IMLebanon

المنعطف 

لبنان في منتصف الطريق من نقطة المبادرة الفرنسية إلى تحقيق الإصلاحات التي ليست مطلباً شعبياً عاماً وحسب، إنما هي أيضاً أكثر من مطلب دولي: إنها قرارٌ عالمي بامتياز يُطالب به العالم كله، خصوصاً الذي يريد الخير لهذا الوطن الذي أغرقه الطاقم السياسي في مستنقعٍ آسنٍ من الفساد والإفساد في كل شيء، من الإدارة إلى المال.

ومنتصف الطريق ليس استراحة. على العكس، إنه المنعطف الأكثر صعوبةً لأنه محطة تشكيل الحكومة. وفي هذه النقطة يُقال الكثير، ما يُقارب الواقع وما يُجانبه كلياً. ولا يركب على قوس قزح. وأما مشاريع التشكيل التي تتوالى عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فيمكن تصنفيها في ثلاث خانات:

– خانة «التقريقة» التي يُقابلها مرادف «التريَقة»، إذ يحلو للبعض أن يطرح الأسماء فقط للتسلية.

– خانة الذي «رأى الحصرم في حلب»، ويأمل لو كان المقعد الوزاري قريباً منه، وبالتالي يحشر اسمه بين أسماءٍ عديدة بعضها ذو قيمة وحيثية، وبعضها الآخر «ليس في العير ولا في النفير».

– خانة المحرقة. فثمة من يطرح اسماً أو اسمَين أو أكثر بهدف حرق أصحابها، والمحرقة معروفةٌ في لبنان، ليس فقط تلك التي على صلة بالنفايات، إنما تلك التي تلتهم حظوظ هذا أو ذاك ممن يأملون أن يمرّ عليهم قطار الحظ فيتوقّف عندهم. وحين يُطرح الاسم في العلن، مُبكراً، فإن القطار يُسرع في جريه بدلاً من التوقف.

أطرافٌ حددت مواقفها بثبات: لا نُريد أن نشارك في الحكومة، القوات اللبنانية مثالاً. وسواها حدد موقفه بتردد تاركاً الباب مفتوحاً على احتمال المشاركة، كالوزير وليد جنبلاط. وبعضها الآخر قال إنه لن يُشارك لأنه يعرف بداهةً أن المرحلة ليست للحزبيين والمنتمين سياسياً، مثل التيار الوطني الحر… علماً أن اللامنتمين سياسياً قد لا يكونون موجودين في لبنان، لأن أهل المريخ لم يزورونا بعد ليحصلوا على جنسيّتنا مع الاقتناع بأنهم لو شرّفونا وأقاموا بيننا، فسينقسمون طائفياً ومذهبياً وحزبياً وقبائلياً وعشائرياً!

لنعد إلى الجد. الحكومة ستؤلف، وتأليفها لن يستغرق طويلاً وإلا فإننا سنكون على موعد مع نهاية وطنٍ في ذكرى مئوية إعلانه الأولى، ليصح القول في القوم عندنا: إن أولئك الكبار المؤسسين خَلَفَهم في إدارة شؤون هذا الوطن أقزام سياسة وعقيمو فكر.

إلا أننا من الذين يؤمنون بأن لبنان إلى قيامة جديدة، وأن الفرصة سانحةٌ ليستغلّها المعنيون كما فعل الأجداد الذين «قطفوها» سنة 1920، وكما فعل الآباء الذين «قطفوها» سنة 1943.

وعلى هذَين الأمل والرجاء نتفهّم اندفاعة إيمانويل ماكرون و»قبة باط» دونالد ترامب ونشارك قداسة فرنسيس الأول الصوم والصلاة.

خليل الخوري