IMLebanon

التكليف ومهمة الإصلاح والإنقاذ وإعادة الاعتبار إلى موقع رئاسة الحكومة

 

 

 

سيكون الرئيس المكلف «نجيب ميقاتي» أمام مهمة بالغة الحساسية والخطورة في تحقيق الإصلاحات واستكمال المفاوضات التي بدأتها حكومته الأخيرة مع صندوق النقد الدولي، والعمل على إنقاذ لبنان من الانهيار التام، وإعادة الاعتبار إلى موقع رئاسة الحكومة وصلاحيات رئيسها الدستورية التي استباحها العهد منذ ست سنوات، سواء لجهة المساومات المرفوضة التي يقوم بها التيار الرئاسي على شخص رئيس الحكومة، أو لجهة الشروط المسبقة – في عملية التأليف قبل التكليف – على أي مرشح لموقع الرئاسة الثالثة. وقد أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال «نجيب ميقاتي» قبل تكليفه مجدداً بتشكيل الحكومة في 22 حزيران 2022 عن معارضته للاستمرار في هذا النهج اللادستوري، ورفضه تحويل موقع رئاسة الحكومة وشخص رئيس الحكومة مادةً للتسويات.

ad

ومع ذلك يشهد الواقع الحكومي على هذه الاستباحة المتكررة للنصوص والأصول الدستورية، وعرقلة تشكيل الحكومة، وتعطيل مهمة الرئيس المكلف، وتعزيز «ميثاقية الفراغ» على حساب «دولة القانون والمؤسسات» منذ بداية عهد الرئيس «ميشال عون» مع كافة المرشحين لرئاسة الحكومة، بمن فيهم المكلفين والمشكلين، والمعتذرين عن تشكيل الحكومة، وهم على التوالي: 1- الرئيس سعد الحريري (الحكومتين الأولى والثانية في العهد). 2- الرئيس حسان دياب (الحكومة الثالثة). 3- السفير مصطفى أديب (اعتذر بعد شهرٍ واحد من تكليفه بسبب عرقلة تشكيله لحكومة مهمة وفق المبادرة الفرنسية). 4- الرئيس سعد الحريري (اعتذر بعد تسعة أشهر بسبب رفضه للشروط الرئاسية المخالفة للدستور ولبنود المبادرة الفرنسية في تشكيل حكومة مهمة من الاختصاصيين المستقلين). 5- الرئيس «نجيب ميقاتي» (الحكومة الرابعة بعد القبول بشروط بعبدا وتوجيهات الإليزيه وإفراغ بنود المبادرة الفرنسية من مضمونها!).

التوقعات والأرقام قبل ساعات قليلة على بدء الاستشارات كانت تشير بوضوح إلى الذهاب نحو إعادة تكليف الرئيس «نجيب ميقاتي» في ظل التعددية السُّنية المشتتة التي أفرزتها الانتخابات النيابية الأخيرة، وأوهام الأكثرية النيابية المؤلفة من القوى السيادية ونواب التغيير والمستقلين، وهي غير موجودة أصلاً، بدليل حصول المرشّح الأوحد الرئيس «نبيه بري» على الأكثرية المطلقة في الدورة الأولى من انتخابات رئاسة المجلس النيابي (65 صوتاً)، وانتخاب النائب «إلياس بو صعب» نائباً لرئيس مجلس النواب بنفس عدد الأصوات في الدورة الثانية. وقد حصل الرئيس «نجيب ميقاتي» في استشارات التكليف الملزمة على (54 صوتاً) في مقابل حصول المرشح المنافس السفير «نواف سلام» على (25 صوتاً فقط!)، وذلك بعد إخفاق المعارضة في الإتفاق على تسميته أو تسمية مرشح آخر، وذهابها مجدداً نحو تأكيد عدم قدرتها على تظهير نفسها وتوحيد موقفها في المعارك والاستحقاقات الدستورية الكبرى، مع العلم بأن طرح ترشيح شخصية سيادية ومستقلة كالسفير «نواف سلام» لم يلقَ تجاوباً كاملاً من قوى المعارضة بسبب انقسامها حول قدرته الفعلية على تشكيل حكومة في ظل «الإجماع الشيعي» و«الدعم السُّني المقبول» الذي بات يحوزه الرئيس «نجيب ميقاتي» لاستكمال دوره في إجراء الإصلاحات المطلوبة وإنجاح المفاوضات التي بدأتها حكومته الأخيرة مع صندوق النقد الدولي.

ولن تكون مهمة الرئيس ميقاتي سهلة في تشكيل الحكومة ونيلها للثقة في ظل عدم تسميته من الكتلتين المسيحيتين الأكبر في مجلس النواب. وكذلك مهمته في إعادة الاعتبار إلى موقع رئاسة الحكومة، أقلّه لجهة صلاحية رئيسها في تشكيل الحكومة وفقاً للبند 2 من المادة 64 من الدستور، ستكون أعقد ومحكوم عليها بالفشل مسبقاً في حال تمسّك العهد بشروطه المسبقة، ولو كلّف ذلك فراغاً شاملاً في السلطة التنفيذية. ولما لا الذهاب إلى مؤتمر تأسيسي جديد بعد تعميم الفراغ الرئاسي والحكومي، وإنهاء «حرب الصلاحيات» برعاية دولية تمهد للقبول بتعديل اتفاق الطائف أو إلغائه!. والسؤال الأهم قبل الوصول إلى ما يتم التداول به من عقد مؤتمر دولي تأسيسي للبنان: هل لا تزال هناك فرصة أمام الرئيس المكلف لإنجاز الإصلاحات المطلوبة بالتعاون مع مجلس النواب، وتوقيع الإتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي؟ وهل لا يزال ممكناً تصحيح المسار الدستوري، وإعادة التوازن الوطني الذي أرسى دعائمه اتفاق الطائف، وفرض احترام الصلاحيات الدستورية على الجميع؟. يحتاج الأمر إلى إرادة وعزيمة وصلابة موقف، وتوحيد الصف الإسلامي والوطني من خلف الرئيس المكلف لإنقاذ لبنان، وإعادة الاعتبار إلى موقع رئاسة الحكومة وأسس النظام البرلماني في لبنان.