IMLebanon

«عقارب» العهد يُعطِّلها عناد «الحزب».. والحريري

 

يبدو أنّ المعادلة المطروحة هي أن «لا حكومة دون «حزب الله» ولا حكومة معه»، وبالتالي يجزم المطلعون ان لا حكومة في الأفق، بالرغم من أنّ مصادر قريبة من «الحزب» اعترضت على خبر تسرَّب عبر بعض الوسائل الاعلامية، يفيد انّ الولايات المتحدة لا تعترض على مشاركة «الحزب» في الحكومة المقبلة، الأمر الذي اعتُبر كلاماً اعلامياً فقط، إلّا إذا شارك «الحزب» في الحكومة من خلال وجوه تكنوقراط. فيما رجحت اوساط معارضة إمكانية تشكيل الحكومة اذا اقتنع «حزب الله» بالإنسحاب الظرفي في المرحلة الحالية من السلطة التنفيذية، واعطى الحكومة المفترضة المجال للخروج من «الورطة الاقتصادية» التي يتخبّط فيها لبنان.

هذا في «المشهدية المطلبية» للانتفاضة، أما في «المشهدية الواقعية» اليوم، فيتضح انّ «حزب الله» يصرّ على تبريد العلاقة مع رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري، بل يبدو انّه يصرّ على الحريري لرئاسة الحكومة بعكس موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي يحاول في كل فرصة التلويح للحريري بأنّه ليس بالاهمية التي يعتقدها، وبأنّ العهد عازم على استبداله باسم آخر.

 

إلّا انّ قرار الرئيس اصطدم بقرار الحزب الذي فرمل التوجّه الى كسر الجرّة مع الحريري. والدليل، انّه كلما لمّح عون الى موعد بدء الاستشارات النيابية يخرج كلام علني من الحزب يطلب من فخامته التريث، لأنّ المفاوضة لم تنتهِ مع الحريري، الذي يرفض ترؤس حكومة بغير شروطه… الامر الذي يعيده اللاعب القوي سياسياً على الساحة اللبنانية على قاعدة «عرف الحبيب مكانه فتدلل».

 

عن هذا الواقع، يعلّق أحد أبرز أركان الرابع عشر من آذار، «لقد اصبح الموارنة والدروز على كراسي الاحتياط في السياسة… ففي عام 2005 كان الموارنة والدروز يقودان قاطرة الانتفاضة، وقد التحق السنّة وجزء من الشيعة بهذه القافلة مع اغتيال الحريري. لكن العلامات الفارقة في انتفاضة اليوم هي كفررمان وبعلبك وطرابلس…».

 

ويُذكر أنّ «الحزب» مضطر لمواجهة قرار المحكمة الدولية في نهاية السنة، وهو اليوم بأمسّ الحاجة الى «حريري سنّي» يمكنه التحاور مع الخليج والمفاوضة في اميركا. أما مراهنة «حزب الله» على الوقت وعلى تعب الثوار فيوضح الركن، «انّ الثوار لن يتعبوا وأنّ الانهيار المالي اسرع من تعبهم.

 

كما ليس صحيحاً انّ هذا الانهيار لن يصيب «محيط الحزب»، لأنّ من بين 800000 لبناني يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية هناك 400000 منهم في القطاع العام، وهناك بالحدّ الأدنى 150000 مواطن شيعي من بينهم بين عناصر الجيش والامن العام وامن الدولة وموظفين وجمارك».

 

الضغوط الخارجية

 

يقول المقرّبون من الحريري عن الرسائل الدولية الغربية والعربية، بوجوب تشكيل حكومة منقذة في اسرع وقت. لكن يوضحون انّ المساعدات المنتظرة والصناديق العربية «لن تكون هدية او هبة. إذ انّ أحداً لا يضع أمواله في كيس مثقوب، وحين تكون الثقة مفقودة بين اركان السلطة فكيف للعرب او للغرب ان يثقوا بنا؟».

