IMLebanon

حكومة “سوناطراك” والتلاعب بالأرقام!

 

ذهب وفد الحكومة اللبنانية ليفاوض وفد صندوق النقد الدولي، تماماً كما ذهب وفد الحكومة ما قبل السابقة إلى مؤتمر “سيدر” حاملاً أرقاماً مغلوطة، ومستعيناً بمحاولات للتذاكي على المجتمع الدولي.

 

إلى باريس ذهب الرئيس سعد الحريري في نيسان 2018 ليشارك في مؤتمر “سيدر” حاملاً موازنة “غب الطلب” أرقامها أسوأ من الـ”فاست فود” الأميركي، لا بل وصلت الوقاحة بمعدّي تلك الموازنة إلى عدم إدخال عجز الكهرباء ضمنها في محاولة لخفض أرقام العجز فيها. وأرفقوا تلك الموازنة – المهزلة بسلسلة وعود فارغة لم يُنفّذ منها شيء بعد مرور أكثر من عامين على انعقاد المؤتمر، ولا يزال السفير بيار دوكان يحاول من دون جدوى أن يقنع المسؤولين اللبنانيين بتنفيذ الإصلاحات التي وعدوا بها!

 

وفي بيروت في أيار 2020 تفاوض حكومة حسان دياب صندوق النقد بالعقلية نفسها وأسلوب التذاكي إياه: التلاعب بالأرقام وإطلاق المزيد من الوعود الفارغة. لكن المشكلة هنا أن محاولات التلاعب بالأرقام لم تمرّ على صندوق النقد، فلا إيمانويل ماكرون هنا ليحاول أن يمرر فرصة لسعد الحريري قبيل الانتخابات النيابية، ولا الوقت يسمح للتمريرات بفعل انزلاق لبنان نحو الانهيار الكبير، كما أن صندوق النقد يتقن الملفات اللبنانية بأدق تفاصيلها، والأهم داخلياً أن مصرف لبنان لم يعد قادراً على تغطية “الخزعبلات الرقمية” للحكومة بعدما بات “ضهر الحاكم على الحيط” فإما الإنقاذ وإما الانفجار الكبير!

 

لكن “ما زاد في الطين بلّة” أن وزير المال غازي وزني يمعن في محاولات التذاكي والاعتماد على الوعود، كمثل إعلانه أن الحكومة ستستجيب لمطلب الصندوق تعويم سعر الليرة إنما بعد وصول المساعدات المالية، وكأن صندوق النقد سيرسل دولاراً واحداً قبل أن تنفذ الحكومة كل الخطوات الإصلاحية المطلوبة، وفي طليعتها تحرير سعر الصرف!

 

والتذاكي لم ينحصر بوزني، بل انتقلت سياسة التلاعب بالأرقام إلى رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل الذي أطلّ في مؤتمره الصحافي الأخير رافضاً تحميل عجز الكهرباء وزر ما وصلت إليه الأوضاع في لبنان، متجاهلاً تأكيد صندوق النقد و”سيدر” أن قطاع الكهرباء في لبنان يشكّل “الثقب الأسود” الكبير في العجز المالي في لبنان، وسعى إلى تحميل القطاع المصرفي المسؤولية عبر إعلانه أن الدولة دفعت حوالى 94 مليار دولار كفوائد على الدين العام إلى المصارف، وهذا هو سبب الأزمة المالية اللبنانية. إنه منطق التذاكي ومحاولة التلاعب بالأرقام على طريقة محاولة خداع اللبنانيين. فباسيل أصرّ على إغفال أن المبالغ التي تقاضتها المصارف كفوائد دفعت أكثر من 75 في المئة منها كفوائد للمودعين، أي للبنانيين، ولم تدخل على الإطلاق ضمن أرباح المصارف… وللتذكير أن كل هذه الفوائد دُفعت ضرائبها للخزينة وليس كفساد الكهرباء والبواخر!

 

هكذا يتّضح أن المسؤولين في لبنان، وفي عزّ الانهيار المالي، يتلاعبون بالأرقام ويحوّرون الحقائق ويتقاذفون المسؤوليات عوض القيام بالإصلاحات المطلوبة. وهكذا بات هؤلاء يتصرّفون على قاعدة أن المطلوب “كبش محرقة”، ووجدوا في القطاع المصرفي وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ضالتهم، بعدما أتت التعليمات من “حزب الله” الراغب بالانتقام من هذا القطاع!

 

بالحديث عن التلاعب بالأرقام وتحوير الحقائق، هل أبلغ من حكومة حسان دياب حين تحاضر في ملف “الفيول المغشوش”، وتقرر الاستمرار بالعقد مع شركة “سوناطراك” من دون أي تعديل؟! أوَتُنشدون إصلاحات من حكومة الكارتيلات؟!