IMLebanon

حكومة الطوائف…

 

انتهت رهجة العهد الجديد وسقطت أقنعة التوافق عند استحقاق التأليف، فكشّر كل فريق عن أنيابه ليقضم أكبر حصة وزارية، بعدما بات البازار علنياً، والتفاوض على الحقائب نصراً للطائفة، ومكسباً للحزب!

لطالما كان لبنان أسير الطائفية السياسية المقيتة، ولكن الخطاب في الآونة الأخيرة بلغ دركاً بعيداً كل البعد عن الوطنية، حيث يحاول كل زعيم خوض حربه الصغيرة لتحصيل «السيادية» أو «الخدماتية» لطائفته أو حزبه… في حين فقدنا جميعاً معنى السيادة في وطن، ارتهن فيه البعض للخارج، والبعض الآخر لمصالحه الشخصية الضيّقة، وأفرغت الخدمات من محتواها فتحوّلت إلى مغارة علي بابا، تقدّم كل شيء ما عدا الخدمات!

وعلى الرغم من هشاشة الوضع، راهن اللبنانيون على العهد الجديد، آملين إعادة هيبة الدولة المفقودة، وإحياء المؤسسات التي أدخلت في غيبوبة قصرية، ولكن يبدو أن للتوافق والوطنية حدوداً، ويبقى منطق المكسب الطائفي هو الأقوى. ومن هنا تعود هواجس ما قبل الرئاسة والتكليف، حول ضمانات حقيقية لانطلاقة جدية وعمل حكومي منتج، بعيداً عن التعطيل والكيديات والحروب الباردة التي لم يدفع ثمنها سوى المواطن البسيط ، في أمنه وصحته ولقمة عيشه.

أما إذا كان الأداء الحكومي مرتبطاً بالذهنية الضيّقة التي ترافق التأليف، فعلى الوطن السلام، لأن الموارنة والأورثوذكس والسنة والشيعة والدروز والأرمن سيخوضون حروبهم الطائفية في السراي الكبير، كل محاولاً شدّ عصب طائفته وتوسيع قاعدته الشعبية تحضيراً للانتخابات المقبلة، بغض النظر إن كان على حساب دولة المؤسسات أو مصلحة الوطن العليا!

لقد أنهك اللبناني من جرعات التفاؤل والتشاؤم التي تداورت في الفترة الأخيرة، من دون أن يكون لها أسس متينة تبنى عليها الدولة وعمل مؤسساتها. إن الواقع المخيف الآتي هو استمرار الذهنية الحالية في تقاسم الملفات المثقلة بالصفقات من بترول ونفايات واتصالات ومساعدات للنازحين وما إلى هنالك من خيرات متبقية يعوّل عليها لإنعاش الاقتصاد وإخراج الوطن من عبء المديونية التي باتت تفوق طاقاته المتواضعة على التحمّل!

تؤلف الحكومة أو لا تؤلف، بتوافق أو بدونه، المهم أن يتم الإجماع على ضرورة الحد من حرب المصالح الدائرة رأفة بالبلاد والعباد لإخراجهم من النفق السياسي والاقتصادي المظلم.