IMLebanon

ما الـــذي يمــنــع الــرئـيـس المـكـلـف مـن تقديم تصوّر حكــومــي ؟!

 

 

مصادر الحريري : لن يفشـل في مهمّة التألـيـف ولــن يعتذر

 

لا تزال ولادة الحكومة مجمّدة، وورقة التكليف، كما توقّع البعض، في جيب الرئيس المكلّف سعد الحريري، الذي تؤكّد مصادره أنّه لن يفشل في مهمّة التأليف، ولن يعتذر. ولكن الجمود والإنتظار لا يزالان سيّدي الموقف منذ بدء الإنتخابات الرئاسية الأميركية التي ستظهر نتائجها بين ساعة وأخرى. فهل سيطول مسار تأليف الحكومة بعد، وهل يحتمل البلد المزيد من هدر الوقت، وكيف سيحلّ الحريري العقد المتمثّلة بتوزيع الحقائب وتسمية الوزراء؟

 

مصادر سياسية متابعة أكّدت أنّ الحريري أبدى خلال مشاورات التأليف مرونة مع الثنائي الشيعي، كما مع الحزب التقدّمي الإشتراكي، فيما شدّ الحبل مع «التيّار الوطني الحرّ» الذي طالبه بتطبيق «وحدة المعايير». وهذا يعني أنّ ما سيُطبّقه مع «حركة أمل» و«حزب الله» يجب أن يُطبّق في الوقت نفسه مع «التيّار»، لتأتي المشاركة في الحكومة على المســتوى نفسه. فتمسّك رئيس مجــلس النوّاب بوزارة المال له أسبابه، كذلك تمسّــك رئيس «التيّار» النائب جبران باسيل بوزارة الطاقة له أسبابه أيضاً. كذلك الأمر بالنسبة لـ «حزب الله» الذي نجح وزيره حمد حسن في وزارة الصحّة العامّة، ولا بدّ من أن يستكمل كلّ ما قام به مع منظّمة الصحّة العالمية لإنقاذ البلاد من جائحة «كورونا»، وإن كان الحزب لا يتمسّك بهذه الوزارة، إلاّ إذا لم يُعتمد مبدأ المداورة، وبقي كلّ طرف سياسي متمسّكاً بحقيبته السيادية. في الوقت الذي سيكون مجيء وزير آخر الى الصحّة، أكان من «تيّار المستقبل» أو من «الحزب الإشتراكي»، وإن كان إختصاصيّاً، سيُعيد بعض الأمور الى نقطة الصفر، في الوقت الذي يحتاج فيه لبنان الى التقدّم نحو الأمام على الصعيد الصحّي، ومواكبة دول الخارج في الحصول على لقاح وباء الكورونا في أقرب وقت ممكن.

 

وقالت ان الإيجابية على صعيد تأليف الحكومة لم تُستكمل لعدم التوافق بين الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون، على جملة أمور، من بينها أن يُسمّي الحريري أسماء الوزراء المسيحيين ويعرضها على عون ليوافق عليها أو يرفضها، أو يختار من بينها، في الوقت الذي اتفق فيه مع «الثنائي الشيعي» على أن يُسميا أسماء الوزراء الشيعة في حكومته، وهو يقبلها. هذا التقارب السنّي – الشيعي، الذي لا يُعارضه الفريق المسيحي، إلاّ لأنّه يستثنيه من حقّه في تسمية وزرائه على غرار الشيعة والسنّة، سيما أنّ الحريري سيُسمّي وزراءه ويعرض الأسماء فيما بعد على الرئيس عون، ولن يقوم بالتشاور معه حولها.

 

في مطلق الأحوال، توقّفت المشاورات عند عقبات عدم توحيد المعايير، أو بالأحرى عدم تعاطي الحريري مع مختلف الأطراف السياسية بالمعيار نفسه، ما جعل الخلاف على الحقائب السيادية والأساسية قائماً بينه وبين عون وباسيل، ولم يتمّ بالتالي التوصّل الى قرار نهائي الى من ستؤول هذه الأخيرة فضلاً عن وزارات الصحّة والطاقة والأشغال العامّة والتربية. كذلك فإنّ مبدأ المداورة الذي جرى التوافق المبدئي عليه، باستثناء وزارة المال التي تقرّر أن تبقى مع «حركة أمل» لمرة واحدة فقط، لا بدّ وأن يُطبّق وفق أسماء الإختصاصيين الموجودين لدى كلّ فريق سياسي، وليس تبعاً لأهميّة الحقيبة بالنسبة الى المرحلة المقبلة.

