IMLebanon

هل تطول الولادة الحكومية بعد كلام نصرالله؟ وما الضامن لقبول باسيل مبادرة بري؟

 

 

كل ما يجري من مماحكات وصراعات مرتبط بالاستحقاق الرئاسي

 

لم يعد يثق اللبنانيون بكل ما يحكى عن مشاورات تجري من أجل تشكيل الحكومة، باعتبار أن اهتماماتهم باتت في مكان آخر، بعدما أصبحوا محاصرين بالأزمات الاجتماعية والحياتية التي لا عد لها ولا حصر. وبالتالي لم يعد يعنيهم كل ما يدور بشأن التأليف الذي ما زال يدور في الحلقة المفرغة، بين هبة باردة وأخرى ساخنة، دون بروز أي ملامح انفراج، استناداً إلى مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري التي يحاول إبقاءها حية، باعتبارها الفرصة الأخيرة، كما يقول أكثر من نائب في كتلة «التنمية والتحرير». وبانتظار ما ستسفر عنه لقاءات «الخليلين» مع الرئيس المكلف سعد الحريري ومع «صهر» رئيس الجمهورية النائب جبران باسيل.

 

وإذا كان المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، فإن العارفين في بواطن الأمور يرخون ظلالاً من الشك، حول مدى استعداد العهد للتجاوب مع مبادرة رئيس المجلس، وإن حاول الفريق «العوني» إبداء مرونة تبدو شكلية، حيال هذه المبادرة، باعتبار أن الذي أفشل المسعى الفرنسي، لن يتردد في إجهاض أي تحرك لا يعتقد أنه يستجيب لمصلحته. وهذا ما يخشاه العاملون على خط إزالة العقبات من أمام إنجاز التشكيل، بعد كلام الرئيس عون الذي أشار إلى أن «لا معطيات جديدة، وما زلنا على قارعة الانتظار».

 

كما لم تكن مفاجئة عودة الزخم الشعبي إلى الشارع، رفضاً لسياسة التجويع التي تجاوزت الخطوط الحمر، بحيث لم يعد أمام اللبنانيين من خيار، للتعبير عن غضبهم ويأسهم من الواقع المزري الذي يعيشونه على مختلف المستويات الحياتية والاجتماعية، سوى إعادة تحريك الشارع في العديد من المناطق اللبنانية كما حصل في اليومين الماضيين، وسط معلومات عن أن الأيام المقبلة، ستشهد تزخيماً لحركة الاحتجاجات والتظاهرات الرافضة لاستمرار هذا المنحى الانحداري على كافة المستويات، بعدما شارف البلد على السقوط في المنحدر السحيق، على وقع تناسل الأزمات وما أكثرها، دون أن تتحرك حكومة تصريف الأعمال، للحد من هذه المعاناة الرهيبة التي ترهق كاهل اللبنانيين، دون أن تلوح في الأفق أي بارقة أمل للخروج من النفق.

 

حزب الله تواصل مع «التيار» وأبلغه رفضه موضوع الاستقالة من مجلس النواب

 

وفي الوقت الذي أشار الرئيس بري إلى أن هذا الأسبوع، سيكون حاسماً على الصعيد الحكومي، وبانتظار ما سيحمله معه الرئيس المكلف إلى قصر بعبدا في الأيام المقبلة، إذا سارت الأمور إيجاباً، لفتت دعوة الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله الذي دعا إلى عدم تحديد وقت بالنسبة للمشاورات الجارية بشأن التأليف. وهذا ما طرح تساؤلات عما إذا كانت ولادة الحكومة بعيدة، بالرغم من تأييد نصرالله لجهود رئيس المجلس النيابي لحل المأزق الحكومي. وقد سألت أوساط متابعة في هذا الإطار، أليست لحزب الله قدرة على الضغط على «التيار العوني»، لتسهيل تشكيل الحكومة طالما أنه حريص كما يقول على الولادة الحكومية، ويدعو للتجاوب مع مبادرة الرئيس بري؟. وبالتالي فهل أن ما يحصل على هذا الصعيد هو عملية توزيع أدوار، لرمي كرة التعطيل على الرئيس المكلف ودفعه للاعتذار في نهاية الأمر؟. إذ أن هذا الخيار قد وضع على الطاولة فعلاً، إذا أفشل المعطلون مبادرة رئيس المجلس هذه المرة أيضاً.

 

وبعد المواقف التي أطلقها نصرالله، فإن «حزب الله» الذي كان بعث رسائل إلى «التيار الوطني الحر»، يرفض فيها البحث في موضوع الاستقالة من مجلس النواب، لا يمكن أن يقبل مطلقاً بانتخابات نيابية مبكرة، باعتبار أن أي استقالة من النيابة، أو إجراء انتخابات مبكرة، ربما يسهمان في خسارة هذا الفريق ورقة الأكثرية، وهذا أمر لا يمكن الإقدام عليه، كونه يصب في مصلحة ما كان يسمى بقوى الرابع عشر من آذار التي تحاول إفقاد «حزب الله» وحلفائه الأكثرية النيابية. كما أن «حزب الله» لم يقابل بارتياح كلام حليفه النائب باسيل بشأن رفضه أي سلاح آخر غير سلاح الجيش اللبناني، في إشارة إلى سلاح «حزب الله». وهذا بالتأكيد يعكس التباعد في المواقف بين الحزب و«العوني»، حيال العديد من الملفات التي تفرض نفسها على الساحة السياسية، وسط شبه إجماع لدى الأوساط السياسية، على أن كل ما يجري من مماحكات وصراعات، مرتبط بشكل أساسي بانتخابات رئاسة الجمهورية في الـ2022، حيث يسعى الرئيس عون للدفع باتجاه تلميع صورة صهره، معولاً على موقف «حزب الله» الذي يرفض أن يقول كلمته منذ الآن، في حين أن للرئيس الحريري ومعه الرئيس بري والنائب السابق وليد جنبلاط حسابات أخرى، لا يبدو رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية بعيداً منها.

 

وفي حين بدت نافرة المواجهة بين مجلس القضاء الأعلى ونقابة المحامين في بيروت، دعت أوساط نيابية معارضة رئيس الجمهورية، «إذا كان ضنيناً بتفعيل الجسم القضائي وتحصينه، إلى توقيع مرسوم التشكيلات القضائية الموجود في أدراج قصر بعبدا منذ شهور عديدة»، مشددة على أن «استقلالية السلطة القضائية أمر بالغ الأهمية، وعليه يتوقف دور هذه السلطة في تأدية رسالتها في دولة القانون والمؤسسات». ومحذرة من انعكاسات ما يجري بين القضاة والمحامين، لأن سيكون لذلك تداعيات كارثية على عمل السلطة القضائية التي يظهر بوضوح أن لوثة السياسة قد أصابتها، وهذا أمر في منتهى الخطورة.