IMLebanon

مفاوضات الحكومة لم تنطلق جديّاً بعد… حتى الثنائي لم يحسم قراره

 

أكثر من حديث عابر في الكواليس السياسية، لا يوجد تطور او تقدم ملموس متعلق بملف تشكيل حكومة جديدة. الكل يرجئ الحديث الفعلي بالموضوع الى ما بعد انتخابات اللجان النيابية التي تشكل المشهد الثاني الذي يمكن البناء عليه بعد انتخابات رئيس المجلس ونائبه. هنا ايضاً قد نخرج بتموضعات سياسية معينة لها تفسيراتها وابعادها. بعدها تبدأ الكتل النيابية بلورة موقفها النهائي من الحكومة وشخصية المرشح لرئاسة الحكومة. أسماء مرشحين تتطاير في الفضاء السياسي منها المستجد ومنها القديم بينما يصعب حسم الخيارات او التعاطي معها بجدية.

 

حتى الثنائي الشيعي وعلى عكس ما يشاع لم يبحث الملف الحكومي بعمق بعد ولم يباشر التشاور بشأنه. وتؤكد مصادر الثنائي ان اي موقف لم يتخذ بعد بين رئيس مجلس النواب نبيه بري و»حزب الله» وان الثنائي لم يبلغ اي طرف موقفه، ومثل هذا الامر ينطبق على رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي. حتى الساعة لم يحسم الثنائي قراره النهائي من ميقاتي ولا الاخير تحرك باتجاه اي من الثنائي.

 

بالمقابل من المنتظر تبلور موقف «التيار الوطني الحر» النهائي عقب اجتماع التكتل هذا الاسبوع ولو ان رئيسه جبران باسيل سبق وحدد مواصفات رئيس الحكومة الذي يراه «التيار» مناسباً، وهو ذاك الذي يلتزم جملة شروط من بينها التدقيق الجنائي وخطة الكهرباء. اي ان «التيار» يريد التزاماً واضحاً من اي رئيس حكومة لتسميته، اما نواب التغيير فمن غير المعروف بعد في اي اتجاه سيكون تموضعهم ومن هي الشخصية الاقرب اليهم لترشيحها، وهل سيتفقون على رأي موحد؟ سبق واعلن احدهم الاتجاه لتوحيد الموقف لكن حتى الساعة لم يتّحد هؤلاء في كتلة واحدة، بدليل اللائحة التي سلمتها دوائر الامانة العامة لمجلس النواب الى قصر بعبدا والتي لم تدرج اي لائحة لهم في عداد اللوائح الاخرى. كل الانظار شاخصة باتجاه من سيختار هؤلاء وان كانت تصريحات عدد منهم لا تزال توحي بوجود تعاطٍ كيدي اكثر مما هو تعاطٍ مسؤول، ينذر بتعاون مع الآخرين والاتفاق على مرشح انقاذي في الظروف الصعبة التي يعيشها لبنان. الخوف من خيارات صدامية لا تفي بالغرض شبيهة بالاوراق الانتخابية التي شاركوا بها في انتخابات رئيس مجلس النواب ونائبه. الآمال لم تعد معقودة عليهم ولو انهم كتلة مرجحة اذا تراصوا، لكن وضعهم يختلف كلياً عن وضع النواب المستقلين والذين يمكن احتساب عدد منهم في عداد المؤيدين لبقاء ميقاتي، بالنظر الى الفراغ المستحكم على الساحة السنية ولان اي مرشح آخر لن تكون وضعيته ومقبوليته مشابهة لميقاتي، الذي بدأت حكومته ملفات معينة يمكن ان يتابع العمل على تنفيذها. هي ذاتها العملية الحسابية التي انتخب رئيس مجلس النواب على اساسها يمكن ان تنتج تكليف شخصية سنية لتشكيل حكومة، خاصة في حال قررت «القوات اللبنانية» عدم المشاركة في الحكومة فعلياً، وحينها يكون قرارها غير مفهوم طالما انها حكومة منبثقة من نتائج الانتخابات النيابية التي فاز نواب «القوات» على اساسها.

 

المعضلة هنا ان الاكثرية التي افرزتها صناديق الاقتراع لن يكون عليها التحكم بقراراتها كأكثرية لانها عبارة عن اقليات داخل اكثرية، لا يمكنها ان تكون مجتمعة تحت سقف موقف واحد بالنظر لتباعد الرؤى واختلافها. حتى الساعة كل الافرقاء يتلطّون خلف انتخابات اللجان والتشاور بين الكتل للخروج بموقف حول شخصية الرئيس المكلف تشكيل حكومة، ما يعني ان المشاورات الحكومية لن تكون قبل الاسبوع المقبل اي بعد تبلور شخصية او شخصيتين مرشحتين لترؤس الحكومة، بالمقابل لم يرس الموقف الفرنسي على بر حكومي بعد. والسفيرة الفرنسية آن غريو انما تستعجل اثبات حضور بلادها في الاستحقاق بينما لم تبلغ درجة ابلاغ موقف واضح لاي جهة سياسية التقتها. سبق ولمحت ان بلادها لا تمانع في بقاء ميقاتي ثم لمّحت لمرشح بمواصفات النائب نزيه البزري. بينما الجانب السعودي ليس بوارد التعاطي مباشرة بعد. طلبت منه فرنسا الا يترك لبنان وحيداً في ازمته المالية فهل يكون الثمن دخوله مباشرة على خط الرئيس المكلف ام رئيس الجمهورية ام كلاهما معاً؟

 

عدم الوضوح يشي بامكانية ان يكون ميقاتي الاوفر حظاً والمستعد لتشكيل حكومة بتكليف لا يتجاوز 65 صوتاً نيابياً، لكنه ليس بوارد التوقيع على بياض حكومي من دون تفاهم على مرحلة من التعاون تختلف عن سابقاتها. تقول مصادره ان رئيس حكومة تصريف الاعمال لا يزال يتهيب الموقف بالنظر الى الصعوبات، وقراره النهائي يتخذه في ضوء المستجدات، ملمحة الى ان اي طرح حكومي جدي لم يوضع على النار بعد وان الامر مرتبط بالتسهيلات التي يمكن اعطاؤها لحكومته، على صعيد مفاوضاته مع صندوق النقد وخطة التعافي واقرار ما يلزم من قوانين بشأنها في مجلس النواب. ميقاتي الذي استبق المشاورات النيابية بالاعلان انه ليس مهرولاً ولا انتحارياً ستكون له شروطه بالمقابل. في لبنان حتى الاستحقاق الحكومي عبارة عن بازار يرفع كل طرف سعره كسقف للتفاوض ثم يعود ادراجه الى عالم الواقع وهذا هو وضع المفاوضات الحكومية.