار مواقفهم التقنية والقانونية منه، ورقة في إطار الصراع الإقليمي والتناقضات السياسية اللبنانية الداخلية.

 

ومثلما جاء إعلان رئيس البرلمان عن اتفاق الإطار تاركاً لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون إكمال المهمة عبر ضباط الجيش اللبناني الكفوئين، وفقاً لصلاحياته الدستورية، قفز رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل “ليرسِّم” بالنيابة عن عون منهجية التفاوض، “لا على الطريقة الفارسية ولا على الطريقة العربية”. هو كرّس بهذه العبارات، ما كان يسعى إليه منذ أكثر من سنتين: انتزاع الملف من رئيس البرلمان لأن التشدد الذي كان ينتهجه الرئيس بري، ومن ورائه “حزب الله”، لا يناسب سعيه إلى فتح خطوط التواصل الإيجابي مع واشنطن. وهو النهج الذي يحكم سلوكه بقوة منذ أشهر لإبعاد العقوبات عنه بتسليف واشنطن مواقف تميزه عن “الطريقة الفارسية”. أيحتاج المرء وضوحاً أكثر لاكتشاف ما يسعى إليه باسيل؟ وتجاوُز الرئيس عون ما أعلنه بري باكتفائه بالترحيب بما أعلنه مايك بومبيو عن الاتفاق، يشي كم أن فريق الرئاسة متعطش لالتقاط المناسبة لأخذ المبادرة في الصلة مع واشنطن.

 

أما من جهة بري و”حزب الله” فإن أكثر من وسط ديبلوماسي وجد في ما تم التوصل إليه بأنه جاء تحت ضغط العقوبات الأميركية التي كان نموذجها استهداف معاونه الوزير السابق علي حسن خليل، في مقابل تأكيد أن اتفاق الإطار حسم مطلع شهر تموز الماضي أي قبل العقوبات ضد خليل.

 

سواء صح ذلك أم لم يصح فإن الاتصالات لتسريع إعلان اتفاق الإطار في الأسابيع الماضية، تمت بين مستشار بري علي حمدان ومساعد وزير الخارجية للشرق الأدنى ديفيد شينكر الذي التقاه في زيارته الأخيرة، وتابع معه هاتفياً، التسوية على الصياغات الوسطية.

 

التسوية على صياغة إطار التفاوض تتيح لكل فريق أن يقول أنه ربح: بري بأنه فرض رعاية الأمم المتحدة وتلازم مساري الحدود البحرية والبرية، ولواشنطن أن تعتبر أن عقوباتها فعلت فعلها تمهيداً لترسيم يؤدي إلى إقفال الحدود البرية ونزع مبرر نزاع بحري، ما ينزع ذريعة لـ”حزب الله” للاحتفاظ بسلاحه.

 

لكن كما قال بري أمس إن التوصل إلى اتفاق الإطار ليس الاتفاق النهائي الذي يفترض أن يبدأ التفاوض عليه في غضون 15 يوماً ويمكن أن يستمر أسابيع أو شهوراً، واحتمالات خروجه بترسيم للحدود البحرية، أو عدمه، متساوية وتبقى عرضة لظروف الصراع الإقليمي والدولي في البقعة الجنوبية، على هدوئها المعرض دائماً للاهتزاز. فالألغام باقية خصوصاً أن مزارع شبعا خارج إطار التفاوض، لأن الخط الأزرق لا يشملها.

 

أما الإيحاء بأن زف نبأ التفاوض سيريح الأجواء وينعكس على الداخل في تأليف الحكومة، فلا يعدو كونه وهماً، وفق قناعة جهات خارجية لا تعتقد أنه حجر سيحرك المياه الراكدة. مع الإيجابية المفترضة لما جرى إعلانه يبدو التساؤل مشروعاً كيف أن الزعماء اللبنانيين يزفون أنباء التفاوض مع إسرائيل على الحدود، ولا يبذلون جهداً للتفاوض بين بعضهم لتأليف حكومة تعالج المأزق المالي، الذاهب إلى ما يشبه الكارثة الإنسانية.