IMLebanon

حكومة “شغّالة” وفراغ رئاسي… أو شغور حكومي ورئاسة “شغّالة”؟

 

 

لا تزال الصورة الضبابية تسيطر على الوضع اللبناني، إذ إن المؤشرات تتقاطع بين الإيجابية والسلبية من دون أن يعرف أحد كيف سيكون إتجاه الوضع في الخريف المقبل.

 

عندما تصاعد الدخان الأبيض من قصر بعبدا في شباط 2014 معلناً ولادة حكومة الرئيس تمام سلام بعد نحو 11 شهراً من التكليف والمعاناة والعراقيل التي وُضعت في درب التأليف، تفاءل البعض بالخير، لكن الحقيقة كانت بشعة ومفادها أن الضغط الدولي الذي حصل في تلك المرحلة من أجل تسريع ولادة حكومة سلام كان يهدف إلى تأمين حكومة تُدير الفراغ الرئاسي بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان الذي غادر القصر الجمهوري ليل السبت 25 أيار 2014 من دون أن ينجح المجلس النيابي حينها في انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

 

وتفصل لبنان نحو 4 أشهر لمعرفة مصير ماذا سيحلّ في سدّة الرئاسة، فصحيح أن لا مؤشرات على وجود تفاهم داخلي حول اسم الرئيس العتيد، وكذلك في ظلّ غياب التفاهم الإقليمي والدولي، فإن الفراغ يبقى المرشّح الأبرز، لكن ما يُبدّد هذه الفرضية هو جولة قام بها أحد السفراء المهمّين على بعض المرجعيات وتأكيده أن الفراغ ممنوع والإنهيار الشامل ممنوع أيضاً والإستحقاقات الدستورية يجب أن تتمّ في موعدها وعلى رأسها إنتخاب رئيس للجمهورية.

 

وإذا كان خبر ولادة حكومة في الأشهر القليلة المتبقّية من عهد الرئيس ميشال عون هو بادرة خير، إلا أن القراءة العميقة لمجرى الأمور تدلّ على أن الحكومة وعلى أهميتها ستدفع القوى السياسية إلى التراخي وعدم القيام بالجهد المطلوب من أجل تأمين سلامة الإستحقاق الرئاسي.

 

وفي حال بقي الوضع على ما هو عليه ولم تؤلّف حكومة جديدة، فإننا سنصل إلى أيلول وتشرين الأول بلا حكومة بينما الفراغ الرئاسي يُهدّد البلاد، وهنا لا يستطيع أحد تحمّل مضاعفات الفراغ مثلما حصل عام 2014، وبالتالي فإن بقاء حكومة تصريف الأعمال قد يكون الدافع الأساسي نحو الإسراع في إتمام الإستحقاق الرئاسي.

 

وإذا كان الحراك الدبلوماسي العلني لم يظهر بعد، إلا أنّ التحركات البعيدة عن الأضواء إنطلقت، ولا تزال الولايات المتحدة الأميركية وإيران هما أبرز اللاعبين على الساحة اللبنانية، من دون إغفال دور كل من فرنسا والمملكة العربية السعودية.

 

وتدلّ كل المؤشرات إلى أن لا أحد من القوى السياسية قادر على حسم إتجاه الإستحقاق الرئاسي بسبب الموازين الإقليمية والدولية الجديدة، وأيضاً بسبب الإنتخابات النيابية التي لم تمنح أي فريق أغلبية الثلثين وكذلك أغلبية النصف زائداً واحداً.

 

وأمام كل هذه المعطيات يبقى التوافق هو السمة الأبرز لانتخاب رئيس جديد للجمهورية لأن أسلوب الفرض كما حصل عام 2016 لن ينجح في هذه المرحلة خصوصاً بعد انتفاضة 17 تشرين، وكل هذه الأمور تتجمّع لتوحي بأن كلمة السرّ ستأتي أيضاً هذه المرة من الخارج، لكن لا أحد يعلم من سيكون الرئيس إلا لآخر لحظة.