 

أما بالنسبة الى حكومة المواجهة التي يُروّج لها اعلامياً، فيؤكّد هؤلاء، انّه اذا دعمت تلك الحكومة روسيا او الصين فهذا سعي مشكور، ولكن حتى الساعة يبقى الدعم الصيني او الروسي المطروح دعماً اعلامياً كلامياً، وترجمته تكون بضخ مليارات الدولارات عملياً في البلاد… «وعندئذ سنكون صينيين».

 

 

ويكشف صديق مقرّب من الحريري لـ«الجمهورية»، انه اوصل الى رؤساء الحكومة السابقين، يطلب منهم عدم ذكر اسمه لرئاسة الحكومة المقبلة، لأنّه لن يشكّل حكومة وفق شروط الغير… كما اسرّ لصديقه عن الاسماء السياسية الاربعة المقترحة للانضمام الى الحكومة المقبلة إذا ما وافق عليها بالقول: «اننا سنبقى محلنا»، واضاف: «المشكلة انّهم ما زالوا متمسكين بهذه الاسماء».

 

فيما يؤكّد الصديق أنّ الرئيس الحريري «كان فعلاً راغباً جداً بتسمية الصفدي، وكذلك نواف سلام، كما وافق دون جدال على بهيج طبارة، علماً أنّ مواقفه ضد الحريري منذ زمن، كذلك بالنسبة لسمير الخطيب. وحين سئل الخطيب عن صحة تأييد الحريري له أجاب صديقه «ايّدني بالمطلق دون تحفّظ»، وبذلك يضيف صديق الحريري: «ليس حقيقياً القول اليوم انّ الحريري هو المعرقل».

 

ويضيف الصديق: «يمكنهم تشكيل الحكومة بالتفاهم مع الحريري، وكذلك يمكنهم تشكيلها ضد إرادة الحريري، ويمكنهم تشكيل حكومة لا تستفز الحريري ولا غيره، فيقولون بالتالي للرئيس المكلّف اطلقنا يدك وشكّلها كما تريد دون احزاب. فمن سيعارض عندها اذا عيّن اسماء غير مستفزة؟».

 

ويلفت الصديق الى الحقيقة الوحيدة، وهي انّ «حزب الله» هو حزب براغماتي يدرك أهمية موازين القوى ويستدرك الاخطار الموجودة، لأنّه يعلم ماذا حصل في العراق، وأصلاً لم يحصل الحزب على فرصة افضل من فرصة الحريري الذي «زعّل السعوديين والاماراتيين والولايات المتحدة كما زعّل ناسه»، وقال للحزب: «لنعمل وايّاك لنشكّل معاً صيغة مشتركة للخروج من الأزمة فكانت التسوية…».

 

لذلك، الحزب هو فعلاً متمسّك به اليوم اكثر من اي وقت مضى.

 

اما عن الضغوط التي قد يتّبعها الحزب او البعض في مواجهة الحريري لإرغامه على ترؤس الحكومة المقبلة، فيؤكّد صديق الحريري أنّه جاء الى الحكومة وهو صاحب مليارات ورئيساً لأكبر شركة في الشرق الاوسط، وما ان دخلها حتى اصبح مفلساً، أفلسته الحكومة وتوقف عن دفع رواتب حتى اقرب الناس اليه. وذكر انّ حصانة الحريري التي يهوّل البعض بكسرها هي حصانة معنوية استمدّها من الشعب وليست من منصبه، بل منذ استشهاد والده رفيق الحريري…

 

واضاف: «ربما من «افاضل» هذه الثورة انّها نقلت احتكار الفساد من طائفة الى كل الطوائف».

 

وإذا اصبح الفشل واقعاً ثابتاً بالنسبة الى التأليف وبقيت الحكومة الحالية «تصرّف الاعمال»، يعلّق المقرّبون من الحريري «سنصبح نحن في مصرف المجرور الخاص بالدول الكبرى»… ويبقى ان نعوّل على رجاحة عقل الثنائي الشيعي… او على صمود «الثورة التغييرية».