IMLebanon

الحكومة معلّقة على حبل التعقيد والمزاجيات وخوف من إلتحاقها بالفراغ الرئاسي

الحكومة معلّقة على حبل التعقيد والمزاجيات وخوف من إلتحاقها بالفراغ الرئاسي

لا مصلحة لأحد بالدلع السياسي في وقت يفعل مقص التقسيم والتجزئة فعله في المنطقة

عون لزواره: ماضٍ في المعركة إلى الآخر وأنا لا ألعب ولن أتراجع

هل تلتحق الحكومة بركب الفراغ الرئاسي والشلل البرلماني، وبالتالي تدخل في إجازة مفتوحة، أم أن الاتصالات والمشاورات التي تجري بشكل خجول من شأنها أن تعيد الأمور الى نصابها وتجنّب البلد الدخول في مرحلة الموت السريري على المستويات كافة من سياسية واقتصادية وأمنية واجتماعية؟

المعطيات المتوافرة حتى اللحظة تشي بأن القصة طويلة كون أن كل الطروحات التي تم تداولها للخروج من الازمة الحكومية المستجدة على خلفية التعيينات العسكرية والأمنية سقطت، وأن ابتداع صيغة ما تقرّب وجهات النظر تجاه هذا الملف ما تزال بعيدة عن متناول اليد بفعل تمسك كل فريق بموقفه، فالتيار الوطني الحر يصرّ على التعيينات قبل الولوج في مناقشة أي بند آخر على جدول أعمال أي جلسة لمجلس الوزراء، في مقابل رفض فريق 14 آذار زائداً الرئيس نبيه برّي لهذا السلوك.

لا شك أن تعطيل الحكومة سيكون له ارتدادات سلبية لا بل وخطيرة تتقدّم بأشواط كبيرة على ما يخلّفه الفراغ الرئاسي والشلل البرلماني، كون أن الحكومة هي بمثابة الهيئة الناظمة لشؤون النّاس ولعلاقات لبنان بالخارج وهو ما يعني أن ما من فريق سياسي سيكون رابحاً في حال وصلت الأمور إلى هذه النقطة، خصوصاً وأن المناخات الإقليمية والدولية غير مساعدة على «الدلع» السياسي أو اعتماد أي فريق قاعدة «المناورة» في سبيل تحقيق بعض المكاسب، وبالتالي فإن الخسارة ستقع على الجميع وأن المستفيد الوحيد سيكون «الشبح» الأمني الذي يقف على الأعتاب اللبنانية في أكثر من مكان، لا سيما على الحدود الشمالية – الشرقية.

وفي هذا السياق ترى أوساط سياسية متابعة أن الحكومة باتت معلّقة على حبل التعقيد والمزاجيات وهو ما يدعو إلى القلق، حيث أنه في الوقت الذي بدأ فيه مقص التقسيم والتجزئة يفعل فعله في المنطقة، وفي الوقت الذي تعج فيه مطابخ دول القرار بالخرائط الجديدة للشرق الأوسط نتيجة الإعداد لتسوية ستأتي علي حساب دول وشعوب المنطقة، ينشغل المسؤولون في لبنان بالاختلاف على جنس الملائكة بشكل يعطي انطباعاً بأن هؤلاء لم يبلغوا بعد سن الرشد السياسي وأنهم ما زالوا قاصرين على القراءة الصحيحة لواقع ومجريات الأحداث المحيطة بنا، مما يجعلهم يبرعون في أخذ الخيارات غير الصائبة والاصرار على «الدعسات» الناقصة التي في أغلب الأحيان توقع البلد في المأزق.

وتعرب الأوساط عن اعتقادها بأن رفع سقوف المطالب أكثر من المعقول وتسلق السلم دفعة واحدة وصولاً إلى أعلى درجة فيه، يجعل من إمكانية الوصول الى حلول للمشاكل المطروحة صعبة لا بل مستحيلة، حيث أن الواقع اللبناني غير معتاد على هذا التصرف وهو قائم على معادلة التفهّم والتفاهم والحلول التي تحصل تحت سقف لا غالب ولا مغلوب.

من هنا فإن الأوساط ترى أن المفاوضات أو حركة المشاورات باتجاه تجنيب الحكومة حالة الشلل أو التصدع ستكون شاقة ومتعبة وهي حكماً لن تكون مفروشة بالورد والياسمين، وهذا يؤشر إلى اننا سنكون امام المزيد من التوترات السياسية التي قد تعرض الحوار القائم على خط «حزب الله» – «المستقبل» إلى نوع من التشظي وهو ما يعمل على تجنبه الرئيس برّي الذي يعتبر هذا الحوار بمثابة المظلة الوحيدة لاستمرار الاستقرار ولو بالحد الأدنى، وهو ينطلق من مسلَّمة لديه تقوم على ان استمرار اجتماعات الحوار أفضل من عدمها في هذه المرحلة.

وفي تقدير الأوساط ان رئيس المجلس الذي وصل إلى حدّ «القرف» من الواقع السياسي الحالي سيبقى داعماً للحكومة وللرئيس تمام سلام وهو ليس في وارد اتخاذ أي خطوة عكس هذا التوجه، غير انه يترك أمر المبادرة للوصول إلى حل للأزمة الحكومية إلى رئيس الحكومة وهو سيكون في موقع المشجع والمؤيد لأي قرار ينتشل الحكومة من مربع التعطيل.

وتلاقي مصادر وزارية هذه الأوساط عند نقطة ان الأزمة الحكومية قد تطول لأسابيع إضافية من خلال تأكيدها بأن كل المشاورات والاتصالات الجارية لم تحرز أي تقدّم ولو قيد انملة في سبيل إعادة مجلس الوزراء إلى العمل، مما يجعل الدعوة إلى عقد جلسة الأسبوع المقبل متعذراً، مع طرح السؤال الكبير إلى متى بإمكانية ان يبقى البلد من دون عمل حكومي طبيعي؟

وتعرب المصادر عن مخاوفها من ان يكون وضع الحكومة بات أشبه بالوضع الرئاسي المرتبط ارتباطاً عفوياً بما يجري في الخارج وبالتالي يصبح هذا الموضوع رهن تطورات الملف النووي الذي سيتحدد مساره ومصيره مع نهاية الشهر الحالي فإذا جاءت النتائج إيجابية يصبح هناك أمل بترتيب البيت اللبناني الداخلي من الرئاسة إلى الحكومة وصولاً إلى المجلس، وفي حال جاءت العكس فإن أوراق الملف اللبناني ستتبعثر وندخل في المجهول.

وتكشف المصادر الوزارية بأن العماد ميشال عون أبلغ كل من راجعه بشأن الازمة التي أدّت إلى توقف عجلة الحكومة بأنه ماضٍ في معركته حتى الآخر، وأنه لا يلعب ولن يتراجع على الإطلاق، وهو ما تعتبره المصادر إشارات غير مشجعة للمرحلة السياسية القادمة في حال لم تطرأ أي معطيات إقليمية ودولية إيجابية تساهم تلقائياً في تبريد المناخ السياسي اللبناني.