IMLebanon

ألمانيا: نريد إرسال «قوة عسكرية» إلى لبنان!

 ة 

عند تبدّل الظروف الأمنية في بلد ما، غالباً ما تعمد السفارات الأجنبية الى الطلب من رعاياها مغادرته خوفاً من تدهور الأوضاع سريعاً وتعذّر المغادرة عبر المطار. وهو ما حصل فعلاً بعد فتح جبهة الجنوب اللبناني إثر حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة وما تبعها من اعتداءات على لبنان، إذ طلبت معظم السفارات العربية والأجنبية من رعاياها المغادرة. ووصل الأمر ببعض الدول، كالسعودية وكندا، الى إرسال طائرات حربية لإجلاء المواطنين وسط صمت لبناني رسمي مريب. إلا أن سفارة ألمانيا ارتأت المزايدة على غيرها عبر توجيهها طلباً رسمياً أشبه بأمر الى وزارة الخارجية اللبنانية لإبلاغها بنيّتها إرسال أفراد من الجيش الألماني إلى لبنان تحت عنوان «منع الأذى عن المواطنين الألمان على أراضي الجمهورية اللبنانية وإنقاذ هؤلاء عندما يكونون في محنة». اكتفت السفارة بإيراد هذه الجملة من دون أن تتكلّف عناء شرح الأسباب الخافية وراء طلبها نشر أفراد من جيشها على أراضي بلد آخر، ومن دون أن توضح متى تعتبر أن المواطنين في «محنة» أو Distress كما وردت في النسخة الإنكليزية من المذكرة، ولماذا تتخوف من تعرّض مواطنيها للأذى، ولماذا لم تطلب من هؤلاء المغادرة أسوة بكل الرعايا طالما أن الوضع لا يزال هادئاً. كذلك لم تكلّف السفارة نفسها الإبلاغ عن المكان الذي تعتزم نشر عناصر جيشها فيه أو تحديد الحالات التي تستدعي إجراءً مماثلاً، إلا إذا كان هؤلاء «المواطنون» يقومون بأدوار سياسية أو أمنية ضد المصلحة اللبنانية، وبالتالي ارتأت أنهم سيكونون معرّضين للخطر.

 

هل تريد السفارة السماح لها بإخلاء «مواطنين» لهم أدوار أمنيّة؟

كذلك تتحدث سفارة جمهورية ألمانيا الاتحادية في مذكرتها الى وزير الخارجية عبد الله بوحبيب عن حماية المواطنين الألمان و«غيرهم من الأشخاص» (other designated persons) من دون توضيح هوية هؤلاء، الى جانب تقديمها عرضاً بدعم السلطات اللبنانية خلال فترة الإخلاء عبر «موظفين متخصصين». المذكّرة بكاملها مخالفة لأدنى قوانين احترام سيادة الدول، وقد نقلت في آخرها طلب وزارة الخارجية الألمانية منحها «اتصالاً مباشراً مع السلطات المعنية» لتنسيق أيّ إجراءات إخلاء قد يلزم اتخاذها من قبل الجيش الألماني! «وقاحة» الألمان ليست الأولى من نوعها، بل سبق للسفير الألماني السابق أندرياس كيندل أن تمادى في ممارساته المتعجرفة ليتصرف قبل انتهاء مهامه كمندوب سامٍ في لبنان يتدخّل في الأوضاع السياسية والتعيينات القضائية من دون أن يلجمه أحد.

 

في الأحوال الطبيعية، وفي أي بلد يتمتع مسؤولوه بكرامة ويعملون للحفاظ على صورة بلدهم وسيادته، يفترض أن تقابل مذكّرة مماثلة ياستدعاء السفير الألماني من قبل وزير الخارجية عبد الله بوحبيب واستصراحه حول طلبه وإبلاغه رفض أمر مماثل حفاظاً على سيادة لبنان وعملاً بالقوانين المرعية، إلا أنه يتبيّن أن بوحبيب منح وزارة الخارجية الألمانية «موافقة شفهية» على طلب نشر أفراد الجيش الألماني في الأراضي اللبنانية، وهو ما ذكرته السفارة في رسالتها. وأورد بوحبيب في كتابه الموجّه الى الأمانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء نسخة عن مذكرة السفارة، طالباً اتخاذ الإجراءات المناسبة وإفادته! وإذا كانت الديبلوماسية اللبنانية تدار بهذا الشكل، فلا عتب على وزارة الخارجية الألمانية أو أي سفير أجنبي. وليس من المستغرب بعد الآن أن تأتي كل الجيوش الأجنبية لاحتلال لبنان.