IMLebanon

… والله أعلم

ما الذي تغيّر في المشهد الداخلي، منذ عودة الرئيس سعد الحريري إلى لبنان؟

البعض يرى أن أموراً كثيرة يمكن وضعها في المنحى الإيجابي قد تغيّرت حتماً، وفي مقدمتها أن زعيم تيّار المستقبل أثبت لكل من يعنيهم الأمر في الداخل والخارج، حرصه على لبنان الوطن والدولة واستعداده للتضحية حتى بجمهوره لإنقاذ الجمهورية وانتخاب من تُجمع عليه كلمة اللبنانيين حتى ولو كان محسوباً على حزب الله ومن ورائه إيران، كما أكد بأن السعودية ما زالت على موقفها الثابت من الاستحقاق الرئاسي وهو عدم التدخل في الشأن اللبناني الداخلي، وترك هذا الأمر إلى اللبنانيين ليتدبرون شؤونهم بأنفسهم، ويتحمّلون وحدهم، ولا يحمّلون غيرهم مسؤولية ما يُقدمون عليه.

وبالتالي فإن زعيم تيّار المستقبل ذهب بعيداً في هذا الاتجاه، ووضع الجميع أمام مسؤولياتهم، حتى حزب الله الذي يدّعي دائماً وفي كل المناسبات ومنذ عامين ونصف العام أن مرشحه لرئاسة الجمهورية هو زعيم التيار الوطني الحر العماد ميشال عون وأنه لا ينزل إلى مجلس النواب إلا عندما يقرّ الجميع بانتخابه، كان له النصيب الأكبر من هذا التحدي وجعله متعرياً حتى من ورقة التين الأمر الذي اضطر معه نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم إلى أن يلعب أخيراً على الألفاظ فيدّعي، وهو ادّعاء للتعمية لا أكثر ولا أقل، أن تحالفه مع حركة أمل ورئيسها راسخ لا يستطيع أحد أن يتلاعب به، مهما كان هذا الأحد، ومهما بلغ من قوة الإقناع، قوياً وضالعاً في قوة الإقناع، وأن تحالفه مع حزب التيار الوطني الحر ثابت واستراتيجي ولا يمكن بالتالي أن يتأثر بأية عوامل داخلية كانت أم خارجية.

هذا الكلام لنائب الأمين العام جاء رداً على الحملة الإعلامية التي ترافقت مع حركة الرئيس الحريري الهادفة إلى لمّ الشمل، وإنهاء الشغور في رئاسة الجمهورية باتفاق اللبنانيين على مرشّح واحد حتى ولو كان هذا المرشح هو العماد عون بذاته والذي لا يتوانى حزب الله في كل المناسبات على تقديمه إلى الرأي العام اللبناني وإلى المجتمع الإقليمي والدولي على أنه مرشحه الأوحد الوحيد لرئاسة الجمهورية، ولا سبيل للخروج من الأزمة الرئاسية إلا بإجماع كل القيادات اللبنانية على انتخابه، وأكثر من ذلك على حدّ تعبير الشيخ نعيم قاسم نفسه، اعتبار الحزب أن العماد عون هو الممر الأساسي لانتخابات رئاسة الجمهورية، ولا سبيل للبحث معه عن أي مرشّح آخر حتى ولو كان هذا المرشح من صلب 8 آذار كالنائب سليمان فرنجية الذي رشحه زعيم التيار الأزرق كبادرة حُسن نيّة لرئاسة الجمهورية وأدّى هذا الترشيح إلى ارفضاض 14 آذار من حوله، وتحوّله إلى مجموعة من التيارات السياسية التي لا تلتقي بعد اليوم على سطح واحد.

ما لم يأتِ على ذكره الشيخ نعيم قاسم في مطالعته الأخيرة عن علاقته بحركة أمل والتيار الوطني الحر الثابتة والراسخة رسوخ جبال لبنان حتى لا نقول أكثر تجاهله التام للحركة السياسية الناشطة منذ عودة الرئيس الحريري إلى لبنان من أجل تسريع الانتخابات الرئاسية لتجنيب لبنان ارتدادات وتداعيات ما يجري في محيطه وتحديداً في سوريا التي تعيش هذه الأيام مأساة حقيقية، وقد يكون الشيخ الجليل تعمّد هذا التجاهل لكي لا يقول بأن حزب الله هو المسؤول عن استمرار تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية لأن عينه على ما يحصل في الإقليم ولا سيما في سوريا المنغمس في الحرب الدائرة هناك بين رئيس طاغي وجائر وبين شعب ينشد الحرية والديمقراطية لأنه منغمس في هذه الحرب حتى أخمص قدميه وعينه في الوقت نفسه على لبنان لكي يجعله ولاية جديدة لرئيس النظام السوري إذا استمر في السلطة أو ورقة في يد معلّميه في طهران، والله أعلم؟!