 

من هنا يُصبح توزيع الحقائب أو مداورتها سهلاً في حال كان الهدف أن تقوم الوزارات بالعمل والإنتاج في اسرع وقت ممكن لإنقاذ البلاد من الوضع الاقتصادي والمالي المتردّي وتحقيق الإصلاحات المطلوبة. فإذا حصل «تيّار المستقبل» على وزارة الصحّة، تؤول «الأشغال العامّة» لـ «حزب الله» والتربية للإشتراكي. أمّا في حال رفض أحدهم تمسّك الفريق الرئاسي بوزارة الطاقة، فإنّ التوزيع سيحصل من جديد.

 

وإذا كانت المكوّنات السياسية تُطالب بوزارات لها علاقة بالمساعدات الخارجية التي تصل الى لبنان تِباعاً بعد انفجار مرفأ بيروت في 4 آب، فإنّ الهدف هو أن تقوم الوزارات المعنية مثل الصحّة والتربية بمساعدة اللبنانيين قدر الإمكان للخروج من الأزمات التي يعانون منها، ولا سيما من الأضرار الهائلة التي نجمت عن الإنفجار بفضل هذه المساعدات. لا أن يجري تخزينها وهدرها لكي تتمّ الإستفادة منها على حساب المواطنين.

 

فالإتفاق النهائي على حجم الحكومة، كما على توزيع الحقائب والجهة التي تسمّي الوزراء لم يحصل بين الحريري وعون، وإلاّ فبإمكان الرئيس المكلّف أن يحمل تصوّراً حكوميّاً في جيبه الى قصر بعبدا متى انتهى من وضعه. ولهذا قد تكون العودة الى المربّع الأول من مسار التأليف ممكنة في حال أعيد خلط الأوراق بعد وقف المشاورات خلال الأيّام الماضية. علماً بأنّه بالإمكان إرضاء جميع المكوّنات السياسية في حال اتبع الحريري المعايير نفسها ولم يعقد اتفاقات جانبية مع هذا الطرف أو ذاك.

 

وبرأيها، إنّ الحريري ينتظر نتائج الإنتخابات الرئاسية الأميركية، وإن كانت لا تؤثّر بشكل مباشر في مسار التأليف، لمعرفة ما إذا كانت حكومته «حكومة مهمّة» هدفها إنقاذ البلاد تبعاً للمبادرة الفرنسية ومندرجاتها، وستكون فعلاً لستّة أشهر، أم أنّها حكومة السنتين المتبقيتين من عهد عون، والتي ستُشرف بالتالي على الإنتــخابات النيابية المقبلة. ولهذا نجد أنّ وزارة الداخلية ستلعب دوراً مهمّاً في حال بقيت هذه الحكومة حتى نهاية العهد. كذلك وزارة الطاقة سيكون لها دور أساسي في المرحلة المقبلة، في ظلّ سير المفاوضات غير المباشرة مع العدو الإسرائيلي على ترسيم الحدود البحرية لاستخراج الغاز والنفط الطبيعيين.

 

من هنا، تقول المصادر عينها، انه من مصلحة الحريري وعون وباسيــل وجمــيع الأفرقاء السياسيين التوافق على تشكــيل حكومة في أسرع وقت ممكن، حتى وإن جرى انتظار نتائج الإنتخابات الأميركية، بهدف تسيير شؤون البلاد، سيما أن حكومة تصريف الأعمال قد استقالت من مهامها منذ أشهر، باستثناء بعض الوزراء الذين لا يزالون يتحمّلون مسؤولياتهم مثل وزير الصحّة العامة.

 

وتختم بأنّ كلّ شيء متوقّع، غير أنّه أمام الحريري نحو عشرة أيّام لوضع تصوّر يُوافق جميع الأطراف وعدم تخطّي المهلة التي أعطاها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لتشكيل الحكومة وحصول لبنان على الدعم الدولي، وخصوصاً أنّه بات على علم بما تُطالب به جميع القوى السياسية. وفي حال لم يُقدّم هذا التصوّر، فسنكون أمام سيناريو بقاء حكومة الرئيس حسّان دياب لأشهر إضافية من دون أي إنتاج.