IMLebanon

إعادة تكوين السلطة مهمة لبنانية دولية

 

لبنان المأزوم والمنكوب غارق في الفراغ وليس على الطريق اليه. وحكومة حسان دياب التي استقالت بعدما فرطت وسقطت على الارض كانت مجرد فراغ حكومي في فراغ سلطوي ضمن فراغ دولتي. وهو فراغ رافقه اكبر قدر من صخب الشعارات فوق بؤس الناس، وادعاء القوة في طريق انحداري، والتشاطر في الاتفاقات والتحالفات وفكها بين تركيبة سياسية تلعب ادوار موالاة ومعارضة. لا العهد الذي فرض “حزب الله” من اجل مجيئه شغوراً رئاسياً لمدة عامين ونصف تمكن مع حكوماته من ملء الفراغ. ولا احد يتوقع من “حزب الله”، الممتلئ بدوره الاقليمي، سوى توظيف الفراغ في الامساك بمفاصل السلطة لخدمة مشروعه من دون ان يأخذها رسمياً.

 

والتحدي الآن هو ملء الفراغ الكبير بالحضور اللبناني. فلا يبدل في الامر استنساخ حكومة من الحكومات السابقة. ولا المجيء بحكومة مثل حكومة دياب التي ادعت انها جاءت لتنظيف البلد من الفساد والفاسدين وناهبي المال العام والخاص، فلم ترحل الا بمكنسة. والخيار حاسم: اما إعادة تكوين السلطة للخروج من المأزق السياسي ومعالجة الأزمات النقدية والمالية والاقتصادية والاجتماعية، واما استمرار الدوران في المأزق وتعميق الأزمات. ومن سخرية القدر ان يبدو الفراغ اقل ضرراً للبنان من المافيا السياسية والمالية والميليشيوية المتسلطة علينا. وهي مافيا تكشر عن انيابها في مواجهة الشارع الذي يتظاهر ضدها على بعد امتار من انفجار المرفأ وكارثة بيروت وكل لبنان، وتغيب تقريباً عن مساعدة المنكوبين والتي يقوم بها المجتمع المدني والمجتمع الدولي، بحيث تبدو غريبة عن الشبان والشابات والجمعيات واللجان، حيث التزاحم على الخدمة.

 

• وليس امراً عادياً الاصرار على ايصال المساعدات مباشرة الى الشعب بدل ان تتسلمها السلطة، كما رأينا في “مؤتمر الدعم الدولي لبيروت والشعب اللبناني” الذي نظمه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بعد ايام من زيارته العاصفة. فلا ثقة في الداخل والخارج بالسلطة، ولا شيء يوحي ان الاصلاح الذي يطالب به اللبنانيون والعالم و”يحرر مليارات الدولارات”، كما قالت مديرة صندوق النقد الدولي، هو على جدول الاعمال.

 

• لكن مشكلة المافيا الرافضة للتغيير والتخلي عن شيء مما نهبته هي العجز عن الحفاظ على “الستاتيكو” الحالي في هاوية عميقة. فالبديل من اعادة تكوين السلطة هو الانهيار الكامل او اللجوء الى سيناريوات خطرة وخطيرة تقود نحو الأسوأ. والوقت ضاغط، بحيث لم يعد هناك فاصل بين معالجة القضايا الاقتصادية الملحة والاصلاح الجذري للنظام السياسي.

 

• ومن الوهم تجاهل ما دار في الكواليس لتكليف ماكرون القيام بـ”مهمة لبنانية” مدعومة من اميركا والاتحاد الاوروبي والفاتيكان والعرب والشعب اللبناني. والوهم الاكبر هو التصور ان تفشيل المهمة يخدم تركيب “سلطة الغلبة”.