IMLebanon

الحكومة: الصعوبات لم تبدأ بعد!

 

مع تشكيل الحكومة، ونيلها ثقة المجلس النيابي، تنفّس بعض اللبنانيين الصعداء، وسرى شعور لديهم بأنّ مؤسّسات الدولة ستُفعّل مجدّداً، وسيعود الانتظام إلى الحياة العامة، وبأنّه أصبح ممكناً إطلاق المشاريع التي اقتُرحت في مؤتمر «سيدر»، من أجل تحريك العجلة الاقتصادية والمالية.

ومع ذلك التفاؤل يسود جوٌّ من الترقّب والحذر والقلق من عدم قدرة هذه الحكومة على الإنتاج باعتبار أنّها مكوّنة من القوى السياسية ذاتها، التي تصادمت في ما بينها، وتسبّبت في الجمود السياسي والتدهور الاقتصادي والاجتماعي والأمني في العقود الأخيرة.

لقد بات معروفاً أنّ حكومات الوفاق الوطني تعني تقاسم قالب الجبنة، بدلاً من تبنّي السياسات التي تضع البلد على درب النهوض والإنماء المستدام. ومن هذا المنطلق، سيكون من الصعب القيام بالإصلاحات المطلوبة، ناهيك عن تعسّر توافق الأفرقاء السياسيين حول العديد من القضايا والملفات التي قد تقوّض مصالحها، وتأجيج الخلافات بينها، لا سيّما في إشكالية تقاطع مسؤوليات وزارات الدولة المستحدثة وتضارب صلاحياتها مع الوزارات العاملة، وتضارب صلاحيات الوزارات العاملة فيما بينها.

ومن أشق تحديات المرحلة، وأكثرها حساسية تلك المرتبطة بالعلاقات اللبنانية – السورية، خصوصاً لجهة الضغوط السياسية التي تُمارس بهدف دفع الدولة اللبنانية إلى تطبيع العلاقات مع سوريا، بالرغم من غياب إجماع دولي وإقليمي وعربي حول الملف السوري، لاسيما موضوع عودة سوريا إلى عضوية الجامعة العربية، والتأنّي في إعادة فتح السفارات في العاصمة دمشق. في المقابل، يتخوّف البعض من معاودة سوريا إدارة الواقع السياسي اللبناني، سيّما أنّ لدى سوريا أكثرية في مجلس النواب الحالي عبر الفريق المتحالف معها والمؤيّد لها.

أمّا على الجبهة الاقتصادية، فإنّ أي إصلاحات جوهرية، خصوصاً تلك المشروطة من «سيدر»، تتطلّب من القوى السياسية إيجاد أرضية مشتركة، والتخلّي عن التنفيعات ووقف الصفقات المشبوهة. وقد تشعّبت ملفات الهدر والفساد لتطال مروحة واسعة، أبرزها ملف الكهرباء والمحروقات المسؤول عن نصف العجز في خزينة الدولة، إضافة إلى ملف الهدر في الإدارات الرسمية جرّاء التوظيف السياسي، كذلك الرشاوى و»الإكراميات»، التي يدفعها المواطن للموظفين المحسوبين على قوى سياسية مختلفة كخوّة لتمرير وتسريع معاملاته. وإنّ أي مواجهة جدّية لآفة الهدر والفساد تستوجب تحديد المسؤولية وتسمية كل مَنْ ساهم مباشرة في ملفات الفساد أو تغاضى عنها، الامر الذي لا تستسيغه القوى السياسية.

وُلِدَتْ الحكومة التي انتظرها اللبنانيون والمجتمع الدولي بعد مخاضٍ عسير دام طوال تسعة أشهر عُجاف، ونالت بعدها ثقة «ممثّلي الشّعب».. لكن العبرة في التطبيق والقدرة على تغليب مصلحة الوطن والمواطن على المصلحة الشخصية.. لذا نقول إن الصعوبات الحقيقية لم تبدأ بعد، ونستعير قول الرئيس نبيه بري «ما تقول فول تيصير بالمكيول!».