IMLebanon

الحكومة تناقش الملف المالي: الوضع يُنذر بالخطر

وصلت نسبة الدين العام الى الناتج المحلي الإجمالي إلى 139 في المئة، وهو مستوى ينذر بالخطر ويضع لبنان في المركز الرابع ضمن البلدان الأكثر مديونية في العالم، بعد تزايد الدين العام الى أكثر من 71 مليار دولار. ماذا سيقول وزير المال علي حسن خليل خلال عرضه للوضع المالي في جسلة مجلس الوزراء اليوم؟ وهل يملك في جعبته حلولاً لكبح الإنفاق العشوائي للحكومة؟

بعد تأجيلها في المرّة الاولى بسبب انفجارات بلدة القاع الارهابية، يعاود مجلس الوزراء اليوم الثلثاء عقد جلسة استثنائية لمناقشة الوضع المالي والاقتصادي للدولة.

ومن المتوقّع ان يعرض وزير المال علي حسن خليل تقريراً مفصّلاً عن الوضع المالي ويطرح اقتراحات حلول قد تتضمّن سياسات ضريبية جديدة ضمن موازنة العام 2017، بعد تراجع ايرادات الدولة وزيادة حجم الانفاق العشوائي الى مستويات قياسية.

يشير تقرير البنك الاعتماد اللبناني حول مسار الدين العام اللبناني في هذا الاطار، الى ان الاقتصاد اللبناني يتّبع منذ عقدين وأكثر نهج الاقتراض، في حين تجد الحكومة نفسها ضمن حلقة مفرغة من ضخامة عبء الدين العام والعجز المتكرّر في موازنة الدولة.

وقد فرمل هذا المسار، النمو الاقتصادي، وفاقم أزمة الدين العام، ووضع لبنان بين صفوف الدول التي تتمتّع بأعلى نسبة دين إلى الناتج المحلي الإجمالي في العالم.

ومنذ العام 1990، شرعت الحكومة اللبنانية في تطبيق سياسة مالية توسعية من خلال خطة إعادة الإعمار المكلفة، والتي هدفت في المقام الأول إلى إعادة تأهيل البنية التحتية المدمرّة بشدّة، آملة في حينه بتعزيز النمو الاقتصادي ومضاعفة الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد.

بلغ إجمالي حجم النفقات الرأسمالية 12,49 مليار دولار بين نهاية العام 1992 والعام 2014، منها تمويلات خارجية بقيمة 5,02 مليار دولار.

أما السبب الرئيس لتضخّم الدين العام، فكان حجم القروض الكبيرة لتأهيل البنية التحتية، نسب الفوائد العالية على الديون، اضافة الى عجز الموازنة المترتب من خدمة الدين والتحويلات إلى مؤسسة كهرباء لبنان.

ويشير التقرير الى ان الدين العام اللبناني نما بمعدل سنوي بلغت نسبته نحو 40% خلال حقبة 1993-1998، ليرتفع من 3,39 مليار دولار إلى 18,56 مليار دولار، حين تراوحت نسبة النفقات الرأسمالية إلى الناتج المحلي الإجمالي بين 8 و 9 % خلال 1994 -1998 قبل أن تتباطأ بشكل ملحوظ إلى حوالي 1 إلى 2 % من الناتج المحلي الإجمالي في وقت مبكر من العام 2000.

بين العام 1998 و2015، تراجعت القروض الحكومية بشكل حاد بسبب جهود الحكومة لإعادة تمويل الديون القائمة من خلال اعادة جدولتها بكلفة أقلّ، وبدعم من اتفاقات باريس 1 و2 والاتفاقات الاخرى مع الجهات المانحة.

لكن التحويلات الى مؤسسة كهرباء لبنان بقيت تشكّل استنزافاً كبيرا للمالية العامة، بإجمالي بلغ 16,85 مليار دولار خلال الفترة من العام 1992 لغاية 2015، ما يمثل 23.96 في المئة من إجمالي الدين العام في نهاية العام 2015.

حالياً، يبلغ الدين العام الإجمالي، 71,65 مليار دولار. وقد وصلت نسبة الدين الى الناتج المحلي الإجمالي إلى مستوى ينذر بالخطر هو 139 في المئة، مما يضع لبنان في المركز الرابع ضمن أكثر البلدان مديونية في العالم وفقا لكتاب CIA حول حقائق العالم.

تجدر الاشارة الى ان حجم الدين العام هذا، لا يشمل الديون المستحقة من قبل الحكومة إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، المستشفيات، مقاولي القطاع الخاص، وقطاعات اخرى من بين أمور أخرى، مما يرفع حجم الدين العام الاجمالي إلى ما فوق 74 مليار دولار.

من المؤكد ان هذا الاتجاه غير قابل للاستمرار، ويحرّض على اتخاذ إجراءات فورية من قبل الحكومة على شكل تدابير إصلاحية يمكن أن تأخذ عدة أشكال، منها الخصخصة، الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ترشيد الإنفاق، تطبيق إصلاحات مالية، بالاضافة الى العديد من خطط الهندسة المالية.

يشوعي

في العودة الى جلسة مجلس الوزراء المالية اليوم، اعتبر الخبير الاقتصادي د. إيلي يشوعي ان ما سيقوله وزير المال علي حسن خليل خلال جلسة اليوم، «سبق وقلناه وحذرنا منه منذ أكثر من 20 عاماً». وقال لـ«الجمهورية» ان تقرير وزير المال «لن يحرّك ساكناً في دولة يحكمها الافراد، رغم انه تقرير أسود سيشير الى حجم الإنفاق المتزايد بشكل غير طبيعي».

ولفت يشوعي الى ان هذا البلد لا تتمّ ادارته بالشكل المطلوب، «لا على الصعيد المالي ولا على الصعيد الاقتصادي – الاجتماعي».

واوضح «ان هذا البلد ليس محكوماً من قبل المؤسسات، بل من قبل الافراد وهم «الأخوة السبعة»، علماً ان هذا البلد يدّعي انه يملك نظاماً ديموقراطياً ومؤسسات دستورية وسلطة تنفيذية وتشريعية وقضائية».

أضاف يشوعي: لم نشهد منذ 20 عاماً عملاً لمؤسسات الدولة بل لهؤلاء الافراد الذين طبّقوا سياسة المافيات من خلال الارتهان للخارج والسطو على المال العام في ظلّ غياب المحاسبة.

واشار الى ان انتهاج الزعماء للفردية اللبنانية بغضّ النظر عن المصلحة العامة، واعادة احيائهم للمذهبية الشرسة، عوامل تصبّ في تغطية انتفاعاتهم. لذلك، رأى ان تفاقم العجز المالي وتدهور الوضع الاقتصادي «لم ولن يثير اهتمام الزعماء مهما بلغت حدّته، لأنّ السياسات المالية والنقدية المطلوبة معروفة ولكن لا يوجد من يطبّقها».

وأكد يشوعي انه لا توجد في لبنان حياة سياسية بل حياة «مافياوية» بدليل ان من يتعاطى السياسة في لبنان لا يتحمّل أدنى مسؤولية، أهمّها العمل بكافة الطرق المتاحة لاعادة احياء المؤسسات الدستورية وتفعيل ادارات الدولة للنهوض بالاقتصاد.

ختم يشوعي: أنفق الاخوة السبعة حوالي 300 مليار دولار منذ العام 1993، ولم يحصل المواطن اللبناني على فلس منها، مما يؤكد ان الثروة النفطية الموعود بها لبنان اليوم، سيتم هدرها على غرار الـ 300 مليار دولار.